الحب، لدى الإنسان، هو ميل النفس الى ما يعتقد به خيرا... وينبع هذا الميل من تصور اعتقادي يلزم بسلوك معين. والناس في الحب ليسوا سواء : فبعض الناس لضعف في عقيدته، وانحراف في تفكيره يحب الظالمين والمستبدين... ويتقرب إليهم... لاعتقاده أن الأمر بأيديهم وأن مصائر الأمور وحياة الناس رهن اشارتهم، وينسى أن القوة لله جميعا... وأنه القاهر فوق عباده : {زيّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة.. والله عنده حسن المآب} (آل عمران/14) والإسلام كمنهج اجتماعي لا يمنع من محبة الأشخاص، بل هودين المحبة والوئام والسلام، ولكنه يمنع من محبة أعداء الله لأنهم أعداء الإنسانية. والاسلام كنظام واقعي لا يمنع من التمتع بالطيبات، ولكنه يمنع من أن يتحول الإنسان الكريم إلى بهيمة سائمة من دون قيم أو موازين ومن غير عقل يتفكر ويتدبر... وبلا روح تسبح وترفرف في عوالم الغيب. محبة الله ورسوله حب العبد لربه : هو السعي لنيل رضاه، وطلب الزلفى لديه، بأداء الطاعات وتحمل تكاليفها وأعبائها. وحب المسلم لنبيه ص هو ايمانه برسالته والتزامه بمنهجه، وولاؤه لأهل بيت الطاهرين، واقتداؤه بأصحابه المتقين، قال رسول الله ص «أحبوا الصالحين فإن المرء مع من أحب». وإن من اتبع الرسول ص فقد أحب الله تعالى، وأحبه الله تعالى، ومن خالف الرسول ص فقد عادى الله تعالى، وعاداه الله تعالى : {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم} (آل عمران/31). وحين يصدق المسلم في حبه لله تعالى ورسوله ص فإنه يتحرر به من ضغوط المادة، ودوافع الغريزة، ونزوات الذات، وألوان الوهن والضعف البشري وتنتظم به حياته وفق قيم سماوية وموازين علوية... فيتجاوز شوطه سنين هذه الحياة الدنيا الى الرغبة في العيش الأبدي، وتسمو أهدافه على حرب الدنيا ومتاعها الى نعيم لا يحول ولا يدول. فحب المسلم لله ولرسوله حب رسالي مقدس. يجعل الشقاء سعادة في طاعتهما... والسعادة شقاء في عصيانهما... والتعذيب راحة في سبيلهما... والراحة عذابا في مخالفتها... والموت حياة من أجلها... والحياة موتا بدونهما : {قال رب السجن أحبّ إليّ مما يدعونني إليه...} (يوسف/33).