قصد مواطن عربي دار «عرّافة» شهيرة ليسألها عن حال الأمة، طرق الباب، فقالت من بالباب؟... ساوره الشك... عرافة ولا تعرف من بالباب!!... ليست مشكلة. جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجانه المقلوب... قالت له لا تحزن... إنه مصنوع في تايوان... همّ بمغادرة المكان ثم تراجع... ليست مشكلة... قال لها قولي أيتها العرافة ماذا ترين في مستقبل الأمة... ضحكت العرافة باستهزاء ثم سألته: عندك بارابول؟ قال نعم لماذا؟ قالت: عندك بارابول وتسألني عن حال الأمة!! هل يحتاج هذا لعرّافة... أمة ترقص... أمة تحب «اللمّة» واذا اهتز خصر اشتدت عليها الحمّى... أمة تبكي لهزيمة في كرة القدم ولا تحزن لضياع وطن في بحر من الدم... أمة تغنّي مزطولة ومع ذلك يتهمونها بالارهاب مع أن إرهاب توفيق لا تبدو عليه علامات العنف أصلا... أمة تموت ببطء شديد وبالتالي لا حاجة لسيارات اسعاف سريعة... أمة كان وأخواتها تجتمع تحت سقف الدامعة العربية لتؤبّن حاضرها وترهن مستقبلها ولم تنفع معها عصى عمر موسى... أمة تعتمد الرؤية في استشراف المستقبل... أمة فيها من هو واقع في غرامسفيلد وفيها من هو واقع في حرامسفيلد... أمة تختزل شرفها كله في المنطقة الواقعة بين الحزام والرّكبتين... أمة تؤمن بأن اللحم المذبوح حلال... وتسحب القاعدة على الديمقراطية والحرية والكرامة... أمّة اقرأ لا تقرأ... وإن فعلت فستقرأ الفاتحة على أرواح الصديقين الذين ماتوا وشبعوا موتا قبل أربعة عشر قرنا... سكتت العرافة... سكت المواطن العربي... سُمع رنين جوال العرافة... مسكت جوالها وراحت تهلل مرحبا حضرة المهندس شمس الدّين... ولما أنهت المكالمة سألها بلهفة: كيف عرفت أنه المهندس أنت عرافة ماهرة... أجابته باستعلاء: طلعلي اسمو في البورتابل... يا مواطن يا عربي... أتدري هو مهندس في الرصد الجوي ويسألني كيف سيكون حال الطقس غدا... أنا متعاونة رسمية مع هذه المؤسسة... قبل أن يغادر سألها... طيب كيف ترين... طقس العرب غدا... نظرت في الفنجان المقلوب وقالت: أرى غدا مشرقا... ساطعا أرى نورا... ما كاد المواطن العربي يفرح حتى باغتته بجملة كادت تقتله: عذرا... هذا ليس نورا أو إشراقا... إنهاقنابل ضوئية معادية بحثا عن آخر العرب الصامدين...