ولد عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد الرحمن الثعالبي في المدينة العتيقة بتونس العاصمة يوم الخامس من سبتمبر 1874، الموافق للخامس عشر من شعبان 1293 هجري. جده لأبيه المرحوم عبد الرحمان الثعالبي جزائري الأصل من مدينة بجاية، وهو عالم معروف في شرق الجزائر بالعلم والمعرفة، كما عرف بمواقفه الوطنية المشرفة منذ أن احتلت فرنسا بلاده عام 1830. وقد سببت له مواقفه الرافضة للتعاون مع الاستعمار العديد من المشاكل خصوصا حين اشتهر برفضه لخطة قاضي القضاة الشرعيين، فكان أن تعرض لمحاولة قتل وتلقى عدة رصاصات في صدره ونجا من الموت ليقرر مغادرة الجزائر نحو تونس ولم يأخذ معه شيئا سوى أفراد أسرته. استقر الشيخ عبد الرحمان الثعالبي في تونس العاصمة مثل الآلاف من الجزائريين الهاربين من الاستعمار. وفي المدينة العتيقة بتونس العاصمة أنجب له ابنه إبراهيم حفيده عبد العزيز الذي سوف يصبح له شأن في تونس والعالم العربي وتترد أصداء نضالاته من أجل استقلال تونس في كامل حوض المتوسط وأوروبا. وهكذا نشأ الطفل عبد العزيز في أسرة ترث رفض الاستعمار وتعمل على نشر قيم الكرامة، ثم تفتحت عيناه في طفولته على استعمار فرنسالتونس عام 1881 وتدفق المعمرين عليها وانفراد الأجانب بخيرات البلاد وبمقاليد حكمها. ومثل أغلب أطفال العائلات العريقة في تونس، فقد تلقى عبد العزيز القرآن الكريم على يد مدرس خاص في بيت جده عبد الرحمان، ثم دخل مدرسة باب سويقة الابتدائية. ونظرا لتفوقه ونبوغه، فقد وجد الطريق مفتوحة أمامه نحو جامع الزيتونة الذي كان مرجع العلوم في شمال إفريقيا وتخرج منه عام 1896 بشهادة التطويع، لكنه لم يتوقف عن الدراسة وظل يتردد على المدرسة الخلدونية حيث حصل على شهادة الدراسات العليا. في الأثناء، عرف عبد العزيز الثعالبي بنشاطه الحثيث ضمن الحركات التي تنادي بتحرير البلاد، كما ساهم بالكتابة في عدة صحف محلية بمقالات تتحدث عن حقوق الشعب في تقرير مصيره مطالبا بالاستقلال، وانضم في وقت مبكر من عمره إلى حزب تحرير تونس من الاستعمار الفرنسي. وقد ساهم الثعالبي في إصدار عدة صحف مثل «المنتظر» و»المبشر» و»سبيل الرشاد» انتهت السلط الفرنسية إلى إغلاقها ومصادرتها كلها لما في مقالاتها من جرأة ومطالب مباشرة بتحرير البلاد، ومنذ ذلك الحين سوف تبدأ رحلة الثعالبي مع السجن والنضال والاختفاء لتجنب الاعتقال الذي يترصده في كل نهج، كما سوف تبرز شخصيته الفذة في قيادة الناس نحو مطالبهم الأساسية في الحرية والكرامة والاستقلال.