ينغمس العرافون والمنجمون في التدجيل والكذب وفي الاستخفاف بالعقول بدعوى أن أذهانهم أثقب في المعارف وفي إدراك الحسابات الفلكية. رؤساء عدّة قتلوهم وفنانون نجوم أماتوهم ومشاهير في الرياضة دفنوهم بلا ذنب والمبدأ «دز تخطف». أستاذنا الفاضل نصر الدين الشابي (حماه اللّه من كل سوء) أقر في تصريح ل»الشروق» (بتاريخ 28 12 2003) أن حساباته الفلكية دلّته على وفاة الرئيس العراقي صدام حسين ستكون اثر نوبة قلبية وشيء كهذا لم يحدث. حساباته الفلكية دلته أيضا أن جورج بوش الابن سيتعرض (خلال 2004) لأزمة قلبية حادة يدخل على اثرها للمستشفى وتنبأ أيضا بموت جورج بوش الأب وبانتحار مسؤول سياسي له نفوذ في السياسة الأمريكية ولم يحصل أي شيء من هذا التدجيل وهذه التنبؤات بل بالعكس كل من «قتلهم» أستاذنا الفاضل ازدادوا صحة ونفوذا. قريحة الشابي تتفجر مرة أخرى لتتنبأ برحيل شارون عن رئاسة الحكومة وبوفاة الأديب نجيب محفوظ وبتعرض الفنان عادل إمام إلى حادث مرور وبفوز النادي الافريقي بكأس تونس. وهي تنبؤات جانبت الواقع؟ أستاذنا الفاضل حسن الشارني سقط من جهته في جو الاستمتاع بإماتته الغير واللّهو بمصائرهم فقد صرح لمجلة الملاحظ (بتاريخ 17 ديسمبر 2003) متنبئا بفضيحة أخلاقية تتورط فيها ممثلة معروفة بل أن حساباته الفلكية وذهنه الثاقب شرع له التنبؤ بموت مطربة شابة صوتها يعجب النقاد وبموت 4 شخصيات من الممثلين المصريين وبوفاة 3 مطربات عربيات من الرعيل الأول ووفاة مخرج تونسي بشكل مبكر وبوفاة ممثل في سنّ المرحوم علاء ولي الدين. لتتحول سنة 2004 عند هذا الفلكي إلى سنة حافلة بالأحزان أموات لا تحصى (من الفنانين خاصة) وباختصار لا شيء يبشر بخير ولا شيء مما تنبأ به قد حصل. **تعسف إطلالة ثالثة ورابعة على تنبؤاتهم وبشيء من التعسف قد نعثر على تكهنات جانبت الصواب فالشابي قال ان شخصية فلسطينية شهيرة سترحل وتترك فراغا كبيرا في السلطة وبتواصل المعارك بين مقاتلي طالبان والقوات الحكومية والشارني تحدث من جهته عن زواج كوثر الباردي وما عدا ذلك فإن سنة 2004 دلت بما لا يجلب الشك أن هؤلاء «الفلكيين» جانبوا الحقيقة وان تكهناتهم لم تكن سوى ضربا من الخبط العشوائي الذي لا يستند إلى أي علم. والسؤال هل مازلنا نؤمن بهذه الخزعبلات؟ وهل حان الوقت لتجفيف المستنقعات التي تعشش وتحيا فيها مثل هذه الترهات؟ وفي انتظار ذلك دعونا نتنبأ فسنة 2005 ستشهد زيادة 3 حافلات صفراء والمطر سينزل أكثر في شمال البلاد! وسنظل نهتم بهؤلاء العرافين من باب الفضول والتندر لا غير.