وكان الليل مركبة وكان الصمت بحرا وكنت آخر من يطل على حطامك يا عراق وكنت آپخر من يرى السياب تسنده المدائن والحمائم والنخيل الليل منكسر الرؤى وقيود منفى الجسم منفى الروح مطبقة علي فأي بارقة ترى يا ليل تبدوا أي صبح ينجلي خلف الحصار وحدي أنا وحدي ولا شيء معي سوى المذياع وصفاقة الأخبار عن صور الرعاع وكيف تساقط التمثال بل كيف هوت شهب الحضارة والقداسة والسلام «أواه» قد نفذ الترقب والتوت طرق الكلام لا شيء غير ضجيجهم وخيول هولاكو وهي تجوب البحر تجوب النهر تدك الأرض مغضبة الصهيل فيض من الأوجاع ينهشني حزن كموج البحر يا بغداد يخترق المدى النخل منكسر الشموخ فلا سحائب تمطر الخصبا ولا طلائع الحجاج تعصف بالحصار النخل منكسر الشموخ وكل الأرض ظمأى فأي معنى لاصطحاب الرافدين فيض من الأوجاع ينهشني قصف كوقع الرعد يا بغداد ينذر بالفناء فأين، وأين سيوفنا وجيوشنا وأين أين ما أعدوا من المحارق والمكائد والجحيم ويا أم المعارك! أين أنت فهل في سالف الأزمان صرت قبل مجيئنا ومجيئهم وقبل تصادم الارهاب بالأطماع بالبترول في الوطن الذبيح وأين الغضبة المضرية وكيف تكون يا بشار يا رجع الفجيعة والخديعة يا ضائعا في البحر يا أيها الجرح المسافر في لظى التاريخ وكيف مثار النقع والأسياف وكيف مآل بغداد كذب زعمت، مثلما زعم الأوائل بأننا نحن الغزاة الفاتحون وأن خيولنا تحب خوض البحر عند اشتداد الريح خطأ رسمت على العصور فقد سقط القناع على الخداع وقال النهر، قال البحر : بئس أكذوبة المجد أكذوبة البطل المدجج بالضجيج وبالهراء ويعج بي قلقي وأتيه عبر الليل عبر الصمت احتسب المرارة والخسارة أطفىء ما تبقى من لهيب الروح وأسائل الأشعار عن عصماء في بطل أقضَّ مضجع الأعداء ليلا وأسأل المتنبي : أين الليل أين الخيل أين سيف الدولة العربي وكيف مراسه في الحرب