هل الزواج مقبرة للحب؟ سؤال يفزع منه الكثير خاصة الذين يتصفون بمشاعر مرهفة ورقيقة من كلا الجنسين، هذا السؤال يجعلهم في خشية دائمة من فقدانالحب من حياتهم وتلاشي كل الأشياء الجميلة المرتبطة بهذه العاطفة الراقية والنبيلة بمجرد الارتباط والزواج. فمعظم الناس وخاصة منه الفتيات يسعين الى سؤال من سبقهم في الزواج عن كيفية المحافظة على بريق علاقتها العاطفية بشريك حياتها بعد الزواج كي يضمنوا لانفسهم السعادة والهناء. «الشروق» فتحت صفحاتها لقرائها الأعزاء ليتحدثوا عن تجاربهم الشخصية بخصوص هذا الموضوع ضمن التحقيق التالي: المصلحة هي السبب طرحنا سؤالنا التالي على السيد زهير، هل ترى أن الزواج هو مقبرة الحب كما قيل وكان يقال؟ فأتي جوابه مؤكدا لهذه المقولة بل أكثر من ذلك مدعما لها انطلاقا من تجربته الشخصية المريرة فالرجل كهل قارب الخمسين من عمره أوصد الحب بابه أمامه منذ سنوات زواجه الاولى بعدما اكتشف ان الطرف الآخر لم يختاره لذاته بل حكم عقه وطمع في الملايين التي سيجنيها من زواجه منه فزوجة السيد زهير تصغره خمسة عشر عاما اظهرت له الحب والودّ عند تعارفهم ولبست قناع المرأة المحبة لكن هذا القناع سرعان ما سقط بمجرد ان طرق الافلاس باب خزينة زوجها فتحول حبها كرها ونقمة ولامبالاة ولم تعد تعيره اي اهمية. الزواج المبني على المصالح يقصي الحب من حياة الزوجين حتى وان كان أحدها يكن عاطفة كبير للطرف الآخر. هذه الشهادة تأتينا من السيد سالم الذي استهل حديثة بتنهيدة كبيرة خرجت من أعماق قلبه الذي مازل يحن الى أيام الهناء والسعادة مع زوجته وهي قريبة له قبل ان يحصل الفراق بينهما نتيجة طمع زوجته المفرط الذي حول حياته جحيما لا يطاق، فزوجة السيد سالم لا تتوقف عن مطالبته بالهدايا والملابس التي لا يستطيع توفير ثمنها بعد ان اصبح مفلسا نتيجة كساد تجارته ويذكر محدثنا كيف كان الحب يعمر قلبه وقلب زوجته أيام الخطوبة والسنوات الاولى لزواجه لكن الحال تبدل بسبب تراكم ديونه ودخوله مرحلة العجز المادي ليكتشف ان زوجته لم تكن تحبه هو بل كانت تحب ماله. الحب لم يمت اجابة بعض السيدات اتت لتنفي زوال الحب بعد الزواج ويؤكد تعاظمه واستقراره بصفة أقوى خاصة مع انجاب الاطفال. السيدة «زهور» رغم مرور عشرة أعوام الا ان حبها لزوجها مازال كما هو قبل زواجها به بل يمكن القول انه تضاعف وترجع ذلك الى غياب المصلحة المادية بينهما والانسجام العاطفي الذي حصل بينهما اضافة الى التوافق والتقارب الثقافي والعلمي. فالسيدة «زهور» موظفة تتوخى دائما أسلوب الحوار اللين مع زوجها وتناقشه في كل المواضيع. وتوافق السيدة عربية كلام صديقتها وتشير الى أن الحب الذي جمعها بزوجها منذ ما يقارب عن السبعة عشر عاما مازال قائما حتى الآن ويعود الفضل في ذلك الى طيبة زوجها وحنانه ورقة معاملته لها وتجسم ذلك في مراعاة مشاعرها ومحاولة اسعادها واسعاد ابنائه وسعيه الدائم للمحاظة على استقرار عائلته. الاحترام ثم الاحترام من الأسباب التي تذهب بالحب بعيدا عن حياة المتزوجين هي كثرة الشجار والمشاحنات اليومية المتأتية من تراكم المشاغل اليومية وخاصة الضغوطات المادية وفي هذه الحالة على الزوجين الالتزام بحدود المعقول واحترام كل منهما الآخر لان عدم الاحترام يؤدي بالضرورة الى السب والشتائم وهي بدورها تولد الضغائن والاحقاد ومن ثمة انتفاء الحب والاحترام بين الطرفين. وفي السياق ذاته أتت شهادة السيد محمد يبلغ من العمر 55 سنة حيث يرى أن الاحترام المتبادل بينه وبين زوجته هو الذي جعل الحب يستمر ويتعمق في حياتهما ويضيف السيد محمد انه لا يتصور الحياة دون وجود زوجته الى جانبه. وتدعم السيدة سعيدة قول السيد محمد بأن الاحترام هو أساس الحياة الزوجية ومن دونه لا يمكن للحب ان يتواصل الى جانب ذلك تنصح السيدة سعيدة كل المقبلين على الزواج بضرورة اختيار شريك الحياة على أساس الحب والتكافؤ الثقافي كي يضمنوا لحياتهم السعادة والرخاء. يحلل الأستاذ منذر جعفر اخصائي في علم النفس السلوكي الموضوع من الناحية النفسية فيشير انه لديمومة الحب بعد الزواج وجب توفر بعض العناصر الأساسية التي تعتبر ركائز متينة لتشييد كيان قوامه المحبة والتآزر والتفاهم والتسامح. وكي يستمر الحب بعد الزواج لابد من تبادل الحب بين الطرفين وبنفس الدرجة. كما أن الابتعاد كليا عن زواج المصلحة الذي يكون في العادة خاليا بطبعه من المشاعر الودية والعاطفية القوية، من شأنه ان يحافظ على علاقة زوجية أكثر توهجا. ضرورة مراعات التوافق الاجتماعي والثقافي والعلمي بين الأزواج والسعي الى بناء علاقة حب قائمة على التكافؤ العلمي والفكري. وتعتبر فترة الخطوبة والتعارف التي تسبق الزواج فرصة هامة لتعرف الطرفين على بعضهما البعض بصفة جيدة وجذرية وخاصة التعرف على الجوانب النفسية والسلوكية فطباع كل من الزوجين تتغير بعد الزواج والحب هو العامل الوحيد القادر على تجاوز المشاكل والمناوشات التي تقع بين الزوجين. لذا ننصح الشبان المقبلين على الزواج بالتروي، وبإحكام العقل والعاطفة وأن يكون اختيار الشريك مبني على العاطفة بشكل كبير، قبل أخد أي قرار في الارتباط والسعي الى بناء أسرة قوامها المحبة المتبادلة. فالصراحة والاطمئنان النفسي والتفاهم والانسجام وبالتالي عدم الجري وراء المصالح في العلاقة الزوجية من شروط استمرار الحب بعد الزواج وتعميره مدة طويلة.