في عالم يوصف بالجنون قد تتفتق مواهب الابداع لدى بعض الأشخاص او الشركات او المؤسسات الحكومية والدولية فيخرجون على البشرية بابتكارات واختراعات لا تخطر على بال واحد. فمن هؤلاء استخلص الوقود من قصب السكر، وآخرون استخلصوه من زيت عباد الشمس، وباحثون ابتكروا غطاء هاتف محمول يتحول الى زهرة عباد الشمس عند التخلص منه، وغير هؤلاء ابتكر تقنية جديدة تفضح عقول الكاذبين، وآخر ابتكر جهاز للكشف عن الطعام الفاسد... كل هذه الاكتشافات والاختراعات الطريفة وغيرها جمعناها لكم في هذا التقرير. ففي جنوب الصين بدأت الهيئات الحكومية في دراسة وتطوير كحول من قصب السكر يستعمل في وقود السيارات. وقد كانت الصين تنتج وقود الكحول (نوع من الطاقة الخضراء) باستخدام الذرة الصفراء والحبوب الغذائية ولكنها لم تكن تنتجه باستخدام قصب السكر ولذلك طلبت الهيئات من هذه المنطقة ومقاطعة «قوانغدونغ» جنوب الصين العمل من أجل دراسة وتطوير هذا الوقود من قصب السكر. يذكر ان الصين تزرع حوالي 85 مليون طن من قصب السكر سنويا وتنتج منها أكثر من 500 ألف طن من كحول الطعام فقط. **وقود عباد الشمس ودائما نتحدث عن الوقود ولكن من زيت عباد الشمس هذه المرة. اذ يقول باحثون بريطانيون انهم نجحوا في ابتكار أسلوب جديد لاستخراج الهيدروجين من زيت عباد (دوار) الشمس لاستخدامه في خلايا الوقود وان «طاقة الزهور» قد تصبح مصدرا للطاقة النظيفة في المستقبل. وأوضح الباحثون ان زيت عباد الشمس يمكن استخدامه لا في الطهي فحسب بل كوقود للسيارات ومصدر للطاقة في المنازل والمصانع. ويبدو ان عباد الشمس قد اخذ حظه من الأبحاث والابتكارات في سنة 2004 بما فيه الكفاية، اذ ابتكرت شركة «فاكس» للبحوث والتطوير بناء على طلب من شركة «موتورلا» لصناعة أجهزة الهاتف المحمول مادة من «البوليمر» تتحلل في التربة عند الاستغناء عنها. وقال علماء ان غطاء الهاتف المحمول المصنوع من هذه المادة يتحول الى زهرة عباد الشمس عند التخلص منه كيف ذلك. الحكاية ببساطة ان غطاء الهاتف يحتوي على بذرة عباد الشمس تتغذى على النترات التي تتكون عند التخلص من هذا الغطاء. وقالت شركة «موتورلا» انها لم تقرر بعد هل ستطرح طرازا باستخدام المادة الجديدة والذي سيستغرق حتى الربع الثاني من عام 2005. **ذكاء ولان موهبة الابداع والرغبة في اكتشاف كل ما هو جديد وفريد من نوعه لا تنتهي بين بني الانسان فقد نجح العلماء في الولاياتالمتحدة واستراليا خلال العام 2004، في تطوير تقنيات نسيجية جديدة لغزل الصوف والألياف الأخرى لانتاج خيوط ذكية مصنوعة من أنابيب كربونية دقيقة، وهو ما يساعد في انتاج أقمشة ذكية ومرنة خفيفة وقوية في المستقبل. وقد تمكن العلماء في مركز «الكومنولث» الاسترالي للصناعات النسيجية والألياف بالتعاون مع معهد تكنولوجيا «النانو» بجامعة تكساس الامريكية، من تصنيع أنابيب كربونية دقيقة صناعية ذات خصائص فيزيائية فريدة تشمل القدرة على توصيل الحرارة والكهرباء، وبالتالي يمكن استخدامها في تصنيع مواد خاصة ذات تطبيقات علمية متعددة، وأشار هؤلاء الى أن الخصائص المميزة لهذه الأنابيب او الخيوط، تساهم في استخدامها لانتاج صداري ودروع جسدية ناعمة واقعية من الرصاص والذخائر الباليستية الصغيرة الأخرى. وفي سياق الاختراعات الذكية أيضا ابتكر باحث تشيكي نوعا من الاحذية الخاصة يصدر اهتزازات وترددات تساعد فاقدي البصر على الرؤية أثناء السير بأقدامهم وتجنب العقبات. ويحتوي هذا الحذاء والذي اخترعه «انطوني كسبارا»، وهو من منطقة هلوك بجمهورية التشيك، على جهاز خاص موجود في نعل الحذاء، تنبعث منه حزمة ضوئية من الاشعة تحت الحمراء، فيقوم جهاز الاستشعار بالتقاط الضوء المنعكس من العقبات التي تعترض سبيل مرتديه مما يؤدي بدوره الى تشغيل جهاز يعمل على حث أرضية الحذاء لاصدار الذبذبات لتحذير منتعله. وأوضح «انطوني كسبارا» أن هذا الحذاء يعتمد في عمله على استشعار الذبذبات التي تنتج من اصطدام الأشعة تحت الحمراء التي تصدر من الجهاز الموجود بنعل الحذاء مع العراقيل المختلفة بالطريق، وهو نفس ما يفعله الوطواط، حيث يعتمد على التردد الناتج عن الصوت الذي يطلقه في التعرف على العقبات التي تعترض طريقه. وأضاف أن الحذاء يعمل ببطارية يجب تغييرها يوميا، كما يمكن تصميمه وتصنيعه باستخدام مواد بسيطة لا تتجاوز تكلفتها 11 جنيها استرالينيا (حوالي 22 دينارا)، مشيرا الى أنه قد يطرح في الأسواق في العام 2005. **الكذب ولا تختلف حكاية الذكاء عن الاستيعاب والتحصيل العلمي فقد أصبح بامكان الطلاب من ضعيفي الاستيعاب الاستفادة من المكملات الغذائية الجديدة التي صممت لرفع كفاءة الوظائف الذهنية وزيادة الذكاء والنشاط الدماغي وتحسين الأداء والتحصيل الأكاديمي، اذ بينت التجارب التي أجريت على 123 طفلا في المدارس الامريكية أن 40 في المائة من الأطفال الذين تناولوا ست كبسولات يوميا من أقراص غذائية تحتوي على زيت السمك وزيت زهرة الربيع أظهروا أداء أفضل وقدرات على القراءة وزيادة في مدة التركيز والانتباه، ولاحظ المعلمون تحسنات كبيرة في سلوك الأطفال الذين تعاطوا الكبسولات المذكورة التي أطلق عليها اسم «آي كيو» خلال أسابيع قليلة. وقال الخبراء ان للمكملات الغذائية تأثيرات مدهشة على الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم وضعف الاستيعاب حيث زادت قدرات القراءة لديهم بما يعادل 18 شهرا الى أربع سنوات وزادت الانتباه بنسبة عالية وصلت الى 400 في المائة مشيرين الى أن التلاميذ ضعيفي الاستيعاب والتحصيل العلمي غالبا ما يعانون من مشكلات معينة في التركيز والانتباه مما يؤدي الى صعوبات في القراءة والتهجئة وغيرها فيفقد هؤلاء التلاميذ بسببها ثقتهم بأنفسهم ويشعرون بالعزلة عن أقرانهم. وبما أننا نفذنا الى الأدمغة فلا بد ان نورد ما توصل العلماء الى اختراعه خلال العام 2004 فقد أكد باحثون أمريكيون ان استخدام تقنيات الرنين المغناطيسي للمخ توضح ان أمخاخ من يكذبون تبدو مختلفة بشدة عن أمخاخ أولئك الذين يقولون الحقيقة. وأوضح الدكتور «سكوت فارو» مدير مركز التصوير الوظيفي للمخ بكلية الطب بجامعة «تيمبل» في فيلادلفيا أن هناك مناطق فريدة في المخ تشارك في الخداع وأخرى تشارك في قول الصدق يمكن قياسها باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي. وقال فريق «فارو» لجمعية الطب الاشعاعي بشمال أمريكا أنهم عثروا على سبع مناطق نشطة في مجموعة الخداع، كما عثروا على أربع مناطق نشطة للصدق. وتوصل «فارو» الى انه بوجه عام يبدو ان الامر يتطلب مجهودا أكبر من المخ في حالة الكذب عنه في الصدق. ومن ناحية أخرى يعمل العلماء الامريكيون حاليا على تطوير تقنيات للتعرف على الكذب قد تقود الى التخلي عن آلات «البوليغراف» الحالية، وذلك بعد ما يقارب من قرن من الابحاث العلمية على طرق كشف الكذب. ويحاول باحثون في جامعة «هيوستن» التحقق من الصدق والكذب بقياس مستويات حرارة الوجه، بينما اعلنت باحثة في كارولينا الجنوبية انها عثرت على «مفتاح الحيلة» داخل موجات الدماغ وبين هذا وذاك يحاول العلماء تلمس مختلف سبل التعرف على الكذب سواء برصد مخططات الكلام والحديث او حركة العيون او بصمات المخ البشري. وكان «لوانيس باقليديس» الخبير بجامعة تكساس و»جيمس ليفاين» الباحث في «مايو كلينيك» قد اختبرا طريقة للكشف عن الكذب برصد الحرارة قرب العينين، وهي تنتج عند ازياد تدفق الدم لدى الأشخاص الكاذبين. ويقول بافليديس ان جهاز لمسح حرارة الوجه وكشف الكذب سيكون جاهزا في منتصف عام 2005 المقبل. **أنوف ومن جهاز الكشف عن الكذب الى جهاز الكشف عن الطعام الفاسد، فقد تمكن مبتكر أمريكي من تطوير أداة تساعد في الكشف عن وجود جراثيم سامة في الطعام بدقة شديدة وسرعة عالية في المطاعم والمحلات الغذائية والمنازل، واعتبر مبتكر الجهاز «بارت وايمر» ان التوفير في الوقت الذي يقدمه الجهاز هو أمر حاسم ودقيق وخاصة في حالات الوباء. وأوضح «وايمر» وهو أخصائي في علوم الجراثيم بجامعة ولاية «أوتا» ان التحليل العادي للكشف عن التسمم الغذائي او تلوّث عينات الطعام بالبكتيريا المرضية يحتاج الى عدة أيام في حين يعمل جهاز «اميونوفلو» الذي ابتكره على إظهار النتيجة في غضون 15 الى 30 دقيقة فقط. وقال في تقرير نشرته مجلة «نيوساينتست» العلمية ان الجهاز يكشف عن البكتيريا بصورة أيسر وحساسية أفضل من الفحوصات التجارية المتوافرة حاليا مشيرا الى أنه شديد الحساسية في الكشف عن بكتيريا «السالمونيلا» و»الليستيريا» حتى عند وجود عدد قليل مثل 100 خلية في المليلتر الواحد. وأوضح المبتكر الأمريكي أنه يمكن الحصول على نتيجة فورية بوضع عينة من الطعام أو الشراب المشكوك في الجهاز الجديد لفحصها اذ يتم سحق الطعام الصلب اولا ومزجه مع مقدار قليل من الماء او محلول ملحي متعادل، ثم يدفع من خلال مضخة خاصة تعمل على البطارية الى مكان الفحص. ويرى باحثون ان جهاز «اميونوفلو» الذي يجب وصله مع آلة كبيرة أشبه بجهاز الحاسوب يساعد في تقليل أعداد الأمراض والوفيات المتسببة عن بكتيريا التسمم الغذائي. ومن المقرر ان يستخدم هذا الجهاز في شركات معالجة الطعام، والتفتيش الصحي للكشف عن المطاعم والمحلات الغذائية التي لا تطبق معايير النظافة الموصى بها، كما يمكن استخدامه في المنزل أيضا لفحص الأطعمة المتبقية في الثلاجة لعدة أيام. لكن قد لا يكون لهذا الجهاز أي معنى عند البعض الذين يستعملون أنوفهم للكشف عن الطعام الفاسد. وهذا أنف آخر ليس من تلك الأنوف السالفة الذكر وانما زنف ليزري يكشف معظم الامراض الشائعة من خلال تحليل مكونات نفس الانسان. ويفترض ان يعمل الأنف الليزري وفق قاعدة الكشف عن آثار الغازات المنطلقة من نفس الانسان التي قد تصيبه بالعديد من الامراض، وخصوصا أمراض الجهاز التنفسي. وذكر «انغو انغلبريشت» رئيس المشروع الذي يشارك فيه علماء من بريطانيا وهولندا وايطاليا أيضا، أن نظام الانف الليزري يتألف من جهاز مصغر لاطلاق أشعة الليزر على نفس الانسان، من عدة مسات لتقصي المواد البيولوجية، ومجموعة واسعة من الشرائح الالكترونية البيوولجية التي تتولى تحليل وتشخيص وجود الغازات المختلفة في نفس المريض. ويتوقع الاطباء ان يستخدم الجهاز في البداية في تشخيص أمراض الجهاز التنفسي، وخصوصا سرطان الرئة والقصبات، وأمراض الجهاز الهضمي، وخصوصا أورام الأمعاء الدقيقة والغليظة، وينتظر ان يتوسع نطاق تشخيص الانف الليزري ليشمل المزيد من الامراض. وخطط الباحثون للانتهاء مع المشروع والبدء في «دس» الانف الليزري في نفس كل المرضى مع نهاية شهر جوان 2007.