لماذا تحب العصافير؟ سؤال ألقيته مؤخرا على شخص مشهور بعلاقته الحميمية مع هذ الكائنات الرقيقة فأجابني على الفور : «كيف لا أحب عصفورا استعيد من خلاله طفولتي وبراءتي، وأجده ويا أكثر من بني البشر أحيانا». لم أعلق على ما اعترف به أمامي، لكنني سألته في مناسبة ثانية : هل أحباء الطيور كلهم مثلك يعشقون عالم العصافير بهذه الكيفية فرد على الفور «بعا والسبب أن العصافير عالم مستقل بذاته مظلوم من طرف الإنسان ومهدد في عقر داره بحكم إصرار الإنسان على اصطياد ما يحلو له دون مراعاة القوانين والتشريعات البيئية المتعارف عليها. لكن ما هي أبرز الأنواع الموجودة ببلادنا وأين تستقر؟ ولماذا أصبح بعضها مهددا بالانقراض مثل «الحبارة»؟ حسب المعلومات المتوفرة والواردة على لسان السيد هشام زفزاف (جمعية أحباء الطيور) يوجد بتونس 362 نوعا من الطيور، والعصافير منها 160 تعيش باستمرار في بلادنا و121 نوعا من الطيور المهاجرة والباقي تقضي فترة معينة بيننا أو انقرضت تماما ( نوعا) ونذكر بالخصوص بعض النسور والجوارح، أما الأنواع التي أصبحت مهددة بالزوال. أو تستحق على الأقل رعاية خاصة فأبرزها الحبارة التي سيقام ملتقى حولها في فيفري القادم والعصافير المغنية (السمريس الخضير الزائب البرقال/الشقشوق البومزين /المقنين). وقد حظيت هذه العصافير الجميلة والجذابة بحملات كاملة لحمايتها من خلال مشروع أقيم منذ سنوات تحت عنوان : «الدنيا محلاها، بعصافرها تغني في سماها». عادات طريفة وتحتوي بلادنا على عدة أنواع من العصافير والطيور التي تستحق المتابعة والحماية منها أنواع معششة ببلادنا مثل «البط الرخامي» و»البط الأبيض الرأس» و»صقر بوزرادة رمادي الرأس» و»طائر الزنزوق أو حمير صدر» و»تنورس دودوين أحمر المنقار» (في الجزر) وهو أنواع مصنفة عالميا لقلة عددها ودورها الكبير في الحفاظ على التوازن البيئي. وأكبر دليل على أهمية هذا الدور أن العصافير والطيور تتوالد حسب البيئة السائدة. فإذا كانت الأجواء ملائمة في الطبيعة تتكاثر الطيور بشكل عادي (من بيضة واحدة إلى بيضات) أما إذا تدخل الإنسان وأحدث تلوثا أو اضطرابا في الفضاء البيئي عموما تتحول حياة الطيور إلى جحيم. ومن هنا جاءت مشكلة انقراض بعض الأنواع والأصناف التي وصل عددها الى العشرات في أكثر من بلد. وكما الإنسان للطيور عادات وتقاليد في ربط العلاقات العاطفية والزوجية أو في كيفية التعامل مع الأبناء فطائر اللقلق مشهور بكونه من أوفى الطيور وأكثر تعلقا بالنصف الآخر، ويوجد هذا الطائر بكثرة في الشمال الغربي بسجنان تحديدا وبلغ تعداده في دراسة أجريت منذ سنوات معدودة حوالي ثنائي معشش ورغم هجرته الدورية إلى أواسط افريقيا بحثا عن الأكل والضروريات الأخرى يعود كل طائر من هذا النوع الى عشه الأول بتونس. مؤكدا أن الطيور أكثر وفاء من الإنسان نفسه. ذكاء الصقر واضافة الى قدرة الطيور على تقاسم الأدوار داخل الأسرة من أجل ضمان الاستقرار العائلي (الأب يصطاد والأم تسهر على تربية الأبناء) فإن بعضها يستنبط أطرف الطرق للحفاظ على الأسرة من أي تدخل خارجي، فعندما يقترب أحدهم من الصقر وعائلته الموسعة يقوم هذا الأخير بالتظاهر بأنه مصاب في ساقه مثلا. ومن المنطقي أن يتجه الشخص المعتدي الى الصقر للتثبت من اصابته ليجد نفسه في النهاية أبعد ما يكون عن العش. لكن أين تعشش الطيور التونسية بالتحديد وما هي أفضل المناطق المهيأة لاستقبال الراغبين في الإطلاع على أسرار عالم الطيور والعصافير؟ يجيبنا السيد هشام زفزاف قائلا : «في فصلي الشتاء والربيع يفضل الاتجاه الى المناطق الرطبة والمائية مثل اشكل وملاحة طينة بصفاقس وجزر الكنائس. أما في الربيع فإن أهم الأماكن لرؤية الطيور في الهوارية وجبل زغوان وجبل الرصاص. بينما يستحسن في فصل الصيف الذهاب إلى سجنان وحنايا زغوان.