تونس الصباح فوارق بينهما قد تتلاشى اوتتعمق، فوارق تميزها عدة عوامل تقع كلها تحت سقف واحد التكافؤ في السن في الثقافة وفي المستوى الاجتماعي والاقتصادي. هي عوامل يرنو اليها من يريد تحقيق زواج ناجح ورغم ذلك نقف اليوم على زيجات ينعدم فيها التكافؤ على جميع المستويات ويكتشف كل طرف بعد فترة من الزواج أن شريكه كان «اختيارا خاطئا». من أهم شروط الزواج الناجح التكافؤ بين الطرفين باعتباره من الدعائم الاساسية التي تساهم في نجاحه ويترجم هذا التكافؤ في تقارب في المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي دون ان ننسى عامل السن بحيث لا يشكل الزوجين ثنائيا مختلفا في طريقة التفكير واسلوب التعامل والتعايش مع الآخر ولكن تشهد مؤسسة الزواج اليوم تباينا واضحا خاصة على مستوى السن وعدم التوازن الفكري بين الطرفين. التباين الفكري كثيرة هي النماذج التي تتزوج دون تكافؤ من الناحية الثقافية قد تكون الزوجة متحصلة على اعلى الشهادات الجامعية والزوج لم يكمل تعليمه الثانوي والعكس وارد، ليكتشف كلا الطرفين بعد فوات الاوان ان الاختيار لم يكن في محله. تستمر الحياة في صمت وعدم تواصل بين الزوجين لغياب لغة الحوار المشترك، ومن هنا يبدأ الجدل العميق وتتحول الحياة الى جحيم لا يطاق، فلكل منهما وجهة نظر منطقية تحتاج الى نقاش وتفكير. كان الاعجاب سيد الموقف بينهما، شعرت للوهلة الاولى انها تعرفه منذ سنوات، ارتياح عميق له وانجذاب اكثر لشخصيته رغم انه لم ينل حظه من التعليم الا انها اعتقدته «مثقفا» فوقعت تحت تأثيره. نادية(34 سنة) متحصلة على الاجازة في اللغة الانقليزية، انساقت وراء عواطفها لتتزوج برجل لم يتجاوز مستواه التعليمي المرحلة الثانوية ورغم انه مترف ماديا الا ان حياتهم لا تخلو من مشاكل. تقول نادية: «لم اعتقد يوما ان شعورا بالنقص سيراودني، فأنا اعاني من فشل في الحوار بيننا وانعدام نقاط تلاق مشتركة فهو لا يتقبل النصيحة مني فكلما بدأ النقاش بيننا، كلما احتد غضبه، وعناده لينتهي الى صراخ وشتم..» انفتاح.. عولمة عند تحديد بنود التكافؤ لشريك الحياة يتغافل كلا الفريقين عن اهمية التكافؤ من الناحية الثقافية خاصة وأننا نعيش عصر الثقافة والانفتاح والعولمة، فقد ينساق كلا الطرفين وراء العاطفة او المادة مهمشين بذلك العامل الفكري وانعكاساته على الطرفين ولا يدركون اهميته الا عند تفاقم الخلافات ليجد كل طرف ان الآخر في طريق مختلف عن الثاني. يقول نادر 37 سنة مهندس في الاعلامية: «زوجتي لم تكمل تعليمها ورغم انها جميلة ومن عائلة محافظة الا ان ذلك لم يكف ليكون هناك انسجام وتفاهم بيننا فاهتماماتنا وميولاتنا مختلفة، فأنا اريد زوجة اتجادل واتبادل معها الآراء والنقاشات ومع تفاقم الخلافات بيننا كان الانفصال الحل الأنسب..» الحياة الزوجية قائمة على الأخذ والعطاء فقد لا يتمكن طرف من العطاء نظرا لضعف تحصيله العلمي مقارنة بالآخر. معادلة صعبة سيشعر خلالها الطرف الآخر بخلل وملل وعدم توازن في تلك العلاقة لتكون الحياة الزوجية بذلك قائمة على المشاكل مما يؤدي الى الطلاق. رأي علم الاجتماع يؤكد السيد بلعيد اولاد عبد الله مختص في علم الاجتماع ان هناك العديد من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع الى مثل هذه الزيجات، فهناك تغيرات على مستوى المواقف والسلوكيات حيث لم يعد المستوى العلمي مطلوب في زيجات اليوم خاصة مع تحول المجتمع الى مجتمع استهلاكي يقوم على المادة لتصبح هي المقياس الوحيد الذي يحدد الزوج اليوم مهما كان مستواه الثقافي. ويؤكد السيد بلعيد ان التفوق العلمي يعد اشكالا قائم الذات بالنسبة للزوج ومن هنا تبدأ المشاكل الا ان المصارحة والمفاهمة بين الطرفين قد تدفع بالزوجين الى تجاوز كل هذه المشاكل عبر الحوار والاقتناع بوضعيتهم المشتركة مما يجعلهم يتجاوزون الطلاق. فارق السن نسبة كبير من البيوت التي تضم داخل اسوارها زيجات عديدة بين رجال بشعر ابيض مع فتيات في عمر الزهور. والحقيقة اننا نقف اليوم على حالات عديدة للزواج بين رجل في ريعان الشباب وسيدة في خريف العمر. عمر الزوجين والسنوات الفارق بينهما من المسائل التي تثير جدلا عميقا خاصة ان هذه المدة الفارقة تبقى مقبولة في النظم الاجتماعية اذا كانت في مصلحة الرجل ليرفضها بشدة المجتمع ويعتبرها خارجا عن المألوف اذا كانت في رصيد المرأة هي استاذة جامعية وهو مهندس في الاعلامية ساد بينهما التالف والتفاهم من أول لقاء جمعهما ولكن شاء القدر ان يكبرها ب7 سنوات ورغم ذلك تزوّج كريم من هناء. يقول كريم: «لا أعتبر فارق السن عائقا خاصة ان الفارق بيننا ليس بالكثير.. ثم ان الزواج مبني على الحب والتفاهم والاحترام المتبادل بين الطرفين، صحيح انه من الافضل ان يكون الشاب اكبر ولكنها ليست قاعدة..» 3 أو 4 سنوات لا يعتبرها البعض فارقا اذا كان الحب والتفاهم متبادلا وخاصة اذا كان الطرفين متكافئين على المستوى الفكري وجسر التفاهم قائم الذات بينهما. لكن اذا تصاعد الفارق ليتجاوز ال10 سنوات فهناك تكون قمة التناقص.. حذامي (25 سنة) ربة بيت تزوجت من رجب يبلغ من العمر (46 سنة) وعن الاسباب التي دفعتها الى الزواج قالت ان زوجها لديه مميزات لا يملكها الكثير من الشباب باعتباره ميسور الحال.. ولكنها تعاني غيرته الشديدة، وتحكمه في ادق تفاصيل حياتها فهي تتوق الى المزاح والضحك والتنزه وهو يفضل الهدوء والسكينة لتؤكد بذلك ان الحياة بينهما اصبحت جحيما لا يطاق.. علم النفس الدكتور عماد الرقيق اخصائي في علم النفس تؤكد ان عدم التكافؤ بين الأزواج على مستوى السن غير منصوح به خاصة ان هذه الاشكالية تبرز اثارها على المدى البعيد. فقد تكون رابطة الحب هي التي تحرك الطرفين وتدفعهم الى خوض هذه التجربة دون أن يفكروا في عواقب ذلك معتبرا انه من الافضل ان يكون الزوجان متقاربان على جميع المستويات ويوضح الدكتور عماد ان المعطيات اليوم تغيرت فالجانب المادي يلعب دورا في اختيار الشريك ورغم ذلك يبقى الزواج مقترنا بالتعاون والتكافؤ وقد ينجح رغم فارق السن فهو مرتبط بمدى تجارب الشخصين وتعاملهم مع بعضهم البعض.