يوما بعد آخر تزايد اقبال التونسيين على التسجيل في القائمات الانتخابية استعدادا لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي...اذ بلغ عدد المسجلين الى غاية الرابعة من مساء أمس الأول مليونين و383 ألف و676 مسجلا. ويشير مصدر من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الى التذبذب في عدد المسجلين اذ بلغ عدد هؤلاء يوم السبت 30 جويلية 255 ألف و391 مسجّلا...و 125 ألف و622 مسجلا يوم الأحد ثمّ 171 ألف و676 مسجلا في اول ايام رمضان و165 ألف و476 مسجلا يوم الثلاثاء و104 آلاف و460 مسجلا يوم الاربعاء. اقبال متاخّر اقبال جيّد «أتى متأخرا» بالنسبة لمرشد الطالب في كلية الحقوق والذي كان يقود حملة تحسيسية صباح الأحد بأحد الفضاءات التجارية لحث المواطنين على التسجيل. قال ان «التونسي عليه ان يعرف واجباته تجاه الوطن والواجب يتجسّد في المشاركة في الانتخابات فهذا حق وواجب في الآن نفسه»...وقال أيضا إنه بادر للتطوع لحث الناس على التسجيل بشكل فردي لأنه يرى في ذلك واجبا يؤديه لتونس...» لاحظت التردد الكبير الذي بدا على أصدقائي ونفور عائلتي من التسجيل لكنني حاولت اقناعهم وقلت لهم عليكم التسجيل أولا ثمّ ستعرفون فيما بعد المترشحين وستصوتون لمن تريدون سجلوا وسيأتي الاختيار» يقول المتحدث «هكذا حاولت اقناعهم فنجحت الفكرة لذلك أردت تبليغ الفكرة للآخرين ممن لا أعرفهم سأستوقفهم في الشارع وأحثهم على التسجيل لأجل ذلك جئت اليوم لهذا الفضاء التجاري كما وجهت الدعوة لأصدقائي عبر صفحتي الشخصية في ال«فايس بوك» للقيام بالحملة ذاتها». تعدديّة رغم حماسته قال مرشد انه سجّل ليمنح لنفسه فرصة المشاركة في اختيار المستقبل السياسي لتونس لكنه يجهل في المقابل من سيختار...يضحك قبل ان يقول «لا اعرف بعد ملامح الحصان الأسود الذي سنراهن عليه سيأتي ذلك بعد أشهر لكن قبل هذا علينا اختيار ممثلينا في المجلس التأسيسي وما أعرفه حد الآن أنه علينا اختيار ممثلين عن كل الأحزاب حتّى نضمن التعددية وحتى نقطع مع هيمنة الحزب الواحد فنحن نامل في مجلس تأسيسي يكون فيه خليط من الأحزاب والتوجهات السياسية والآراء المختلفة حتّى نضمن تونس للجميع لا لاقصاء العلماني ولا الاسلامي ولا الوسط ولا اليمين ولا اليسار وجب ان نعمل على تواجد كل الاطياف السياسية على الأقل حتى يكون المجلس الوطني التأسيسي بتلك الفسيفساء الحزبية «حلمنا الكبير الذي نودّ تصديره للحكومة القادمة وللشعوب التي احترمت انتفاضتنا على الظلم». على غرار مرشد أبدى العم عبد الرحمان السليتي حماسة للتسجيل في الانتخابات. التقيناه مباشرة بعد ان قام بعملية التسجيل، كان ذلك صباح أمس الثلاثاء 2 اوت التاريخ الذي كان من المفروض ان يكون موعد نهاية عمليات التسجيل قبل أن يتم تمديدها الى غاية 14 أوت الجاري، فبدا على العم عبد الرحمان ارتياحا على محياه وكأنه نال شيئا ما كان يطارده. نفق الظلام بادرناه بالسؤال لماذا قمت بعملية التسجيل اليوم وليس خلال الأيام الأولى لانطلاق الحملة منذ 11 جويلية الماضي؟ هل كنت تنتظر موعد النهاية؟ حينها رد العم عبد الرحمان «حاولت التسجيل 4 مرّات على التوالي في الحي الذي أسكنه، حي ابن خلدون، لكن في كل مرة يكون هناك خلل فنّي في التسجيل يمنعني من ذلك وحين أعلمني جاري بامكانية التسجيل في أحد الفضاءات التجارية لم أتردد وقمت بالتسجيل». يقتنع محدثنا بدوره ان المشاركة في الانتخابات واجب على المواطن «بل واجب مقدس» على حد قوله «رغم الضبابية التي تحوم حول المشهد السياسي فالأحزاب لم تقدم بعد برامجها كما انه ليس هناك مشروع معيّن تعمل عليه الاحزاب ويكون حقيقة مشجع للمواطن للتصويت لهذا أو ذاك... يستظهر العم عبد الرحمان بعنوان أوردته صحيفة يومية أمس جاء فيه تصريح لأحد القادة السياسيين البارزين يقول فيه عكس ما يبديه حزبه ليقول «أترين هذه الازدواجية يحسبون المواطن لا يفهم ويجهلون أن «الكلام الفارغ» لم يعد يجدي نفعا»...ويصمت المتحدث للحظات قبل ان يقول «أنا متشائم حول المستقبل القريب القادم وأراه نفق مظلم لأن السياسيين تناسوا المواطن وتناسوا فقراء البلاد والفئات المهمشة فالمواطن يعيش نار المعيشة و«الزوالي» لا أحد يلتفت اليه فعن أي مستقبل سنتساءل». متشائمون متشائمون آخرون رفضوا الحديث إلينا أو التقاط صورة لهم مثل مريم وهو اسم مستعار اطلقناه على إحدى المواطنات التي كانت تنتظر دورها ضمن صف الراغبين في التسجيل. تقول مريم انها خائفة من المستقبل وان خوفها يزداد حين تفكر في ضرورة التسجيل للانتخابات... «أشعر أنني حين أصوت لأي طرف حزبي سينقلب بعد وصوله للسلطة على المواطنين وبالتالي سينقلب صوتي ضررا عليّ لأجل ذلك كنت خائفة ورفضت التسجيل في البداية نحن خائفون فعلا بسبب غياب الشفافية وغياب مناخ الثقة» وتضيف «في البداية كانت هناك ثقة وتلاحم بين السياسيين والشارع لكن اليوم هناك نفور وعدم ثقة من قبل الشارع فقدنا الثقة مجددا في السياسيين». مثلها رفض محمد، وهو اسم مستعار أطلقناه على أحد المواطنين من كان بدوره واقفا ينتظر دوره للتسجيل، التقاط صورة له قائلا انه جاء متأخرا للتسجيل بسبب التزاماته المهنية كما أنها المرة الأولى التي سيجرّب فيها التصويت. ومثلها ايضا رفض علي (اسم مستعار) التقاط صورة له قائلا انه تأخر في التسجيل بسبب التزاماته المهنية وأنه جاء للتسجيل من أجل قيادي في حزب وسط حاز ثقته لا غير. جواهر موظفة بمعهد الاحصاء قالت انها قاطعت الاعتصام المفتوح في المعهد للحظات من أجل التسجيل للإنتخابات مؤكدة انها لا تعرف شيئا عن الأحزاب وأن الرؤية السياسية غير واضحة بل قاتمة ربّما...وفي انتظار زيادة أو نقصان عدد المسجلين خلال الأيام القادمة يطرح المراقبون سؤالا حول مدى إقبال هؤلاء على التصويت يوم 23 أكتوبر مؤكدين أنه لا يمكن التكهن على الأقل في الوقت الحالي ووفقا لمؤشرات الإقبال المتذبذبة حول مدى ممارسة كل المسجلين لحقهم في التصويت يوم الانتخاب.