أسدل الستار يوم الاربعاء مساء على الدورة السابعة والثلاثين لمهرجان الصحراء الدولي الذي تحتضنه مدينة دوز من 26 الى 29 ديسمبر وقد حققت هذه الدورة اقبالا منقطع النظير من السياحة الداخلية خاصة وهو الرهان الحقيقي للسياحة الداخلية التي لا تتأثر بالتحولات الدولية. هذه الدورة هي الرابعة برئاسة الدكتور فوزي بن حامد عضو مجلس النواب وكانت تتويجا لجهد لم يتوقف لهيئة المهرجان في فتح نوافذ في العالم العربي وأوروبا حتى يكون المهرجان في ستوى انتظارات وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ووزارة السياحة وقد أكد كل من السيد التيجاني الحداد في كلمة الافتتاح أو السيد محمد العزيز بن عاشور في كلمة الاختتام على دور المهرجان كنموذج تونسي في التمسك بالهوية والانفتاح على العالم في ذات اللحظة. وهذا ما ترجمته المشاركة الدولية الواسعة سواء في الجانب الرسمي بحضور سعادة سفراء الولاياتالمتحدةالامريكية وروسيا والصين والنمسا والقائم بالاعمال في سفارة فرنسا وروبار أربان وزير الدولة البلجيكي وعضو مجلس النواب الفرنسي ورئيس بلدية أفريه.. الى جانب الدعم الذي لقيه المهرجان من سمو الفريق أول محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي الذي تبنى سباق دوز الدولي الثالث للفروسية والمداومة الذي ينظمه المهرجان بالتعاون مع الجامعة الوطنية للفروسية الى جانب التعاون مع الاتحاد العربي للمهاري في تنظيم الماراطون الدولي الرابع للمهاري بمشاركة منتخب فرنسا هذا اضافة الى فرق الفنون الشعبية من أعماق الصحراء الليبية والجزائرية من غات وغدامس وفرق الطوارق بوجوههم الملثّمة ورقصاتهم التقليدية التي منحت مدينة دوز بهجة خاصة كما شاركت في المهرجان فرق من الاردن والكويت وكوريا واليونان وفرنسا وحظيت هذه المشاركات الدولية بتغطية اعلامية واسعة من مؤسسة اعلامية مكتوبة ومرئية ومسموعة قدمت عن طريق الديوان الوطني للسياحة لتغطية فعاليات المهرجان. عروض هيئة المهرجان اهتمت بكل فنون الفرجة ففي الشعر الشعبي الذي يحظى بإقبال جماهيري منقطع النظير شارك في مسابقة «الصحراء في عيون الشعراء» 32 شاعرا من تونس وليبيا والاردن ومنحت الجائزة الاولى للبشير عبد العظيم والثانية لمحمد غزال الكثيري وفي عروض الاطفال شاهد الاطفال عروضا مسرحية منها : رحلة السلام لبابا سنيشو والكنوز الخالدة لجمعية الشعاع المسرحي وكورال اذاعة صفاقس وعرض فكير للألعاب السحرية. أما في الفنون التشكيلية فاهتمت الهيئة بأبناء الجهة من خلال تنظيم معرض في دار الثقافة محمد المرزوقي شارك فيه : عماد بالحاج لامعة بوعلاق سناء بن محمد وعبد الله الدالودي وصالح الجمني وعماد الكاروس وقد اطلع كل من السيدين التيجاني الحداد ومحمد العزيز بن عاشور على هذا المعرض وثمّنا اهتمام المهرجان بموهوبي الجهة كما قدّم الفنان الفرنسي ميشال غونس مجموعة من لوحاته المحفورة على الخشب الذي تحدث مطولا مع الوزيرين عن مشاريعه الفنية التي ينوي انجازها في مدينة دوز واعتبر هذا الفنان الفرنسي الذي يمثّل أحد المراجع الأساسية في فرنسا في فن الحفر على الخشب أن دوز هي عاصمة لفنون الصحراء وثقافاتها وألقى كلمة مؤثرة أمام السيد التيجاني الحداد. هيئة المهرجان اهتمت بالعروض الفرجوية من خلال عرض فداوي لبلقاسم بالحاج علي عن الجازية الهلالية الى جانب عروض فرق الفنون الشعبية من اليونان وكوريا وليبيا والجزائر وفرنسا والفرق التونسية وسهرة «الموقف» التي افتتحت المهرجان وشارك فيها الفنان البدوي رضا عبد اللطيف مع فرقته والشعراء الشعبيون مثل البشير عبد العظيم ومُوف الفوار مُوف دوز لمحمد شريك وموف طينة.. ونشّطها بنجاح الشاعر الشعبي بلقاسم عبد اللطيف وأخرجها منصور الصغير. ومن نقاط القوة في المهرجان ورشة الفنون التشكيلية التي أدارها الهاشمي غشّام وشارك فيها من تونس عمر باي والبشير الدزيري ومن فرنسا : ميشال قونس وليز بيدوي ومارسال هوبار وساندرين شينو وايزابيل راندون وناتالي فيكوف وكشنر جيرنوت من المانيا.. ولم تهمل الهيئة المسرح من خلال عرض مسرحية «سيدي العربي» لشمس الجريد بتوزر. الندوة الفكرية ولم تهمل الهيئة الجانب الفكري الذي بدأته مع كرسي بن علي لحوار الحضارات فتعاونت مع جامعة ابس في انجاز ندوة بعنوان : الصحراء والابداع شارك فيها محسن الزارعي والهادي خليل والناصر البقلوطي ومحمد الاحول واحمد البخاري الشتوي ومحمد الجويلي وسلوى النجار وحاتم الفطناسي ومن مصر حسام الطويلة ومن العراق شاكر لعيبي ومن فرنسا كترين ستول سيمون.. وكرّمت هذه الندوة الدكتور محمد حسين فنطر المشرف العام على كرسي بن علي لحوار الحضارات والأديان. الفرجة واذا كانت هذه الجوانب الثقافية والفكرية مهمة فإن ساحة «حنيش» بعروضها المميزة وجمهورها الذي يصل الى 100 ألف كل يوم تبقى سر شهرة المهرجان فعلى مدى أربعة أيام تمتّع ضيوف المدينة بعروض : الفروسية المهاري ومشاهد الصيد بالسلوي وعراك الإبل وعرس دوز وفرق الفنون الشعبية القادمة من أطراف الصحراء.. وهذا العرض اليومي صوّرته كل التلفزيونات المشاركة في المهرجان الى جانب بعض الأفلام الوثائقية. نجاح إن النجاح الذي وصله المهرجان لم يكن ليتحقق لولا تضافر كل الجهود والاشراف المباشر للسيد محمد فوزي بن عرب الذي تدخل أكثر من مرة عند وجود بعض الصعوبات التي واجهت الهيئة خاصة في مستوى العلاقة مع مديري وأصحاب النزل الذين أعاق أغلبهم عمل المهرجان وقد لاحظ كل الضيوف الصعوبات الكبيرة التي واجهت الهيئة في الاقامة خاصة بسبب عدم تعاون أغلب النزل. نجاح المهرجان لن يستمر طويلا ما لم تفتح وزارتا السياحة والثقافة والمحافظة على التراث ملف المهرجان بكل تفاصيله لأن حجم المهرجان وعدد ضيوفه الذي يصل الى حوالي الألف لا ينسجم مع الامكانيات المالية للمهرجان قياسا بمهرجانات أخرى تتوفر لها الامكانيات ولا يتوفر لها الجمهور الذي يقدّم له مهرجان دوز عروضا مجانية. في دوز.. يكتشف الزائر نموذجا آخر للمهرجانات نموذجا له خصوصية لا تتكرر.