ترجمة: د. منجي الشملي وآمال سفطة سيّدي الرئيس أبعث اليك برسالة قد تقرؤها على اغلب الظن إن وجدت فضلا من الوقت تسلّمت الساعة أوراقي العسكرية للالتحاق بالحرب قبل مساء يوم الاربعاء سيّدي الرئيس لا أريد خوض غمارها لست على وجه البسيطة لقتل اناس ابرياء ليس من غرض اغضابك يجب ان اقول لك لقد اخذت قراري إنّي سأتخلّف عن هذه الحرب منذ جئت الى هذه الدنيا شهدت والدي يحضّره الموت شهدت اخوتي يفارقون الحياة شهدت ابنائي ينتحبون لقد نزل بأمي عذاب اليوم أودى بها الى ظلمة اللحد حيث تسخر من القنابل وتحتقر الديدان لمّا كنت أسير حرب سرقوا منّي زوجتي سرقوا منّي روحي وكل ماضيّ النفيس وغدا عند مطلع الفجر سأوصد بابي في وجه السنوات العجاف وسأضرب في الارض تائها سأطلب الصدقة لكسب القوت في أطراف فرنسا من بريطانيا الي البروفانس وسأخاطب الناس قائلا: «لا تطيعوا أحدا لا تشاركوا فيها لا تلتحقوا بالحرب ارفضوا الرحيل» أما اذا كان التبرّع بالدم واجبا فلتتبرّع بدمك أنت أيها الداعي الصالح يا سيّدي الرئيس فإذا ما تتبّعتني (عدليا) فلتعلم رجال الدرك لديك أنني سأكون اعزل وأنه بامكانهم اطلاق النار عليّ * بوريس فيان (Boris Vian) نصوص وأغان، منشورات كريستيان بورجوا (Christian Bourgeois) باريس 1975 من هو بوريس فيان * بوريس فيان (Boris Vian) (1920 1959) متخرج في المدرسة العليا المركزية للفنون والصناعات (LصEcole Centrale des Arts et Manufactures) وهو الى ذلك مغرم بالموسيقى نفخا في المزمار وولعا بالموسيقى الجاز (Jazz) حتى اصبح وجها شهيرا في ليالي باريس بحي Saint-germani des Près بعد الحرب العالمية الثانية. وهو شاعر وروائي، فاجأ الجمهور بروايتين اصدرهما سنة 1947: رغوة الايام (LصEcume des jours) الخريف في مدينة بيكين (LصAutomne à Pékin) كما اشتهر بروايات «سوداء» على الطريقة الامريكية منها سأزور قبوركم لاتفل عليها (Jصirai cracher sur vos tombes) الصادرة سنة . ولقد دل استفتاء لدى الشباب الفرنسي ان 95 منهم معجبون بالكاتب بوريس فيان ويقبلون على قراءة آثاره. نشر بوريس فيان عدة روايات لكن القرّاء لم يعيروها اي اهتمام وهو بقيد الحياة، سوى قلّة قليلة من المثقّفين. نذكر منهم خاصة رايمون كونو Raymond Queneau ولم ينتبه القرّاء الى قيمة اثاره الروائية الا بعد مرور ربع قرن على صدورها وبعدما لا يقل على خمس عشرة سنة من وفاته. واليوم وقد جمعت اعماله في خمسة عشرة جزءا وبعد ان نشر القسم الاول منها سنة 1997 فقد سجلت المبيعات منه بمائتي الف نسخة. عندما نشر فيان قصيدته «الهارب من الجندية» (Le déserteur) كان عرضة لنقد عنيف من قبل قدماء المحاربين. وفي اثناء احدى جولاته الغنائية التي كان يقوم بها سنة 1955 في مختلف انحاء فرنسا اذ بقصيدته الشهيرة (Le déserteur) تجلب له اشد سخط صبته عليه جمعيات قدماء المحاربين. وما هي الا ان انبرى المستشار البلدي بول فابير (Paul Faber) ناطقا بلسان جميع اللذين رأوا في هذه الاغنية شتما للشهداء الذين قتلوا ابّان الحربين العالميتين. هذا النص اذن اغنية من تأليفه صنعها سنة 1953 عند نهاية حرب الاندوشين وقبيل اندلاع حرب الجزائر، وهي بالضبط في شكل رسالة بعث بها شاب متمرّد الى رئيس الجمهورية الفرنسية في ذلك العهد روني كوتي (René Coty):