ورد في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود: «ان الله جميل يحب الجمال» والجمال بأشكاله كافة مظهر من مظاهر قدرة الله تعالى وعظيم سلطانه، لما يقوم عليه من التناسق، ودقة الصنع، وروعة الاتقان. والجمال نوعان: جمال حسي ظاهري، وجمال معنوي داخلي، اي جمال مادي يتمثل في المظهر، وجمال روحي يتمثل في المخبر. وفي التصوّر الاسلامي حديث من النوعين معا. وبيان ان قمة الجمال ما ارتبط فيه هذان النوعان، ما ارتبط فيه العرض بالجوهر، والمادة بالروح، والداخلي بالخارجي، فكان قمة ساحقة في السمو والفرادة. ولقد اورد الإمام مسلم الحديث السابق في كتاب الايمان «باب الكبر» ولم يورده في باب الزينة او اللباس، وفي هذا اشعار بهذا التعانق بين نوعي الجمال اللذين نتحدث عنهما. والحديث بتمامه: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا. قال: ان الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق، وغمط الناس». ولكن عندما يوضع هذان النوعان في موضع المفاضلة والاختيار، فالثاني أهم، جمال الروح ارقى من جمال الجسد، جمال الجوهر اسمى من جمال العرض، وجمال الدين والخلق انبل وارفع من جمال الشكل والمظهر. وقد حذر القرآن الكريم من الاغترار بالاول، لما له من بهر ظاهري وقدرة حسية على الجذب، وبين انه لا يغني من الثاني شيئا. قال تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم اولئك يدعون الى النار والله يدعو الى الجنة والمغفرة بإذنه} البقرة: 221 . وقد حذّر النبي ص من جمال المرأة الحسي الظاهري اذا لم يقترن بدين، وشبه النساء من هذا النوع ب «خضراء الدمن» اي النبتة الخضراء الجميلة تزرع في مزبلة او معطن إبل، مما يجعلها فاسلة منتنة لا خير فيها، لأنها نبتت في بيئة سوء. قال عليه السلام: «إياكم وخضراء الدمن، قالوا: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء» انه تحذير من الاغترار بالمظهر وحده، وان يؤخذ المسلم بجمال المرأة الحسي من غير نظر الى دينها، وخلقها، اذ لا خير في ظاهر حسن مع باطن خبيث، انه كشجرة خضراء في دمنة، وهي مجتمع الأبعاء.