لا يستقيم ايمان الانسان وصلاحه الا بخلق الحياء.. هذا الخلق الذي اذا شاع بين الناس كان سببا لصلاح المجتمع وانضباطه. وإذا فقد بين الشباب والنساء بصفة خاصة كان سببا للتفسخ الاخلاقي وانتشار المعاصي والفتن، وان اردنا تعريف الحياء فسنقول انه خلق يمنع الانسان من اقتراف السوء والمعاصي والذنوب بكل اصنافها... وهو زاجر ورادع يساعد المسلم على مراقبة ذاته والتغلب على انفس الامّارة بالسوء.. والحياء يجعل النفس تنقبض من فعل المعاصي وتزدري م ذلك. فالشاب المتمتع بالحياء يستحيل عليه ان يزني او ان يشاهد اشرطة اباحية او يغش ويسرق غيره... والفتاة المتمتعة بالحياء يستحيل عليها ان ترتدي ملابس تكشف اجزاء من جسدها امام الآخرين او تقيم علاقة مع شاب في غير زواج وفي الحرام. اما الشاب والفتاة الفاقدين للحياء فلا زاجر يزجرهما عن فعل كل ما يريدانه حيث يعاكس الشاب القليل الحياء بنات الناس في الشارع ويقود سيارته وهو يسمع داخلها موسيقى صاخبة ويسرد على اصحابه حكايات او نكتا مستعملا مفردات بذيئة. وتتجول الفتاة الفاقدة للحياء في الطريق بلباس مثير دون ان تستحي من نظر الآخرين اليها.. او تراقص زميلا او صديقا وترتاد العلب الليلية والحفلات الصاخبة وتسمح لصديقها او خطيبها بأن يفعل معها ما يشاء دون ان تستحي من الله وعباده.. وكلمة الحياء مشتقة من كلمة «الحياة» وبالتالي فإن القلب المتمتع بالحياء هو قلب حيّ، ومن فرط اهمية خلق الحياء نجد ان الله سبحانه وتعالى يتصف به حيث يقول رسول الله ص :»ان الله حييّ كريم» ويتصف به كذلك رسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه حيث قال ابو سعيد الخدري رضي الله عنه: «كان رسول الله اشدّ حياء من العذراء في خدرها» وقال الرسول ص «ان الملائكة لتستحي من عثمان بن عفان». كما نجد احاديث نبوية كثيرة وردت في بيان اهمية الحياء وفضله، فهو خلق الاسلام الاول والأكمل حيث يقول رسول الله عليه ازكى الصلاة والتسليم: «لكل دين خلق وخلق هذا الدين الحياء» والحياء منبع لكل خير بما ان الانسان المتصف به لا يمكن ان تصدر منه سوى الافعال الحسنة كما يدلّ على ذلك حديث الرسول المصطفى: «الحياء لا يأتي الا بخير» وبالاضافة الى ذلك فإن الحياء متلازم مع الإيمان ولا يفارقه. فكلما زاد حياء العبد زاد ايمانه... وكلما نقص حياء العبد نقص ايمانه حيث يقول رسول الله ص :»ان الايمان والحياء قرناء فاذا رفع احدهما رفع الآخر» ويقول كذلك: «الحياء من الإيمان والإيمان في الجنّة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار» وبعد تعريفنا للحياء وذكرنا للأحاديث المبرزة لأهميته ننتقل الآن الى الحديث عن انواع الحياء وهما اثنان: الحياء من الله والحياء من الناس فالحياء من الله يتجسد في الخوف منه وعدم الجرأة على اقتراف الذنب في الخلوة، فعندما يكون الانسان بمفرده لا احد يراه يلعب حياؤه دورا كبيرا جدا في منعه من اقتراف الذنب... اذ يستحي ان يفعل ذلك والله يراه ويطلع عليه. فإن لم نكن نرى الله فهو يرانا... والحياء من الله هو ارقى درجات الحياء... يمنع الشاب من اطالة النظر الى مفاتن النساء في الشوارع او في المجلات والافلام ويقف حائلا بينه وبين ارتكاب اي ذنب حتى لو كان بمفرده في المنزل لانه متيقن من وجود الله معه ومراقبته له، ويقول رسول الله ص : «استحيوا من الله حق الحياء» وبالتالي اذا استحيى الانسان من ربه فهو حتما سيستحي من الناس... بحيث لا يجد في نفسه القدرة والجرأة على ارتداء ملابس غير لائقة امامهم او التفوّه بكلام بذيء في حضرتهم او فعل اي امر آخر يستهجنه الناس ويمنعه الدين ويقول الله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} ونختم حديثنا عن الحياء بالتذكير بأن تلقين الآباء والأمهات لأبنائهم للتربية الجنسية او حديث الزوج مع زوجته في امور تخص علاقتهما الجنسية لا يعتبر ابدا منافيا للحياء فلا حياء في الدين والمهم هو صفاء النية والرغبة الصادقة في التثقف والمعرفة في امور فطرنا الله عليها وجعلها اساس تواصل الجنس البشري.