محمد رؤوف بلحسن إن للترجمة فضائل كثيرة على الثقافات بمختلف أصنافها فالترجمة تنقل محتوى ثقافة شعب ما وفكره وآدابه وفنونه وعلومه الى شعب آخر ذي ثقافة مغايرة. والترجمة مفتاح يستطيع بواسطته هذا الشعب أو ذاك أن يطلع على إبداع غيره في شتى المجالات العلمية والادبية وغيرها... وأن يثري زاده المعرفي من الحضارة الانسانية عموما وبفضلها يستطيع هذا الشعب أو ذاك أن يجري مقارنة بين إنتاجه الفكري العلمي وإنتاج الآخر وبالتالي يتمكن من الاستفادة من ثقافة الآخر ومن مظاهرها الايجابية على وجه الخصوص. ولاهمية الترجمة في نقل المعارف بين الشعوب المختلفة أقبل عليها الناس ونشطت حركتها وازدهرت سوقها هنا وهناك بمرور الزمن في أرجاء العالم وأنشأت لها أكاديميات ينشط في صلبها مترجمون يتولون نقل معارف الآخر الى لغتهم ليتحقق تلاقح الحضارات والاستفادة من تجارب بعضها البعض. إن للترجمة على الرغم من المقولة «كل ترجمة خيانة» لا تقوض الاختلاف بل ترعاه وتحميه مادامت تستهدف المعاني والدلالات ولا تستهدف الكلمات واذا كانت كذلك فهي عامل إثراء للثقافات والحضارات المختلفة فيما بينها. والترجمة في ماهيتها شرح لنص الآخر إذ ما معنى أن تحوّل نصا فرنسيا مثلا الى نص عربي ان لم تكن تقوم بعملية شرح ذلك النص بلغتك وبروحها ومعانيها ودلالاتها. يقول عبد السلام بن عبد العالي «الترجمة هي التي تنفخ الحياة في النصوص وتنقلها من ثقافة الى أخرى والنص لا يحيا إلا لأنه قابل للترجمة وغير قابل للترجمة في الوقت ذاته»*. على الصعيد العربي عرف العصر العباسي حركة ترجمة سجلها التاريخ ولا غرو إن كان الجاحظ قد تحدث في كتابه «الحيوان» عن «الترجمان» في معرض حديثه عن الفلسفة اليونانية ومن أشهر مدارس تلك الفترة في الترجمة يذكر حنين ابن اسحاق الذي ساهم مساهمة فاعلة في نقل مؤلفات فلسفية وعلمية يونانية بالاساس الى اللغة العربية. إلا أن الحركة فترت فيما بعد ولم تسترد أنفاسها. من هنا وانطلاقا من كل هذه الاعتبارات بات لزاما علينا أن نعيد الروح الى الترجمة في مجتمعنا العربي وأن نقبل عليها لأن في ذلك إثراء لزادنا المعرفي وللحركة العلمية بشكل عام. * في الوصفي * فيليب هامون * تعريب سعاد التريكي * بيت الحكمة 2003 الكتاب في لغته الاصلية أعني الفرنسية بباريس سنة 1993 عن دار «هاشات» وعربته سعاد التريكي لقراء العربية وهو يتطرق الى مسألة هامة في الادب إذ يشكل الوصف على حد قول المعربة «احدى الوظائف الادبية الرئيسية التي لا محيد عنها. واذا كان الوصف لا يدعي تفسير العالم فإنه يشكل الاداة الاساسية لتمثيله مؤديا بذلك أولى مهام الادب وأكبرها. هو كتاب يبين الوصفي والسردي «فلئن كان السردي تعهد الاستمرار من خلال استنظام معين لعلامات مختلفة فإن المفعول الوصفي يأتي بالاحرى من الجمع بين استمرار دلالي واستنظام تحويلي سيميائي»... وهو كتاب يحاول أن يقدم فيه جزئيه الاول والثاني عناصر تاريخ لفكرة الوصفي وإقرار شرعيته ويتحدث عن قدرات الوصف وعن الوصفي والعرفان والوصفي والتصنيفية كما يتطرق الى الشرح الوصفي ويستعرض إشارات الوصفي من خلال أمثلة يسوقها للغرض ويحاول ان يتحدث عن متعته من خلال نص «لجول فارن» ليتطرق بعد ذلك الى الوصفي واللغة الانعكاسية. أما جزؤه الثالث فقد كرسه لما سماه «الملحوظ الوصفي وبناؤه النظري» ليتطرق فيه الى الوصفي المختزل ومسألة «النمطية ومستويات الوصف» والوصفي والمفعول الشخصية» و»الوصفي والتصويغ». (والتصويغ تعني: من وجهة نظر الكاتب). في الجزء الرابع تحدث الكتاب عن «نمطية الوصفي» وعن الوصفي وعوامل تسيير المقروئية» وتطرق الجزء الخامس الى «نظام تشكل الوصف» ومكوناته من «النظر الواصف» الى الواصف الثرثار «الى الصانع الواصف» الى «الفاصل وأسلوبيته» لينتهي عند «التشكل الوصفي والايديولوجيا». وينتهي الكتاب بالجزء السادس الذي خصصه المؤلف لدراسة الجهاز الوصفي والنظام الادبي الواقعي معتمدا في ذلك على ثلاثة نصوص لكل من «جول فارن» و»أميل زولا» و»قي دي موباسان». هذا هو مجمل الكتاب ولا أدعي أني قدمته بشكل واضح نظرا لانه كتاب مختص يستخدم مصطلحات لا يفهمها إلا الدارسون في هذا المجال وإنما اقتصرت على استعراض عناوين فصوله حتى يتسنى للمختص أن يرجع اليه كلما احتاجه. ولن أنهي هذا التقديم دون أن أشير الى أن الكتاب مذيّل بقائمة في المصادر والمراجع المعتمدة في الدراسة وبكشافي مصطلحات واحد عربي فرنسي والآخر فرنسي عربي. * الوصفية: مفهومها ونظامها في النظريات اللسانية * رفيق بن حمودة * دار محمد علي وكلية الآداب سوسة 2004 التأليف أطروحة نوقشت خلال شهر ماي 2003 بكلية الآداب بمنوبة وصدرت في شكل كتاب في أواخر نفس السنة بل قل في بداية السنة الجديدة كما يدل على ذلك تاريخ النشر. وتعتبر المدة الزمنية التي تفصل بين تاريخ مناقشة الاطروحة وتاريخ صدورها في شكل كتاب قياسية إذ لم نألف ذلك من قبل وهذا في اعتقادي أمر جيد للغاية نتمنى أن يتكرر. بحث الكتاب في «الصفة» وهي كما يقول الدكتور عبد القادر المهيري «كلمة متشبعة المعاني فهي وحدة معجمية تفيد ما تتميز به الكائنات والاشياء من خصائص وهي مصطلح ذو مفاهيم عدة، فهي من قسم الاسماء في النظرية النحوية العربية ولكنها في آن واحد فرع منه يقابل الاسم المحض، وهي مصطلح صرفي يطلق على مجموعة من المشتقات، وهي أحيانا وظيفة نحوية تنافس في الخطاب النحوي مصطلح النعت»... وتصنف أيضا ضمن أقسام الكلام. ولغموضها هذا سعى المؤلف في هذا الكتاب الى فك رموز «الصفة في دراسة لسانية عامة وتطبيقية على حد قول الدكتور المهيري وقد أبرز صاحب الكتاب مرامي هذه الدراسة عندما قال في مقدمة البحث انها ترمي الى تحقيق ثلاثة أهداف تفضي الى نتيجة واحدة: أولا: محاولة الكشف عن المعطيات العلمية المبررة لاختلاف الانحاء التقليدية والدراسات الحديثة في مقاربتها للصفة».. ثانيا: بيان منزلة الصفة في النظام الشامل للغة. ثالثا: تدقيق مفهوم الصفة بشكل يقضي الى حده بالسمات المقومة له في كل مجال من مجالات الظاهرة اللغوية. اشتمل العمل على ثلاثة أقسام أساسية تضمن القسم الاول «مقدمات في النظرية اللسانية المؤسسة لدراسة الصفة» وتعرض القسم الثاني الى «مفهوم الصفة» أما القسم الثالث فقد اهتم بنظام الوصفية وقد اشتمل كل قسم على أبواب وفصول شرحت المواضيع التي تطرقت اليها الدراسة. وانتهى البحث بخاتمة عامة وبثبت المصطلحات الاعجمية ومقابلها في اللغة العربية وبقائمة بالمصادر والمراجع العربية والاعجمية. * الابداع الفني والفضاءات التواصلية * نصوص نسقها وقدم لها محمد محسن الزارعي * المعهد العالي للفنون والحرف بقابس 2003 يحتوي الكتاب على مجموعة من النصوص باللسانين العربي والفرنسي قدمت خلال الملتقى الذي انتظم بابس أيام 23 و24 و25 جانفي من السنة المنتهية والذي اتصل موضوعه باشكالية العلاقة بين الابداع الفني والفضاء باعتبار هذا الاخير الرابط الاساسي بين الفن والتواصل. ويقول تصدير الكتاب... يوجد تساؤل أساسي يطرح على المفكر عامة والفنان على وجه الخصوص: كيف يمكن أن نجعل من التواصل إبداعا أو على الاقل كيف لا يكون التواصل مانعا للابداع بل سندا له؟ إن المتفحص في مختلف الدراسات التي تضمنها الكتاب بوسعه أن يتبين أن معظمها إن لم نقل كلها حول هذا السؤال وحاولت أن تجيب عليه بواسطة طرح بعض الاسئلة الاخرى على غرار هل يمكن للفنان أن يبدع وحده بمعزل عن الآخر؟ وما علاقة الفضاء بعمله الفني؟ وغيرهما من الاسئلة الاخرى التي تتمحور حول الابداع الفني وفضاءاته ورسالته باعتبار انه «يوصل شيئا ما الى الآخر» يخاطب إحساسا وشعبا ما، فالفنان ينجز مهمة تواصلية وإن بدا لنا من الوهلة الاولى انه لا يتأسس على خطاب أو قول منطقي». «ولأن الفن يبدع أحاسيس ولا يبدع مفاهيم» على حد قول أحدهم «... فهو الاكثر نفاذا الى العنصر الذي يحقق التواصل الانساني الى العنصر الذي يؤلف بين تعدد الثقافات»... ويمكن أن نقول عموما ان مضمون الكتاب المتمثل في تلك الدراسات المقدمة في الملتقى الذي سبقت الاشارة اليه طرح موضوع الابداع في علاقته بالفضاء وأثار كما يشير الى ذلك تصدير الكتاب ممكنات عديدة منها: «استكشاف السبل الممكنة اليوم للممارسة الفنية على ضوء وضع جديد تستخدم فيه وسائل اتصال حديثة وطرق جديدة في تبليغ مضامين الابداع الفني التربوية والتعليمية. ومن هذه الممكنات أيضا «الحديث عن العنصر الخلاق في الفن وموقع الفنان اليوم الذي «أضحى مطالبا بإعادة النظر فيه وفي انتاجاته على ضوء ما يعيشه من متغيرات...» الممكنة الثالثة التي أثارها الملتقى وتعرض اليها مصدر الكتاب تتمثل في ضرورة إخضاع عملية الابداع اليوم الى تفكير نقدي إيجابي في نمط التعامل مع مستجدات الحقل التكنولوجي والاتصالي والثقافي»... وردت في متن الكتاب وفي الجزء العربي منه تسع دراسات موزعة على ثلاثة فصول. الفصل الاول بعنوان الابداع الفني: الفضاءات والآفاق والفصل الثاني بعنوان: الفني على ضوء التواصل اللغوي والمرئي أما الفصل الثالث فكان عنوانه: نماذج من التواصل في التجربة الفنية». أما الجزء اللاتيني فقد تضمن اثنتي عشرة دراسة توزعت على ثلاثة فصول هي الاخرى االفصل الاول بعنوان: «الابداع التعددية والتثاقف» والفصل الثاني «الابداع والاتصال أو التواصل» أما الفصل الثالث «التعليمي وعملية الابداع».