اقتحمت الكتب الموازية حياة التلميذ والولي والمدرس عنوة وفرضت نفسها وتجلت في صورة امتزج فيها البعدان التربوي والاقتصادي في علاقة سيئة الطرح أحيانا؟ **أسئلة حائرة؟ يتساءل الولي هل الكتب الموازية مفروضة تربويا أم هي اختيار مبرّر اقتصاديا؟ هل هي موجّهة للولي أم للتلميذ أم للمدرس؟ هل تتناسب أسعارها مع القدرة الشرائية للمواطن العادي؟ هل هي سليمة بيداغوجيا وعلميا؟ هل تدلّ وفرتها على قيمتها البيداغوجية العالية أم على عجز ساعات التدريس الرسمية عن استكمال البرامج وتأهيل المتعلمين للامتحان؟ لماذا لا تتحقق نقلة نوعية في مستوى التلميذ عند اعتمادها والإدمان عليها؟ **مقاربة للإجابة عن الأسئلة سعيا إلى توضيح ما غمض في هذه المسألة، نبوّب الإجابة كما يلي: بالنسبة إلى المدرس: لا تعتبر الكتب الموازية وثيقة رسمية يعتمد عليها في المؤسسات التعليمية لعدم صدورها عن المركز الوطني البيداغوجي رغم حصولها على تأشيرة من وزارة الإشراف وتحذّر المناشير من مغبة اختراق هذه التعليمات والمربون بما لهم من كفاءة مهنية مستغنون عنها ومدعوون إلى الإنتاج في أقسامهم لما هو أفضل مما يباع في الأسواق وألصق بواقع التلميذ. **بالنسبة إلى الوليّ يطرق الوليّ جميع الأبواب لضمان نجاح ابنه في الدراسة بالإقبال على الكتب الموازية أو الدروس الخصوصية أو المتابعة الشخصية المكثفة في المنزل. ويُخيّل إلى البعض أن التهام ما جاء في الكتب الموازية كفيل بتحقيق النجاح والتميز لأبنائهم ولذلك نرى سوق الكتب الموازية تزدهر والعناوين تتعدّد والإخراج يتحسن من سلسلة إلى أخرى! وكم طفل عانى من استعباد والديه له بالكتب الموازية وكأنّ فيها سرّ النجاح! واجتهد اليوم منتجو هذه الكتب في إرفاقها بالحلول وفي بيعها في كتيّبات يدفع الولي ثمنها زيادة على التمارين؟ والطريف أن المزابل تكون مستقرّ كل شيء في نهاية المطاف؟ وكم في ذلك التصرف من محافظة على المحيط.. **بالنسبة إلى التلميذ ترتبط أهمية الكتب الموازية في ذهن التلميذ بقيمتها في نظر مدرسه ووليه فهي ضرورية إن فرضت في المدرسة أو في المنزل وهي ثانوية إن لم تفرض والطفل يتبرّم منها في أغلب الأحيان لأنها تسرق منه وقت فراغه المخصص للراحة من الواجبات المدرسية وتسرق منه وقته للعب. **بالنسبة إلى الناشرين قد لا تطرح مسألة الكتب الموازية عند الناشر لأن العلاقة بينه وبين منتجي هذه الكتب هي علاقة تجارية بحتة قد يجتهد فيها الطرفان لتحري المواد والاجتهاد في إخراجها للعموم ولا شكّ أن هدف الربح هو المحرك وأن الإقبال على هذا الباب من النشر هو استثمار له ما يبرّره في زمن العولمة وطغيان رأس المال كما يجب التنبيه إلى أنّ الكثرة والوفرة في هذا النوع من الكتب لا تدلّ إطلاقا على الجودة رغم التفنّن في العناية بالشكل والإخراج! ونظرا إلى ما يكتنف هذه الظاهرة المجتمعة من غموض فإنّ ما يقال عن نقائص تجربة الكتب الموازية في مجتمع استهلاكي يقال عن الكلمة المكتوبة على وجه العموم تلك التي اختلط فيها الحابل بالنابل ورخصت ولم نعد نميّز الغثّ من السمين. إجمالا إن ظاهرة الكتب الموازية وإن بدت شرا لا بدّ منه في العملية التربوية اليوم إلاّ أنها ليست ضرورية مائة بالمائة ولا تعوض المدرس خاصة في حصص التدارك العمومية والخصوصية ولن تكون مثالا يُحتذى للاقتباس منها لبناء الاختبارات الثلاثية رغم ما في ذلك من اعتداء على حقوق المؤلفين ويجب التنبيه إلى سقوطها في النمطية أحيانا وخلوّها من الإبداع وتعمّدها إلى الأخذ من كتب مدرسية قديمة دون ذكر مرجعها. نهيب بزملائنا المربين المشتغلين في حقل الكتب الموازية أن يوازنوا بين الهدف التجاري والهدف البيداغوجي ويغلّبوا الثاني على الأول ففي ذلك ضمان لسمعة طيبة لمنتوجاتهم وهم مسؤولون عن ذلك. * شفيق بن البشير غربال (صفاقس)