متى يعود حنبعل الى وطنه... متى تنتهي غربة القائد العسكري العظيم الذي مازالت خططه العسكرية تدرس في الأكاديميات العسكرية حتى في اولايات المتحدة؟ متى يعود الرجل الذي فضل الموت منتحرا على أن يأسره الرومان الذين هيأوا له قفصا لجوبوا به مدنهم؟ حتى الجنرال «شوارسكوف» قائد «عاصفة الصحراء» على العراق قال إن جنبعل هو مثاله الأعلى وأنه درس كل خططه بل وزاد فقال إنه طبق بعضا منها في حرب الخليج الثانية... طبعا هناك فوارق بين الجنرالين.. فحنبعل لم يشن حربا من أجل البترول ولم يكن وهو قائد الجيش يجلس في مقر قيادة بعيد عن ساحة القتال ولم يكن بوسعه مخاطبة أولاده بالهاتف كل خمس دقائق ومداعبتهم ولم يكن حنبعل يضغط على الأزرار ليفتح باب جهنم ولم يكن يتلقى الأخبار أولا بأول والجرائد والمجلات الخليعة... حنبعل عندما خرج الى روما لكبح تهديدها ودفع بطشها بقرطاج دامت غزوته من أجل الوطن خمس عشرة سنة.. أساطيله فيلة ومع ذلك قطع آلاف الأميال وجند الرجال واستعمل الذكاء قبل السيف... حنبعل كان يعرف قبل «تينيت» وغيره فن معرفة العدو وكانت عيونه مثل السواتل تغامر وراء خطوط العدو وكان خبيرا في الحرب النفسية لبثّ الرعب على غرار الحملات الدعائية حاليا حيث ينشر في الأسرى من الروم أنه آكل للحم البشر وأنه يدق عظام من يقع بين يديه وكان يبث الوهن في أعدائه عندما يزحف عليهم... فيشعل في الليل مواقد أكثر عشر مرات من عدد خيام الجنود فيرى العدو بحرا من العسكر ويتراجع قبل أن يحارب.. كان حنبعل كل هذا وأكثر... حنبعل لم تكن لديه «سي.ان.ان» ولم يكن يقيم الندوات الصحفية ومع ذلك طبقت شهرته الشرق والغرب منذ آلاف السنين.. والى اليوم.. فمن لا يعرف اليوم حنبعل؟ قد تسألون ما الداعي للحديث عن حنبعل.. والجواب بسيط. فهو قبل كل شيء ابن هذه الأرض وهذا وحده يكفي لاستحضاره وثانيا لأنني تذكرت تلك المبادرة الجميلة في استعادة جثمان القائد الكبير حنبعل الى وطنه الذي عاش وناضل ومات من أجله.. الى أين وصلت هذه الفكرة العظيمة.. متى نفك غربة حنبعل؟