اعلان فريق التفتيش الامريكي عن الاسلحة في العراق مؤخرا عن انهاء مهامه بهذا البلد جاء ليؤكد بوضوح ما ظل يردّده دائما جميع الاحرار في العالم حول خلو العراق من أسلحة دمار شامل وعدم شرعية الحرب الجائرة التي تعرض لها هذا البلد. والواقع أن هذا التأكيد الجديد وإن كان يعد في حقيقة الامر على درجة كبيرة من الاهمية على اعتبار أنه صدر عن مؤسسة أمنية امريكية شكّلها الرئيس الامريكي جورج بوش بنفسه وتضمّ اكثر من 1400 خبير في شؤون الاسلحة جابوا العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه فإنه يؤكد في الوقت ذاته ان ادارة الرئيس جورج بوش خدعت العالم عندما جزمت بوجود هذه الاسلحة التي استخدمتها ذريعة لشن حرب مدمّرة على العراق. كما أن هذا الاعلان يعد ايضا اقرارا واضحا وصريحا يدين الادارة الامريكية كما الحكومة البريطانية ويثبت مجدّدا ان غزو العراق كان جريمة كبرى ارتكبت ضد بلد عربي دون أية مسوّغات قانونية أو أخلاقية وبناء على أكاذيب ومعلومات مغلوطة ومزوّرة. فعندما أعلن هانس بليكس، رئيس فريق المفتشين الدوليين السابق أن العراق لا يمتلك اسلحة دمار شامل وأن ترسانته دمّرت منذ عام 1991 شكك الكثيرون في تصريحاته وكان الرئيس الامريكي جورج بوش اول من خرج الى الصحافة ليقول ان هذه الاسلحة موجودة وسيتم العثور عليها... ومن المفارقات أن بوش لا يزال الى حد الآن يتمسك بموقفه ويردّد الاسطوانة المشروخة ذاتها ويصرّ على أن حربه على العراق كانت مبرّرة وبأن قراره بشنها كان صائبا «لأن التهديد العراقي كان قائما وأن العالم بات اكثر أمنا بلا صدّام»... ولكن العالم بأسره يدرك اليوم ان العراق لم يمثل اي خطر عليه الا بعد الغزو الجائر الذي تعرض له... فالعراق بات الآن عنوانا للفوضى والمقابر الجماعية والدمار بسبب ما جناه عليه الاحتلال الذي حوله (العراق) الى ساحة للتدمير الشامل تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل التي ثبت زيفها... لكن على أيّ حال لا يخفى على احد اليوم ان العراق لا يزال يتحدّى امريكا ويقض مضجعها حيث انها باتت تدفع يوميا ثمن خداعها وجريمتها في غزو العراق واحتلاله من خلال ما تتعرض له من مقاومة شرسة تحوّلت بمرور الايام الى حرب استنزاف حقيقية كبدتها آلاف القتلى والجرحى ووضعت مخططاتها هناك على «كف عفريت» حتى أنها لم تعد تتحدث عن كيفية البقاء في العراق وانما اصبحت تبحث عن آلية تمكنها من الخروج بشكل يحفظ ماء الوجه. وبعد هذا كله هل تفطنت امريكا اليوم الى أنها خدعت نفسها قبل ان تخدع غيرها عندما هرولت الى غزو العراق؟