{يا أيها الذين آمنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه} و{واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء}. enter فقد امر الله سبحانه وتعالى كل واحد من المتعاملين ان يؤدي الامانة التي ارتبط بها على وجه الكمال وان يتقي الله ربه في الوفاء بها كذلك والمعنى: اذا تم بينكم التعاقد والاستيثاق بالكتابة او بالرهن او بهما معا فعليكم واجب آخر بعد هذا وهو ان يراعي كل منكم حق الامانة فيؤدي المدين دينه ولا يماطل ولا يتنصل من الوثيقة بتزييفها او الطعن عليها بأن صاحبه تلاعب فيها او عبث بها ولا يتركها ان كانت عينا ويجحد ما عليه منكرا اصل التعامل. enter وكذلك الدائن عليه ان يؤدي الامانة التي عنده وهي الوثيقة الكتابية او العين المرهونة فلا يحرف الكتابة ولا ينقص العين المرهونة ولا يخون باستعمالها استعمالا غير مسموح به ولا يتكإ في تسليم الوثيقة الى صاحبها حين الوفاء مخافة ان يثير التلكؤ نزاعا بينهما او مخافة او تبقى حتى تنتقل الى ورثة الدائن فيعودوا الى المطالبة بالدين او يدعو ملكها ان كانت عينا. enter ذلك كله لان المعاملة وان كانت موثقة بكتابة او رهن مبنية على فرض الامانة في الجانبين ابتداء دواما فإن الله تعالى يأمر المتعاملين ان يؤديا الامانة ويتقيا الله ربهما. enter وفي هذا العموم تدخل الوديعة والعارية واللقطة وكل ما تناولته اليد بتعاقد او بغير تعاقد كما دخل القرض والبيع المؤجل والناجز لما فيه من ضمان الدرك فكل واحد من هذه الانواع بحاجة الى الصدق حتى يؤدي المدين دينه في كرم ووفاء ويتقاضى المستحق حقه في رفق وحسن اقتضاء وحتى لا يكون في البيع خلابة غش ولا تدليس ولا يتقدم احد المتبايعين الى صاحبه بشيء مستحق لغيره ليكون كلاهما ضامنا لعهدة ما بذله من ثمن او مثمن ضمانا صحيحا. enter والى هذا كله ارشدنا النبي ص بما فعل في الوثيقة التي كتبها للعداء بن خالد وقد باع النبي عليه اصلاة والسلام عبدا او امة وكتب له بذلك وثيقة. فكانت الوثيقة لضمان العهدة في المبيع وأرشدنا كذلك عليه الصلاة والسلام بقوله في حديث جابر رحم الله رجلا سمحا اذا باع واذا اشترى واذا اقتضى. enter وبقوله: «{ذا تبايعت فقل لا خلابة} اي اشترط عدم الغش. enter وبذلك كله امرنا الله سبحانه وتعالى امرا عاما في قوله: {ان الله يأمركم ان تؤدي الامانات الى أهلها} . enter وخلاصة هذا ان توثيق المعاملات واجب بالكتابة والشهود او بالرهان وان الامانة واجبة في ذمة كل امرئ ولا يستثني من وجوب التوثيق الا ما استثناه وهو التجارة الحاصرة المتبادلة بين الناس في المجالس.