خبير اقتصادي يحذر: الفصل 57 من مشروع قانون المالية لسنة 2026 يفتح الباب أمام تبييض الأموال ويهدد الشفافية المالية    وزير التجهيز يعلن عن الانطلاق الفوري في استكمال مشاريع بيئية كبرى بقابس بقيمة تتجاوز 200 مليون دينار    نواب البرلمان يطالبون بحلول صحية وبيئية عاجلة لفائدة ولاية قابس    عاجل/ العاصمة: انقطاع المياه بهذه المناطق نتيجة عطب فجئي    حجز أكثر من 29 طنًا من المواد الغذائية وحوالي 4 آلاف لتر من المياه الفاسدة بعدد من الولايات    لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب تشرع بداية من الغد الثلاثاء في النظر في مشروعي قانون المالية والميزان الاقتصادي 2026    عبد الرزّاق حواص: في تونس حتّى ''الملاوي'' أصبحت مستوردة من تركيا    الدورة الاولى لصالون الوسط للإنتاج الفلاحي والتكنولوجيات الحديثة من 30 أكتوبر إلى 02 نوفمبر 2025، بالقيروان    رجة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب وسط البحر الأبيض المتوسط    معركة دبلوماسية عنيفة بين مصر وإسرائيل    من مجموعات "واتساب" غامضة.. إيران تخترق هواتف دبلوماسيين إسرائيليين    ودّع ''ماسنجر'' على الحاسوب! الخدمة تتوقف نهائياً في هذا التاريخ    الرابطة المحترقة الثانية: حسان القابسي مدربا جديدا للبعث الرياضي ببوحجلة    بطولة بريست للتنس: التونسي معز الشرقي يستهل مشواره غدا بملاقاة الفرنسي بوكيي ارتور    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات الجولة العاشرة ذهابا    بعد أكثر من شهرين: ما الجديد في قضية اختفاء طفلة ال15 سنة أسماء الفايدي..؟    عاجل: اصطدام بين المترو رقم 3 و5 .. إصابات وحالة هلع!    الدورة الرابعة لملتقى محجوب العياري للكتاب والآداب تحتفي بالكاتبة حياة الرايس من 24 إلى 26 أكتوبر 2025    بعد الأربعين..أربعة فحوصات دم هامة تنقذ حياتك..    تغيير في القناة الناقلة: الكأس 1 تبث مباراة الإفريقي والمنستير بدلاً من الكأس 2!    عاجل: في تونس...تلميذ على 3 يعانون من قصر النظر    هل تساعد هذه الأقراص على النوم فعلًا؟ دراسة تكشف الحقيقية    تونس تحتفي بالذكرى 198 لعيد العلم الوطني    عاجل/ جريمة قتل "التيكتوكور" خيري عيّاد..تفاصيل ومعطيات جديدة..    هزة أرضية بشدة 8ر4 درجات تضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    نائب سابق يفجر جدلاً واسعا في ايران حول علاقات حميمية لجاسوسة إسرائيلية بمسؤولين: ما القصة..؟!    عاجل:العفو الديواني لا يشمل هذه القضايا    محرز الغنوشي: ''اواخر اكتوبر فيها بشائر ومؤشرات إيجابية ''    السجن 10 سنوات وغرامات مالية لمروّج مخدّرات في الوسط المدرسي بالعاصمة    الحماية المدنية : 338 تدخلا منها 102 للنجدة والإسعاف بالطرقات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    في حركة إنسانية نبيلة: تمكين طفلين قاصرين من لقاء والديهما بعد سنوات من الانقطاع عن رؤيتهما    عاجل: أكاديمية البلديات تطلق وحدة جديدة للرقمنة!    حركة المرور رجعت طبيعية في المدخل الجنوبي للعاصمة!    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة السادسة    احذر.. تدليك الرقبة قد يسبب جلطة دموية وسكتة دماغية    الكندي ألياسيم يتوج بلقب بطولة بروكسل للتنس    الصناعات الكهربائية والميكانيكية في تونس تتحسن استثمارا وتصديرا    مرناق: الحماية المدنية تنقذ 5 متسلّقين علقوا في أعلى قمة جبل الرصاص    عاجل: تذاكر ماتش تونس والبرازيل تتباع على هذا الموقع    مسرح أوبرا تونس يكرّم الفنانة سُلاف في عرض "عين المحبة"    عاجل/ تجميد أموال 48 رجل أعمال..وهذه التفاصيل..    في 7 دقائق: سرقة القرن من متحف اللوفر بباريس وفرنسا في حالة صدمة    أجواء ربيعية خلال ''الويكاند''    عاجل/ قتلى في حادث اصطدام طائرة بسيارة في هذا المطار..    خطير/ دراسة تكشف: تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة..!    في بلاغ رسمي: الداخلية تعلن ايقاف هؤلاء..#خبر_عاجل    الملك محمد السادس يهنئ منتخب المغرب الفائز بمونديال الشباب    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    المهرجان الجهوي للمسرح بتطاوين.. دار الثقافة بذهيبة تتويجات بالجملة    أولا وأخيرا .. هل نحن حقا في تونس ؟    في افتتاح «أكتوبر الموسيقي» بحمام سوسة: توزيع أركسترالي جيّد لأغاني عبد الحليم    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنقذوا أهل غزة من تكنولوجيا (السيرج) ..!
نشر في الوسط التونسية يوم 21 - 05 - 2008

حديث الساعة وكل ساعة، هدفها إلهاء واصراف تام عن قضايانا السياسية وحقوقنا الوطنية المشروعة، وكالعادة أزمة تتبعها أزمة، يقف المواطنون الفلسطينيون اتجاهها في حيرة من أمرهم محاولين أن يجدوا البدائل والحلول التي يمكن أن تعوضهم عنها، دون اكتراث أو مراعاة لما تسببه من آثار سلبية وكوارث تنذر بعواقب صحية وخيمة على المواطنين وسلامة البيئة والصحة. هذا هو المشهد باختصار، كل يوم يكتشف تجربة جديدة يبتدعها أهلنا الغزيون للتكيف مع الحصار الخانق الذي شل كافة مناحي الحياة في القطاع.
وهذا ما أبداه بعض السائقين، الذين تحدثوا لي بإسهاب دون خجل أو ملل عن صراعهم مع الوقود من أجل أن يوفروا قوت أبنائهم، بما تحمله من شتى أنواع المعاناة والمشقة والإذلال التي لا مثيل لها، رغم الارتفاع الخيالي لسعر قالون السولار، من ناحية وضرورة ترخيص المركبة حتى يصرف لهم قالون من الوقود من ناحية أخرى، مما جعلهم يلجئوا إلى البحث عن الوسائل البديلة وعلى رأسها زيت الطهي، وقد أشار بعضهم بأنهم يلجئون لإتباع أسلوب الخلط العشوائي للزيوت بخلط الوقود مع زيت الطهي أو مع "التربنتينة" دون إدراك لخطورة هذه الظاهرة على الصعيد الآني والبعيد، الأمر الذي انعكس سلباً على المواطن الذي أصبح لا يقدر على شراء قالون "زيت الطهي" نتيجة ارتفاع سعره من 30 شيقل ليصبح 40 شيقل, في ظل وضع اقتصادي منهار، لا سيما الحديث عن سلعة غذائية أساسية، بالتالي يلجأ المواطنون لاستعمال الزيت المستخدم وهو كفيل بالتسبب بأعطال كثيرة للمحرك، خاصة أنه غير معالج، ويلحق الأذى بصحة الإنسان.
إذاً هكذا رائحة المدينة، تعج بدخان من المحروقات المختلفة التي تصدر عن المركبات، وما عليك إلا وأن تميز دخانها فتعرف طبيعة نكهتها إما برائحة الغاز أو بطعم البطاطا أو الفلافل أو السمك أو الهامبورجر .... الخ، وبين هذه وتلك ترى المواطنين والباعة المتجولين يضعون كمامات على أنوفهم وأفواههم في إشارة إلى استفحال هذه الظاهرة واختناقهم من الروائح الكريهة المنبعثة عن هذه المحروقات التي لم يعتادوا على استنشاقها من قبل، والممزوجة بروائح النفايات والقمامة الملقاه في طرقات القطاع لعدم توفر وسائل النقل والمعالجة لها، وبين هذه وتلك أيضاً رائحة المياه العادمة المنبعثة من نسيم البحر نتيجة توقف أدوات المعالجة والضخ مما ينذر بانتشار أمراض خطيرة تكون في الغالب مُسرطنة، ونحن مقبلين على فصل الصيف "الحار".
بالعودة للمشهد،.. بائعين .. ومتسولين هنا وهناك منتشرين عند كل مفترق، منهم من يحمل بعض السجائر وأخر البسكويت، ولكن الجديد من يحمل بعض القالونات من زيت الطهي (السيرج) وأخر يحمل العلاج "كممات واقية" في يده وينادي : " اشتري صحتك بشيكل"، المواطنون يتوافدون عليه بلا خجل، وسرعان ما يتقلدونها، وآخرون يستخدمون منديلاً مثل النساء . خاصة المرضى الذين يعانون من أمراض مثل الربو والمشاكل التنفسية، والخطورة أن تداعيات هذه الظاهرة "استخدام زيت الطعام" كبديل للوقود والتي من الممكن أن يعاني منها المواطنون، ستظهر بعد أشهر وفق مصادر طبية متخصصة، التي حذرت مراراً من استخدام الزيوت، لما ينتج عنها من مواد كيمائية جديدة غير معروفة تكون ضارة بالصحة مثل الألدهايد و الكيونات و البيروكسيدات، وعند إضافة زيت طعام المستخدم في محرك السيارة تتكون مواد مسرطنة منها أول أكسيد الكربون والأكديلاميد التي اثبت العلم الحديث أنها مادة ضارة بالصحة العامة، وهذا ما شعرنا به من ضيق ولا أخفي عليكم أني أصبت بالغثيان والصداع، فما بالكم بالأشخاص الذين يعانون من حساسية في الجهاز التنفسي "الأنف والرئتين" وأمراض الكلى، وأصحاب الأمراض المزمنة، لأن زيت الطعام غير قابل للاشتعال الكامل أو الاحتراق، وهو بالتالي يأتي بخلاف أنواع المحروقات الأخرى القابلة للاشتعال بشكل متكامل "كالسولار أو البنزين".
والمشكلة الكبرى التي حدثني بها بعض السائقين الذين وجدوا في السيرج وسيلة تعويضية عن مشتقات الوقود الأخرى في وفرتها وسهولة الحصول عليها من ناحية في ظل تهريب الديزل من خلال الأنفاق من مصر ليباع في السوق السوداء. وصل سعر أللتر منه إلى عشرين شيقلا إسرائيلياً (5.76 دولار) وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف السعر في إسرائيل، ويتجاوز قدرة معظم سكان غزة الذين يعيشون أكثر من نصفهم تحت خط الفقر، أما الناحية الثانية : لا توجد أية مشاكل في محرك السيارة ناتجة عن استخدامها، وهذا ما أكده بعض السائقين الذين وجدوا في زيت الطهي وسيلة ربما يستمرون فيها حتى في حال توفر مشتاقات الوقود الأخرى في مرحلة لاحقة .
وفي الختام نتساءل إلى متى ستستمر المركبات بالعمل على زيت الطهي .. والخشية هنا تبقى من ابتكار اختراع جديد في حالة انقطاع ابتكار صيحة العصر تكنولوجيا "السيرج" من قطاع غزة، عندها هل نلجأ إلى العربة والحمار، أم نذهب إلى مزيد من الابتكارات السامة والمسرطنة والملوثة للبيئة، نصبح من خلالها مكممي الأنف والفم على مدار الوقت..!!
كاتب وباحث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.