(الشروق) مكتب الساحل: يشتكي المشرفون على مهرجان سوسة من قلة الاقبال على العروض بدرجة أضرت بميزانية المهرجان وأثرت سلبا على الفنانين الذين يقدمون فقراتهم أمام مدارج شبه فارغة في أغلب الاحيان على غرار عرض العمل الغنائي المسرحي »حسونة الليلي« الذي لم يشاهده إلا عدد قليل من المشاهدين لا يتجاوز المائة. هذه الظاهرة التي تلازم مهرجان سوسة منذ عدة سنوات والتي استفحلت خلال هذه الدورة مردها أسباب كثيرة وأولها كثرة أماكن السهر والفضاءات الترفيهية في الجهة إضافة الى ميل الناس نحو الشاطئ في مثل هذا الطقس الحار فضلا عن ظاهرة عامة وهي عزوف الناس عن المادة الثقافية أضف الى كل هذا كثرة المهرجانات في الجهة إذ يكاد يكون لكل قرية أو مدينة في الساحل مهرجانها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل تحتاج مدينة سوسة الى مهرجان صيفي؟ فإن كانت الاجابة بالايجاب فإن سؤال آخر يطرح نفسه أيضا وهو ما هي نوعية العروض المطلوبة في مثل هذا المهرجان؟ وإن كان الجواب بالنفي فإن سؤال آخر يتردد بإلحاح وهو ما هو البديل لهذا المهرجان الصيفي إذن؟ تساؤلات عديدة لابد من وضعها على بساط الدرس للخروج بحلول منقذة لهذه التظاهرة الثقافية العريقة التي تأسست منذ مطلع الاستقلال وتواصلت على امتداد السنين فشهدت أوجها ثم تراجعت بصورة مذهلة وجعلت المشرفين عليها يخشون أية مغامرة ويدرسون كل خطوة ألف مرة ومرة قبل الاقدام عليها خوفا من عدم الاقبال والخسائر المادية الباهظة. فالدكتور هشام بن سعيد مدير مهرجان سوسة الجديد صرّح أكثر من مرة أنه لن يدخل في مغامرات مجهولة العواقب تخلف مزيدا من الديون لذلك اختار عروضا ثقافية في أغلبها وتعتبر نسبيا غير مكلفة ورغم ذلك تواصلت الخسائر والعجز رغم أن أغلب العروض لا يرقى الشك الى قيمتها الفنية، فعمل مثل الكوميديا الغنائية »حسونة الليلي« هو من الاعمال الفنية التي لا يراها المشاهد كل يوم إذ هي تعتبر تجربة فنية متفردة فيها الكثير من البحث والاجتهاد وتخرج عن المألوف لتقدم قراءة فنية راعية لاحدى فقرات تراثنا على المستويين الغنائي والملحمي ولكن رغم قيمة هذا العرض وتحدث عديد وسائل الاعلام عنه فإنه لا حياة لمن تنادي في مهرجان سوسة ومرّ هذا العمل ليخلف خيبة أمل الفنانين العاملين فيه لان الجزاء الحقيقي للفنان هو عدد الجمهور الذي يواكب عمله ويتفاعل معه. خلاصة القول أن مهرجان سوسة في حاجة الى وقفة تأمل يشارك فيها القادرون على تقديم قرارات حقيقة وموضوعية وحلول بديلة تنهض به من هذه الكبوة أما الباحثون عن التشريف بوضع أسمائهم في هيئة المهرجان فإن لهم أماكن أخرى قد يفيدون من خلالها.