الترفيع في السعر المرجعي لزيت الزيتون البكر الممتاز    "كان" المغرب 2025.. برنامج مواجهات ثمن النهائي    سعيّد...الفلاحة جزء من الأمن القومي والواجب يقتضي تذليل كلّ الصّعوبات أمام صغار الفلاّحين    نفّذت ضربة جوية في حضر موت باليمن.. السعودية تلجم الإمارات    أخبار المال والأعمال    الرابطة الثانية .. حركية كبرى لتغيير المدربين    أولا وأخيرا .. بو كبّوس و بو برطلّة    مهرجان المسرح الكوني للطفل بباب سويقة...إقبال كبير للجمهور في الدورة 19    عاجل/ تأييد الحكم بالسجن ضد عبير موسي في هذه القضية..    نابل: غدا انطلاق موسم تصدير البرتقال المالطي الى السوق الفرنسية (رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة)    المعهد الوطني للرصد الجوي: خريف 2025 أكثر دفئًا من المعدّل لكنه أقل حرارة مقارنة بالفصول السابقة    التمديد في حالة الطوارئ لمدة شهر بداية من 1 جانفي القادم    الليلة: أمطار مع رياح قوية بهذه الجهات    جدل رياضي: الاتحاد المنستيري يفضح اعتداء بعد مباراة مثيرة    سلسلة عروض جديدة لمسرحيات "جاكراندا" و"الهاربات" و"كيما اليوم" مطلع العام الجديد    مختصّة في طبّ الشيخوخة: عزلة كبار السنّ خطر رئيسي يرفع نسب الاكتئاب والوفيات المبكرة لديهم    تونس تستقبل السفير اللبناني الجديد وتؤكّد دعمها للبنان    عاجل: الإمارات تنسحب من اليمن    وليد الركراكي: "من الآن فصاعدا كل المباريات ستكون بمثابة نهائي"    النادي الافريقي يفوز وديا على البعث الرياضي ببوحجلة 3-1    قابس: نسبة إشغال الوحدات السياحية بطماطة وتوجان وتمزرط تتخطّى ال90 بالمائة بمناسبة العطلة المدرسية ورأس السنة الادارية    رئيس مجلس نواب الشعب يشرف على افتتاح حديقة سيدي بويحيى برادس    عاجل: التشكيلة الأساسية للمنتخب برشا تغييرات    عاجل: تفاصيل توقيت عمل مكاتب البريد غدوة    عمادة الأطباء تشدد على ضرورة الحصول الأطباء على ترخيص مسبق قبل أي ظهور إعلامي    زياد دبّار: قطاع الصحافة في تونس منكوب اقتصاديّا و80 بالمائة من المؤسسات مهدّدة بالغلق    عاجل/ أحكام بالسجن بين 30 و40 سنة في حق هؤلاء..    زغوان: حجز580 كلغ من العسل وأكثر من 700 كلغ من المرطبات    إعطاء الطفل هاتفاً قبل هذا العمر مضر جداً.. دراسة تفجرها وتكشف حقائق خطيرة..    عاجل: اليوم آخر أجل لخلاص معاليم الحج...فرصتك في الساعات القليلة القادمة    عاجل: هذا موعد الأيام البيض لشهر رجب    سحابة شمسية قوية تصل الى الأرض ليلة راس العام: علم الفلك يكشف التفاصيل    هل تحارب الفوترة الإلكترونية الاقتصاد الموازي أم تعمّق أزمة المؤسسات؟    السعودية تدعو الإمارات إلى الاستجابة لطلب اليمن بمغادرة قواتها    حمام الأنف: الكازينو التاريخي باش يترمّم ويرجع يلمع من جديد ...شوفوا التفاصيل    شركة عجيل تنتدب عدّة إختصاصات: سجّل قبل 20 جانفي 2026    عاجل/ في أول تصريح لها: والدة الطفلة التي دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير تكشف..    عاجل: هذه القناة العربية مفتوحة مجانية لنقل ماتش تونس تنزانيا    علاش نحسّو شهر ديسمبر طويل؟    عاجل: فطر قاتل مقاوم للدواء ينتشر في 61 دولة ويهدد الصحة...شنوا الحكاية ؟    المسدي تنشر إجابة رئيسة الحكومة في ملف الصحفيين القطاري والشورابي    أفلام عربية متفوّتهاش ليلة رأس العام    عاجل/ بعد فضيحة اللحوم الفاسدة التي تم توريدها..الملف يحال الى القضاء والرابحي يفجرها ويكشف..    عاجل: شهر رمضان يتكرر للمرة الثانية في عام واحد    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    السجن لمنفذ عملية "براكاج" لطالبة..وهذه التفاصيل..    خلال حملة مراقبة: حجز 100 خبزة مرطبات بهذه الولاية..#خبر_عاجل    كونكت تطالب وزارة التجارة بتخفيض سعر القهوة وتحذّر من سيطرة المهربين على القطاع    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) : برنامج مقابلات اليوم الثلاثاء    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    غارات وقصف مدفعي على مناطق مختلفة من غزة    عاجل : وفاة أول امرأة تقود بنغلاديش خالدة ضياء عن 80 عاما    راس العام في الدار؟ هذي أفلامك باش تضحك وتفتح العام الجديد بالفرحة    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    ترامب: "حزب الله" يتعامل بشكل سيئ وسنرى ما ستسفر عنه جهود نزع سلاحه    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نافذة الأسرار والأنوار (3/5)
نشر في الحوار نت يوم 03 - 11 - 2011


الحب العظيم وتوثيق القيم العظيمة .
• في عرفات الله حيث ترتعش أجساد المؤمنين بنبضات الحب، وتطمئن قلوبهم بذكر مولاهم، وتنهمر دموعهم فتمتلئ بها وجناتهم، وتفيض على الخدود رغبة ورهبة وفرحا بفضل الله عليهم وتنزلات رحماته إليهم.
• هناك حيث الحب كله للواحد الأحد، والتذلل كله للفرد الصمد، والعز كله بالوقوف بين يديه وتوحيده ومناجاته وإعلان المجد له بالدعاء والطلب والرضى منه وعنه .
• الخالدون والعظماء هناك ليسوا مائة بحسابات "مايكل هارت" وإنما هم ملايين البشر جاءوا من كل بلاد الله شعثا غبرا ،وبكل اللغات يهتفون له ويدعونه رغبا ورهبا خوفا وطمعا .
• حبهم له كبير، يعادل السماء في اتساعها ، وهمسهم عبير ، يفوق أيكة خضراء في ربيعها ، وجوههم كالبدر قرب ساعة السحر ، كلماتهم كهمسات النجوم للقمر ، وبظل عرشه قد تلاقت في الهوى أمم وما ضاقت بهم أعتاب .
• كلهم يطلبون من ربهم ،تهتف ألسنتهم وتنبض بالحب قلوبهم، وترتفع صدرورهم بالشهيق والزفير وتمر سوانح الأفكار بعقولهم وخواطرهم، وربهم يسمعهم في وقت واحد، ويراهم في وقت واحد، ويجيب حاجة كل طالب منهم في وقت واحد ، ويتجلى عليهم بفيوضات رحمته ورضوانه في وقت واحد .
• حفل يتجدد في كل عام، تبدأ مراسمه في الصباح الباكر حيث يتوافد الحجيج إلى عرفات وتنتهى تلك المراسم بتكريم الضيوف هناك.
• هناك حيث ترفع الحناجر بالثناء عليه والهتاف بالحمد له، فيكون رجع الصدى أن يباهى الحق بالخلق فيسأل ملائكته وهو أعلم ، ويالها من سويعات تفيض بها الدنيا سعادة وتقصر عن وصفها كل كلمات البيان .
• "الحق يباهى بخلقه" فلتسمع الدنيا وليصغ سمع الزمان، ولتتفتح كل أسارير الكون أرضا وسماء ، ولتفرح كل مفردات الوجود ،فها هو رب الوجود يقيم لضيوفه أعظم تكريم عرفته وتعرفه الدنيا منذ خلقت الدنيا وإلى آخر الدهر .
• الوصف الصادق لهذا الحفل لا تنقله إلينا وسائل الإعلام الحديثة إذاعات وتليفزيونات وصحافة مهما اجتهدت في الحضور والحرص على نقل صوره ، فكلها مهما كانت كاميراتها وميكرفوناتها أعجز من أن تنقل الحدث ، وإنما ينقل الحدث إلينا عبر زماننا وفي كل الزمان إنما هو الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، وبيانه يغنينا في الوصف عن كل بيان .
• في مصنف عبد الرزاق من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، في حديث الرجلين اللَّذين جاءا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسألانه عن أمر دينهم، وكان من جوابه لهما: ( وأما وقوفك بعرفة، فإن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاؤوا شعثًا غبرًا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني، فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبًا، غسلها الله عنك ) .
• وبينما كادت الشمس أن تثوب ووسط هتاف الحجيج بأغلى وأعلى نغمات الوجود والكون سمع الناس صوت منادى الفلاح بلال يناديهم.
• وعندما يسمع الناس صوت بلال بالذات فذلك يعنى لهم شيئا مهما ، فقد تعودوا أن يستمعوا إلى صوته الندى خمس مرات في اليوم والليلة، يناديهم بكلمات التوحيد والمساواة أن :حي على الصلاة حي على الفلاح.
• الرواية جاءت عن طريق ابن المبارك متصلة بأنس بن مالك رضى الله عنه ، قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات وقد كادت الشمس أن تثوب . فقال : " يا بلال أنصت لي الناس"، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنصت الناس، فقال "معشر الناس، أتاني جبرائيل عليه السلام آنفا فأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات"،
فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله هذا لنا خاصة؟، قال "هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة"، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب.
• تلك كانت واحدة من خلاصة خير الغيث وأكبرالنفحات في هذا اليوم المبارك، جات بلاغا من الحبيب صاحب القلب الكبير لمن آمنوا به واتبعوه وأحبوه حبا لم يعرف مثله لبشر قط حتى هذه اللحظة وإلى قيام الساعة .
• "والحب عند من ذاقوه له تعريف وله قانون وله ضوابط تحدده ، فإذا كانت المحبة هى موافقة المحبوب في المشهد والمغيب فليس بصادق من يدعى محبته ولم يحفظ حدوده .
• وإذا كانت المحبة هى الميل القلبى الاختيارى فإن الحب لا يثبت إلا إذا توجه الميل كله إلى الحبيب بحيث يَهَبُ الإنسان عواطفه كلها ومشاعره كلها لمن يحب فيميل إليه بكليته ، ثم يؤثره على نفسه وروحه ، وماله ، والناس أجمعين ، وهذا هو المعنى الذى أشار إليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : " لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "(1)
• وهذا الحب ليس مجرد ميل عاطفى معزول عن حركة الحياة يكتفي منها بمجرد الهيام بالمحبوب في حالة أشبه ما تكون بالغياب عن الوعى ، وإنما هو إشراق روحى وعقلى دائم مصحوب بالشعور المأنوس والحضور الحي بوجود المحبوب في حياة المحب ، تدفعه دائما وتحفز إرادته إلى الإبداع والاقتدار والتفوق في كل ميادين الحياة.
• الحب العظيم هنا ليس حالة وإنما هو منهج حياة يحول دنيا المحبين إلى شمس ساطعة بنور المحبوب في كل المجالات ، فتوجيهاته لا تغيب، وذكراه حاضرة تداعب خواطرهم وتسرى في كيانهم كسريان التيار الكهربائى أو كجريان العصارة الحية في الشجرة الخضراء.
• الحب العظيم هنا حول أبعاض المحبين وأعضاءهم إلى قلوب تستقبل وبأقصى درجات الوعى كل ما يصدرعن المحبوب فلا تغيب منها لفتة أو تفلت كلمة واحدة ثم تكون الممارسة والتطبيق بأعلى مستويات الالتزام.
• هذا المعنى أدركه الشاعر شمس المعالي قابوس بن وشمكير في قصيدته التى قال فيها:
خطرات ذكرك تستثير مودتي ...ولذاك لم أعشق سواك حبيبا
تسري بسرك مثل سيرك لي دجى ...فأحس منها في الفوأد دبيبا
لا عضو لي الا وفيه صبابة ........أذكت به لك يا حبيب لهيبا
تعطي لذراتي هواك وسره ...........فكأن أعضائي خلقن قلوبا .
• في صدورالأتباع وعقولهم وكل حواسهم إذاً كان توثيق القيم العظيمة قبل أن توثق في الدساتير والكتب، فمنذ بعثته صلى الله عليه وسلم وحتى اكتمالها خلال ثلاثة وعشرين عاما حظي هذا المنهج بالتوثيق العلمي بشروطه المكتملة من حيث صدق الرواية وسلامة التوثيق.
• ومن ثم فحديثنا عنه حديث النفس المطمئنة إلى أن لديها منهجا يحمل أعلى درجات اليقين العلمى بشروطه المكتملة صدقا في الرواية وسلامة في الضبط والتوثيق ، ويستحيل في حكم العقل والمنهج العلمى أن تكون قد غابت منه كلمة واحدة أو سقط منه حرف واحد"
{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }
{لا تحرك به لسانك لتعجل به أنا علينا جمعه وقرآنه ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه }
فهل يبقي بعد ذلك حجة لشاك، أو قول لمرتاب... ؟
هوامش:
1 صحيح مسلم بشرح النووى المجلد الأول 289 انظر كتاب دعوة إلى التفكير للدكتور إبراهيم أبو محمد فصل الحب بين الكم والكيف ص 165 مكتبة الأديب كامل كيلانى باب اللوق الطبعة الثانية .
سورة الحجر الآية: 9 (2)
سورة القيامة ،الآيات : 16 19 (3)
مفتى عام القارة الأسترالية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.