لا أحد يعلم بالضبط متى دخل مدفع رمضان لبنان، ففي حين يرده كثيرون الى أيام المماليك الذين بدأوا استخدامه في مصر، يؤكد آخرون انه دخل أيام الحكم العثماني حيث لا يزال يستعمل حتى الآن، تحت اسم «مدفع الافطار» لأن دويه لا يسمع الا عند اعلان موعد الافطار. وعلى الرغم من أن مدافع الحرب الأهلية طغت على صوت مدفع الافطار لسنوات طويلة الا انه عاد بعد توقفها ليدوي بصوته لحظة غروب شمس كل يوم من أيام رمضان. تاريخيا اقتصر وجود مدفع الافطار في لبنان على المدن الكبيرة، خصوصا الساحلية منها، وكان يطلق من القلاع التاريخية الموجودة في التلال المحيطة بهذه المدن كالقلعة البرية في مدينة صيدا في جنوب لبنان، وقلعة طرابلس في الشمال، وغيرهما في المناطق الأخرى. واليوم انتقل المدفع من هذه القلاع الى أمكنة أخرى حيث تتولى وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في المناطق اطلاقه لدى غروب شمس كل يوم. واذا كان جمهور مدفع الافطار في لبنان بدأ التناقص، ولم يعد عدد الذين ينتظرون دويه يتجاوز المئات، فان لذلك أسبابا عديدة يأتي في طليعتها قيام بعض محطات التلفزة بنقل مشهد اطلاق المدفع بالصوت والصورة، ليحل مكان صوت المدفع الحقيقي الذي خفت، ولم تعد أبنية المدينة وآذان الناس تهتز من صداه.