احتضنت مدينة أكودة أواخر شهر مارس الماضي الدورة السادسة للملتقى الوطني لقصيدة النثر تحت شعار «المخيال في النص المعاصر». وقد اشرفت على تنظيم هذا الملتقى دار الثقافة بالمدينة بالتعاون مع اللجنة الثقافية المحلية وانتظمت بالمناسبة ندوة فكرية بمشاركة الاساتذة عبد العزيز شبيل وحافظ محفوظ ومحمد الصالح بن عمر ومحمد الخبو ومحمد البدوي ويوسف رزوقة وأمسية شعرية بمشاركة الشعراء الصادق عمار وايمان عمارة وعمر عبد الباري والمنصف المزغني وجلال باباي ومحمد الهادي الجزيري وايضا ورشة للشعر والقصة باشراف الاساتذة محمد سعد برغل والسيد السالك ومحمد الهادي الجزيري وقد نظرت لجنة التحكيم في نصوص الادباء الشبان المشاركين في الملتقى وأسندت الجوائز التالية: * الجائزة الاولى في الشعر مناصفة بين المولدي النصري (عن نص «الحب يأخذ شكل الرصاص») وصابر العبسي (عن نص «نبشا عن أقمار أنقى») * الجائزة الثانية في الشعر مناصفة بين وليد بن نصر (عن نص «جدار الموتى») ومنية صالح (عن نص شموخ) * الجائزة الثالثة في الشعر مناصفة بين عزة غنام (عن نص شكرا لعطر الاصابع) ولبنى المجادي (عن نص رقصة الخلق) وتشجيعا لهؤلاء المبدعين الشبان تنشر «الشعب» قصائدهم المتوجه في هذا الملتقى. القصيدة المتوجة بالجائزة الأولى: الحب يأخذ شكل الرصاص المولدي النصري الحب يأخذ شكل الرصاص ويأخذ لون القصاص وطعم القصاص ويتبع آثار ممر مغامر أشيعت بأقصى البلاد، بكل اللغات فبأي اللغات غدا يكتب العاشقون قصائدهم والخواطر؟ الحب يأخذ شكل الرصاص يدكّ الحدود على واضعيها ويهزأ من لافتات المعابر ويجعل من وردة بندقية ومن حبة القمح قنبلة يدوية وأجنحة الطير تغدو مدججة بهما وواقفة في صفوف العساكر الحب يأخذ شكل الرصاصة في لحظة الانطلاق ذات التوهّج والإئتلاق ويأخذ لون التراب تكدّس فوق وجوه الرفاق وفي غمرة الطلق كان العناق عناق المقاتل للبندقية عناق زغاريد بيروت للطلقة البابلية وبعد رياح فلسطين تأتي على مهل تأجج ما قد تبقى من الجذوة العربية لكم دينكم أيها الادعياء وان لنا حبها المتفجر لنا من حرائق هذي البنادق حبرا ودفتر لنا لم يزل مدفع في الجنوب مزمجر وما بين هذا الفناء المطل على كل شيء هنا لم تزل ثمة نخلة واقفة حوّلتني ابتسامتها والتحدي الى عبوة ناسفة من بيننا قد تكون علاقة حب إرادته مطلقة فاعل ما يشاء واني اذا جاء موسمه سأشكّل بعضا من الفاجعة فيا شعبنا العربي انتظر عاصفة القصيدة المتوجة بالجائزة الأولى: نبشا عن أقمار أنقى صابر العبسي كتماني أدهى من يتمي من موتي لو تدري لا نملك إلا أسماء نسكنها والقلب المثقوب الآن كناي أدركه اليبس ثلاجة أموات أمسى، أحزاني أرحب من سجن العالم، أفصح من لغتي في مرآة المجهول الدامي، وجهي جناز تذكاري لنزيف يبحث بين أخاديد الذكرى عن معنى في اللامعنى... ها ان أنيني الناري أشجار الرؤيا أعلى من ليل تتري لا ينأى وأنا في طاووس أتخفي طالعني طللي في هيئة جلاد أعمى يتعقب كندورا منحوتا في وجهي يتمندل يسكب في أعضائي رائحة الموتى والشمس على إصطبل الشرق ستشرق من طمث الغرب الأخاذ مجففة، حيرى، تعرى، تدمى، تتقاطر من قسماتي سمّا، أوبئة، نبوءات ساذجة تتخطفني... غزلان الايقاع الدريّ تركض بي لكن الورد، الموسيقى في هذا العصر الميكانيكي، ماذا تجدي!؟ يا هذا القلب المطعون بطيبته العمياء ترتق لي كفنا... الحقد الأمرد أرخى، مؤتلقا ببكارة ذاكرتي نصلا عاجيّا يشتعل وعذابي الأشعث يطلق ضحكته البلهاء يصون بها في وجداني مخلبه دعني أتدّبر دونك منزلتي دعني أتدبر دونك عاطفتي الواقع مومس ترفع ساقيها أعلى من نسياني، من حرماني... والارض العطشى حبلى تخلع عورتها أقوالي، شجر البلوط مشانق أين ستزهر أوردتي؟ وطواحين التاريخ الدموي تدور تدور أما صدئت! القصيدة المتوجة بالجائزة الثانية: شموخ منية صالح شامخ هذا الوجه تحت سقوف الليل العميق تحت الأمس يمتد صمته في القرار تعزم جوانح حلمه على المرور عبر الرعود هل كان يحمل ملامح البرق أم كان يجمع غمامة وزر خلفتها العواصف حين طرقت أبواب حلمنا ولم تمضي لحالها... ساهر هذا الوجه يمد النجوم بألوانه الفدائية تغرق معه في ملحمته الكبرى في جرحه المفتوح مرارا للداخلين والعائدين من جرحهم ينهلون معنى اللانتماء ويستحيلون ترابا للتراب من كل زاوية في المكان يغمر السراب وجوها قابعة خلف خوفها ليبقى الوجه الواحد في وضح الهباء... مصباح ساخر من هيكل في الظلام... النور يشق العيون ويحجب عنها الطريق كيف سدت جفونا أوسع من جفن الصباح من كحل أهداب آدم بالسمار حتى لا يعرف ذاته والاخرين أو يرتمي طعنة بينه والجيران... ضاق بالقلم النزيف... من كل باب دم ينفجر الحبر أشلاء بركب الكلمات يرحل بنا على متن القصيدة وينساب بقدر الصوت في جوف طعنة تفاجئ قلعة الزمن أين عبست الرمال تحت أقدامنا لتسلم صفرتها لمن سال عشقا لمن ذاب فيها كمن صار سمادا للنخيل... القصيدة المتوجة بالجائزة الثانية :جدار الموتى وليد بن نصر ودعت الركب أنتظر صبحا قد لا ينبلج... أحتضن ظلها وأرحل الى رمل الخطى التائهة على ضفاف البؤس هنا يولد... وهم الرجولة... يا زمني جدار من الموتى رب العشق يمصمص ريقه في مدن العواء... في ضجيج الأسئلة... صفير ريح في مدني تبقى تذرو الرمال في أعيني هجرا هي آلهة الموتى..؟ تشد بأظافرها الصوت تسبي الطرق عارية في عراك... زمني... أشتم رائحة الموت على راحتها أين تمضي إذن بالوداع الأخير؟ أعياك الوجع موتا... واليوم تقود قوافل الوجع الى أبواب الكون الموصدة والمدى يسرقه شيطان امرأة عجوز الشهوات... نصفها أنا ونصفها الاخر دمدمة الجماجم ... تفترش شهوات العاشقين وتتعقل العبث وما تبقى... كنواح ليل يمتد صداه زمني والدروب... كنت أجهلها كقرع أحلامنا المتحجرة أنهكني تاريخ مدائنها بسيل الوجع... وفيض الاسئلة ضباب يحجب عني الصحراء العارية من أنين السائرين وما... كالقدر أسعى خلفها... أنا وجهها رم....... بل رمحا في أقصى الهوى يتساقط ألما كالخراب بقايا أشباح بلا وجوه يبنون جدار الموتى... القصيدة المتوجة بالجائزة الثالثة: رقصة الخلق لبنى المجادي يممت وجهك الرحيل ابحث عني أليس ابتسامتي الباهتة وجهك والسماء أخطو كحزنك للوراء أمشي... أسأل عن صمتك اسمي والخلاء.. عله يكون للقلب تاريخ.. جلاء دقت أجراسك أجراسي والصمت.. بقايا لغة ورثناها والزرقة تغتصب الالوان أنوثتي... حلم مبهج يرسمه الاطفال على ورق.. من شك.. أزهار.. سحب ترقص أقصوصة.. أنشودة.. أنثى.. أقصوصة.. وأنا مازلت انتظر.. الأقصوصة.. ووجهك المنثور.. على جسدي.. لعنة تهددني.. يالعابر فوق الصمت يالغريب.. في جسدي وجهك المنثور في أرجائي كالريح يعوي والعطش.. زهورك شهوتي.. يالراحل نحو مدينتي.. تسقي بابتسامة.. شفتي.. وتتركني قيد قبلة! غريب زهدك والجفاء! وجهك المحفور في ذاكرتي وعد للألوان بالانمحاء كشتاء غازل مقلمتي فتناثر الحبر.. بكاء.. لا جسد لي... ... بعد البكاء لا جسد لك... بعد البكاء يالمنمحي في كف صمتي ما زلت تمضي.. نحو خاصرتي.. ما زلت رغم الصمت تمضي رغم الانمحاء.. وتقول.. أنك الراوي لصمتي عند خاصرتي وحين الارتواء... ووجعي يقتاتني منك.. على درب انشطارك في.. ذات مساء.. يالساكن درب لذتي يالهوى.. الشهوة اسمك.. والجرح جسدي.. والصوت حشرجة أنين.. الشهوة أناملك وشفتي.. وأنت لي.. والريح ثملى برود خال يتفتح على عنقي... القصيدة المتوجة بالجائزة الثالثة: شكرا لعطر الأصابع الأصابع عزة غنام شكرا... شكرا رسالتك قاتلة كأن الحروف نسور تدور على مقلتي الداهلة كأن النقاط جيوش تسير بأوراقها القاحلة * * * وأقرأ بين السطور شكوك الظلام وأقرأ خلف السطور انفجار كواكبنا الغافلة... * * * استلمت رسالتك العاجلة رأيت اختراق الرماح حنايا الصدور سمعت الصراخ احتضنت التهم فكيف تجرأت... يا من عشقت على طعن السنين التي بيننا بحدّ القلم؟ * * * وأين تعلمت... يا من نضجت على وزن شعري احتراق الألم؟ * * * فشكرا... لكل الحروف التي لا ترد امام حصار الأرق! وشكرا، لكل القرارات دون اختياري وشكرا أخيرا لعطر الأصابع فوق الورق لقد كان حبا جميلا جميلا فكيف عانق السماء حتى احترق؟!