دمشق الشروق من مبعوثنا الخاص سفيان الأسود ... تعددت الحكايات وتنوعت الروايات لكن الاحتلال هو الاحتلال وظل العراق هو العراق صامدا عربيا مقاوما وشامخا... يصعب أن تتحدث لعراقي أي كان عن العراق وعن الشعب وعن الاحتلال دون أن تدمع عيناه ودون أن يدمى قلبك ليس لأنك عربي مثله لك نفس الأحاسيس ونفس المشاعر بل لأنك انسان قبل كل شيء لك قلب ولك مشاعر ولك أطفال تفكر في خبزهم وفي تعليمهم ولك أم ولك أرض ولك وطن... في دمشق نقف على حكايات العراقيين عن المحتل وعن الوطن الذي ضاع تحت أقدام الغزاة الجدد وعن الماجدات العراقيات اللاتي ليس لهن إلا البكاء الآن... لا أحد يعرف الحقيقة داخل العراق كما يعرفها أهله، وكما يعرفها أطفاله ونساؤه وكما يعرفها معتقلوه في السجون وكما يعرفها الهاربون من جحيمه... لم تنجح كل الفضائيات ووسائل الاعلام في تصوير الحقيقة، حقيقة 25 مليون عراقي حيث ظلت المعلومة ناقصة أو ربما غائبة تماما... كيف هو وضع المقاومة في العراق وكيف يعيش العراقي تحت الاحتلال أسئلة طرحتها «الشروق» على العراقية آمال عباس التي كانت شاهدة عيان على كل ما يدور في العراق اليوم... تقول آمال وفي حديثها نبرات حزن صعب عليها محوها إن المقاومة في العراق هي الآن على أشدها والمحتل يتكبد خسائر كبيرة بصفة يومية حتى أن الحديث في وسائل الاعلام عن تفجير أرتال عسكرية أمريكية دون سقوط قتلى يثير ضحك العراقيين واستغراب المشاهد العادي... مقاومة وتواصل آمال قولها إن مدينة بغداد تعرف يوميا ما معدله 70 عملية للمقاومة منها احدى العمليات التي تمت في المدة الأخيرة وتم خلالها تفجير رتل عسكري يضم 10 عربات عسكرية أمريكية... ولا يمكن تصنيف «المقاومة» الآن حيث تضم كل الطوائف العراقية حتى الأكراد . وتؤكد «آمال» أن الأمريكيين إلى حد الآن لا يدخلون كل أحياء وشوارع الفلوجة وحتى إن دخلوا فإن انسحابهم يكون سريعا وعمليات القتل في الفلوجة شملت الأطفال والنساء العزل حيث كان المقاومون يتحصنون ويواجهون المحتل كرا وفرا... ولا تخفي آمال أن القرى والمدن العراقية تبدو خالية تماما من أجهزة الأمن والشرطة التي يتحدثون عنها في وسائل الاعلام خاصة بعد أن عرف العراقيون أن الكثير من عناصر أجهزة الأمن هم من أصحاب السوابق والذين خرجوا من السجون العراقية. كما أن جهاز الحرس الوطني العراقي يتكون من ميليشيات الأحزاب العراقية الموجودة الآن على الساحة العراقية ولا يضم مطلقا جنودا أو ضباطا من الجيش العراقي السابق ثم ان المحتل لا يزال يروج لكذبة ما يعرف ب»المثلث السني» للمقاومة في حين أن الفلوجة والأنبار الواقعتين ضمن هذا المثلث تضم مقاومة فيها شيعة وأكراد كما أن الكثير من الشيعة يقطنون ضمن هذا «المثلث» وحتى عندما انطلق الهجوم على الفلوجة فتحت نار جهنم على الجنود الأمريكيين في قرى ومدن عراقية عديدة وأصبحت بمثابة جبهات قتال مفتوحة... وتضيف آمال لا أحد بامكانه أن يعرف من هو المقاوم في العراق فكل الفئات تنخرط في الهجوم على ا لمحتل وهو الأمر الذي حير المحتلين الذين فشلوا بعد كل هذه الشهور الطويلة في رصد المقاومة ومعرفة عناصرها وأماكنها خاصة أن أغلب العراقيين لا يتعاونون مع الاحتلال حتى أن الضباط السابقين في الجيش العراقي رفض الكثير منهم تسلم الرواتب التي يسندها لهم الاحتلال وفضل بعضهم بيع السجائر في شوارع بغداد ومدن العراق. انتخابات لكن كيف يتعامل العراقي الآن مع الانتخابات التي ستجري في العراق؟ تقول آمال إن الجميع يعرف هناك أن الانتخابات كذبة كبرى والعراقيين غير معنيين بها حتى أن مدنا بحالها لم يتم فيها توزيع بطاقات الانتخابات كما أنه يتم نشر أسماء مترشحين لا يعرفهم أحد لكن وسائل الاعلام في العراق تحت سلطة المحتل تصور تلك الانتخابات على أنها ستعرف مشاركة شعبية واسعة... تقول آمال كيف يتم الحديث عن الانتخابات في الوقت الذي يقتل فيه العراقي وهو في طابور انتظار الحصول على بعض الوقود لسيارته وكيف تتم الانتخابات في الوقت الذي يحرم فيه سكان كل مدن العراق من الكهرباء ومن مياه الشرب في حين يتم توفير المولدات الكهربائية المتنقلة لمعسكرات وجنود الاحتلال. حقيقة وقف العراقي على الحقيقة، حقيقة الاحتلال وصار يشعر بالاهانة ألف مرة في اليوم وصار يشاهد نساءه وأطفاله في المعتقلات والسجون تحول العراق الجميل الى وطن للرعب والخوف لا المحتل نجح في احتلاله ولا الحكومة عرفت كيف تخرج من المأزق.