عندما غادر تونس سنة 1985 مخيرا المنفى في العاصمة الفرنسية باريس، لم يكن في جيبه «مليم واحد» ينفقه من اجل ممارسة مهنته التي بدأها مصوّرا فوتوغرافيا ثم منتجا لأضخم الافلام السينمائية. («القراصنة» «لاترافياتا) ولكن في ظرف اربع سنوات بل في يوم واحد: 12 جويلية 1992 ارتفع رصيده الى 15 مليون دولار اي حوالي 15 مليون دينار تونسي في ذلك الوقت ومنذ التاريخ المذكور اصبح ابن تونس «العربي الصغير» من اكبر رجال الأعمال وأباطرة القطاع السمعي البصري في العالم، بل ان امبراطور الاعلام «موردوخ» وبرلسكوني والامير طلال ابن الوليد اختاروه مستشارا لأعمالهم في عديد الصفقات.. وتربطه بهم علاقات صداقة وعمل كبيرة.. هذا «الرجل المعجزة» الذي اصبح حديث القطاع السمعي البصري في اوروبا الآن هو المنتج السينمائي التونسي طارق بن عمار الذي خصصت له مجلة «لوبوان» الفرنسية في عددها الصادر يوم 02 جانفي الجاري، ملفا خاصا تناولت فيه رحلته في مجال المال والاعمال. بن عمار في تونس بدأ بن عمار حياته في تونس فهو من مواليد العاصمة سنة 1948 .. نشأ في عائلة سياسية، وكان مقربا جدا من الراحلة وسيلة بورقيبة زوجة الرئىس الراحل الحبيب بورقيبة فهو ابن شقيقها منذر بن عمار وساعدت هذه النشأة طارق بن عمار على الدراسة في الخارج حيث درس العلاقات الدولية في نفس الجامعة التي درس فيها الرئىس الامريكي السابق بيل كلينتون وهي «جورج تاون». «القراصنة» وتعويض ب 15 مليارا ورغم حصوله على ديبلوم في العلاقات الدولية، ابى طارق بن عمار ان ينخرط في العمل السياسي كما كان يريد له والده وعائلته... اجر سيارة صغيرة، وراح يطوف البلاد من جنوبها الى شمالها، ملتقطا صورا فوتوغرافية اكتشف من خلالها ان تونس «بلاتوه سينمائي طبيعي ضخم». ومن هذا «البلاتوه» قرّر الشاب الطموح الانخراط في العمل السينمائي بتكوين خاص من روبرتو روسيليني... وفي عام 1975 انشأ شركته «كارطاغو فيلم» التي كان لها الفضل في انجاز عشرات الافلام لمخرجين عالميين امثال هنري فيرنوي وبريان دي بالما وجان يان.. وأشع نجمه بالخصوص على الصعيد العالمي بانتاج شريط «لاترافياتا» لفرنكو زيفرتي (1982) ثم «القراصنة» لرومان بولانسكي (1984)... وفي هذا الشريط انتدب بن عمار حوالي 5000 عامل شاركوا في صنع الباخرة التاريخية التي جرى فيها التصوير... وقد وقع نقلها الى شاطئ مدينة كان الفرنسية التي كان يدور فيها المهرجان في ذلك الوقت.. وفي هذا العمل السينمائي الضخم الذي ساهم في انتاجه بثلثي الميزانية اوقفت شركة «يونيفرسال» الطرف المقابل في الانتاج، عقد عملها مع المنتج التونسي الذي اضطر في الأخير الى رفع الامر الى القضاء... وقد استهلك منه ذلك وقتا طويلا ومصاريف محامي بلغت 06 ملايين دولار تقريبا. بن عمار صديق برلسكوني ومردوخ في الاثناء لم يبق بن عمار مكتوف الايدي ينتظر حكم المحكمة الامريكية... فقد استغل بداية انتشار التلفزات الخاصة في اوروبا للاستثمار فيها... وهنا ظهر سيلفيو برلسكوني الذي التقاه اول مرة في تونس اثناء تصويره بعض الافلام لفائدة التلفزة الايطالية. وفي نفس العام، الذي ربح فيه قضيته ضد شركة «يونفرسال» وحصل على تعويض ب 15 مليون دولار طلب برلسكوني استشارته لانقاذ امبراطوريته التلفزية «فينانفيست» (Fininvest)... ومن اجل انقاذ الامبراطورية انخرط برلسكوني في العمل السياسي وكان بن عمار مستشاره الاول في إدارة كل الاعمال بما فيها السياسة.. وكان امبراطور الاعلام العالمي «مردوخ» يتربص بتلفزات برلسكوني الا ان بن عمار تصدّى بتشريك رجل الاعمال الشهير «ليوكيرش» والامير طلال بن الوليد في محاولة لإنقاذ برلسكوني... وبفضل كفاءته في إدارة الاعمال واقامة الصفقات نجح في انقاذ صديقه المقرب «بيرلو»... كما لم يخسر مردوخ» الذي اعجب به كثيرا وخصوصا بذكائه اذ استشاره عند محاولة شراء «كانال +».. بهذه الشبكة من العلاقات دخل طارق بن عمار المجال السمعي البصري من الباب الكبير ويكفي انه اقام امبراطورية تمتد اليوم من فرنسا الى تونس مرورا بإيطاليا فقد اقام مخابر في فرنسا واشترى منذ اسابيع قناتين تلفزيتين في إىطاليا الى جانب مركب مخبري بنفس البلد... وقريبا سيفتح مركبه السينمائي في قمرت مع مواصلة تشغيل استوديوهاته الضخمة في الحمامات... ومن احدث مشاريع بن عمار في الوقت الحاضر بعث قناة تلفزية خاصة في تونس بالاشتراك مع القناة الفرنسية TF1 و»ميدياسات» لامبراطور الاعلام «مردوخ».. هذا هو طارق بن عمار الذي يمثل حقا «المعجزة التونسية».