البرلمان بناقش اتفاقية ضمان لتعبئة 70 مليون دولار من المؤسّسة الدّولية الإسلامية    وزارة التربية تكشف عن قائمة المدراس الابتدائية والمدارس الاعدادية والمعاهد الفائزة بالجوائز الوطنية للتنشيط الثقافي    وزارة الفلاحة:جلسة عمل حول التقرير السنوي القطاعي للمياه 2024    وفاة أسطورة الروك «أمير الظلام» أوزي أوزبورن    مهرجان المنستير الدولي: زياد غرسة يعزف بعود خميس ترنان    ترامب يسعى لتخليد اسم زوجته    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع اليابان    أوروبا تطالب إسرائيل بالتوقف عن قتل الغزيين عند نقاط توزيع المساعدات    "سي إن إن" تلاحق ترامب وتنشر فيديوهات من حفل زواجه دعما لأدلة حول علاقته بإبستين    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات - تاهل المغرب ونيجيريا الى الدور النهائي    التونسي عزيز دوقاز يواصل تألقه ويتأهل إلى الدور الثاني في دورة سيغوفي الإسبانية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    محرز الغنوشي: ''ينفخ الشاليمو من جديد...وتعاود تسخن''    Titre    عاجل: انطلاق تعمير اختيارات التوجيه الجامعي بداية من اليوم وحتى هذا التاريخ    زيادة في أسعار الأدوية: توضيحات من نقابة الصيدليات الخاصة وتحذير من أزمة تهدد استمرارية القطاع    تأجيل محاكمة رضا شرف الدين في قضيّة فساد مالي إلى سبتمبر المقبل    "حوار الأوتار 2" لكمال الفرجاني على ركح مهرجان الحمامات: تحية لروح وناس خليجان وجسر ثقافي بين الشرق والغرب    عرض "سينوج-أوديسي" في مهرجان الحمامات الدولي: مزيج متقن بين التراث والتجريب    أسبوع العمل من أربعة أيام.. تجربة ناجحة تعيد تشكيل بيئة العمل عالميا    موجة حرّ شديدة تضرب تونس من جديد    عرض «سينوج اوديسي» على ركح مسرح الحمامات الدولي ..ملحمة موسيقية جمعت بين المزود و الروك    تاريخ الخيانات السياسية (23)...فتنة الأمين و المأمون    المهدية .. المعرض الوطني للإبداعات الحرفيّة في دورته ال15 .. 50 حرفيّا من 14 ولاية يعرضون منتوجاتهم    إيرادات رسوم ترامب الجمركية تقترب من 100 مليار دولار    كأس الأمم الأفريقية للسيدات 2025: المغرب في النهائي للمرة الثانية على التوالي    بالفيديو: سعيد يستعرض صور الأطفال المجوعين في غزة أمام كبير مستشاري ترامب    اتحاد الشغل يُوضح: لسنا معنيين بدعوات التظاهر انطلاقا من بطحاء محمد علي    لإنقاص الوزن والوقاية من السكري... تناول الطعام بهذا الترتيب    وزارة التعليم العالي تكشف موعد الاعلان عن نتائج المناظرات الوطنية للدخول إلى مراحل التكوين الهندسي    شركة فسفاط قفصة تؤكد ان كل وحداتها تشتغل دون توقف..    تعزيز السباحين المنقذين    سعيّد: المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني تتطلب قرارات جريئة    عاجل/ الحرارة تصل 36 درجة هذه الليلة    عاجل: موجة الحر: تصنيف ولايات قبلي وتوزر وقفصة في مستوى الإنذار البرتقالي    توزر: اللجنة الجهوية لتفادي الكوارث تقيّم الأضرار الناجمة عن العاصفة الرملية    وزير التجارة يتابع نسق التزود بالمواد الغذائية بجزيرة جربة    عاجل/ تجاوزت معدلات ال5 سنوات الأخيرة: كميات الحبوب المجمعة الى حدود جويلية    وسيم الصيد يشارك في الدورة الدولية لكرة الطاولة أكابر بنيجيريا    شمس تختفي لمدة طويلة.. الكسوف الكبير يجي على قريب    توقيع مذكرة تنظيمية لتنفيذ برنامج إحداث خط تمويل مشاريع لفائدة منظوري مؤسسة "فداء"    الالعاب العالمية الجامعية: عهود بن عون ومحمد خليل الجندوبي يعبران الى نصف نهائي مسابقة التايكواندو    عاجل/ خلال يومين: استشهد 23 فلسطينيا من بينهم أطفال بسبب الجوع في غزة..    الزهروني: "سيف" في وجه فتاة وحملة أمنية تطيح بعدة منحرفين خطيرين    حجز أكثر من 17 ألف قارورة ماء معدني معروضة تحت أشعة الشمس بولاية صفاقس    هند صبري تودّع والدتها بكلمات مؤثرة: "كانت ابنتي وصديقتي ورفيقة دربي"    جامعة النزل : 25% من الوحدات السياحية أغلقت أبوابها خلال السنوات الأخيرة    بطولة سيغوفي الاسبانية للتنس: عزيز دوقاز يواجه اليوم المصنف 225 عالميا    بسبب ''قُبلة'' من فتاة: منع راغب علامة من الغناء في مصر    النادي الإفريقي: تواصل التحضيرات بالحديقة .. ومباراة ودية في البرنامج    تحذير يهم التونسيين : كيف تؤثر حرارة الصيف على جودة المياه المعدنية؟    وزارة الصحة تحذّر: أدوية قد تصبح خطيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة    تاريخ الخيانات السياسية (22) .. حكاية الرشيد وجعفر البرمكي    الأرض على موعد يومين من أقصر الأيام في تاريخ البشرية!    بعد حادث نيجيريا: المنتخب التونسي لألعاب القوى يعود بسلام    راغب علامة ممنوع من الغناء في مصر    عاجل: ما ينتظر التونسيين هذا الأسبوع..حرارة مرتفعة أجور تنتظر وعطلة قادمة    









عيوننا الأخرى: هل كان محمود درويش يخطئ في الوزن؟
نشر في الشروق يوم 18 - 08 - 2011

أثار هذا السؤال، بطريقة غير مباشرة، العديد من النقاد، على إثر اطلاعهم على مجموعة درويش«لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي» التي صدرت بعد وفاته عن دار نجيب الريّس. وقد حاول هؤلاء النقاد تبرير الأخطاء التي تسرّبت إلى هذه المجموعة، وإيجاد «مخارج» عروضيّة تسوّغها. وقد كنت من بين أوائل القرّاء الذين تسلّموا هذه المجموعة ولاحظوا هذه الأخطاء العروضيّة وربّما النحويّة التي تسرّبت إليها،غير أنّي هوّنت، على عكس الكثير من القرّاء، من شأنها ولم أشر إليها في المقالات التي كتبت عن تجربة الشاعر احتراما لذكراه، وتقديرا لتراثه الشعريّ الكبير ...لكنيّ بقيت، مع ذلك، أتساءل عن تلك «الكسور في الوزن» التي يعسر، في الواقع، تبريرها أو إيجاد «مخارج» عروضيّة أو لغوية لها وقد حاولت، مع عدد من الشعراء والنقّاد، البحث عن أسباب مقنعة تسوّغ انتشارها في هذه المجموعة دون بقيّة المجاميع وذهبت، كما ذهب البعض، إلى أنّ تسرّبها إلى المجموعة إنّما يعود إلى غياب الشاعر المفاجئ، بحيث لم ينعطف عليها بالنظر والمراجعة ومن ثم اعتبرتها أخطاء مطبعيّة ترتدّ إلى غفلة الهيئة التي نهضت بجمع الديوان و«تحقيقه». وللتذكير فإنّ هذه الهيئة التي تضمّ أصدقاء درويش وأقرباءه قد تكوّنت إثر وفاته وأنيطت بعهدتها البحث عمّا تركه الشاعر في بيته من إبداعات قبل سفره الطارئ إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة في أوت 2008 لإجراء عملية جراحية . وكان من أعضاء هذه اللجنة: أحمد درويش (شقيق الشاعر) والروائيّ إلياس خوري والفنّان مارسيل خليفة وعلي الخليلي والمحامي جواد بولس والكاتب أكرم هنية وأمين سرّ اللجنة التنفيذيّة لمنظمّة التحرير الفلسطينيّة ياسر عبد ربّه .وقد كلّفت هذه اللجنة الروائيّ إلياس خوري بالنظر في قصائد الشاعر وتبويبها بعد أن سلّمته نسخة إلكترونية منها، مدّعية أنها «معدّلة بعد دراسة ونقاش» .هذه النسخة المعدّلة هي التي أعاد قراءتها الكاتب إلياس خوري معوّلا على خبرته العميقة بلغة الشاعر وأدواته الفنّية . والحال أنّ علاقة الرجل ب«الصناعة الشعريّة» واهية أو تكاد . وأعني بالصناعة الشعريّة تقنيات الكتابة الشعرية من وزن وعروض وزحافات... لهذا لم يتفطّن الروائيّ إلى أخطاء المجموعة وهناتها الكثيرة بل ربّما ذهبنا إلى أنّ الرجل قد أضاف إلى الأخطاء الأولى أخطاء جديدة حين عمد إلى تسكين المتحرّك وتحريك السّاكن.. أو حين تصرّف في النسخة الأصلية تصرّفا غير موفّق. وهذا الأمر قد أغضب الناشر الذي اعتبر اللجنة مسؤولة عن الأخطاء التي انطوت عليها المجموعة كما اعتبرها مسؤولة عن الخسائر المعنويّة والماديّة التي تعرّضت لها السمعة المهنيّة لدار نشره .
قسّم إلياس خوري المجموعة إلى أجزاء ثلاثة : الجزء الأوّل ضمّ ستّ قصائد كان الشاعر قد قرأها في ندوات شعريّة لكنّها لم تنشر من قبل. والجزء الثاني احتوى على قصيدة واحدة وجدتها اللجنة دون عنوان في مكتبه جاهزة للنشر(وهذه القصيدة هي التي وضع لها إلياس خوري عنوانا طريفا هو «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي») أمّا الجزء الثالث فقد اشتمل على عدد من القصائد جمعتها اللجنة من أدراج الشاعر وخزائنه . وأزعم، على عكس ما ذهبت إليه اللجنة ، أنّ الشاعر كان استبعد هذه القصائد فلم يعمد إلى إدراجها في مجاميع سابقة أو على الأقلّ كان متردّدا في نشرها.، فبعضها قديم ولم ير النور منذ كتابته...
وأريد الآن،وبعد مرور ثلاث سنوات عن نشر المجموعة، أن أسأل هل إنّ الأخطاء، كلّ الأخطاء التي تسرّبت إليها، هي من قبيل الأخطاء المطبعية أو من قبيل الأخطاء التي ارتكبها المحقّق وهو يستنسخ القصائد أو ينقلها، أم المسألة أبعد من ذلك وأشدّ تعقيدا؟
لا شكّ في أنّ الأخطاء المطبعيّة كثيرة ولا شكّ في أنّ القارئ يمكن أن يتلافاها بيسر حسبه أن يتسلّح بأذن مدرّبة وحسّ إيقاعيّ... لكنّ هناك أصنافا أخرى من الأخطاء لم أجد تبريرا مقنعا لها، لأنها من قبيل الأخطاء التي لا يمكن إصلاحها أو تقويمها ...وإذا عمدنا إلى هذا التقويم أو الإصلاح أربكنا بنية الجملة وربما بنية القصيدة إرباكا كبيرا. وسأكتفي بإيراد مثالين للتدليل والتمثيل (مع العلم أنّ العديد من قرّاء المجموعة قد تفطنوا إليهما).
يقول درويش في إحدى قصائد المجموعة: كلمات...كلمات، تسقط الأوراق/أوراق البتولا شاحبات/ووحيدات على خاصرة الشارع/ذلك الشارع المهجور منذ انتهت الحرب /ونام القرويّون الودودون على أرصفة المدن الكبرى /
فكلّ من تمرّس بالأوزان ولو قليلا لا بدّ أن يتفطن إلى الأخطاء العروضية التي انطوى عليها هذا المقطع والتي لا يمكن تلافيها إلاّ بإعادة صياغة الجمل وإعادة ترتيب كلماتها...الأمر الذي يفضي بالضرورة إلى تغيير بنية المقطع الدلالية .
ويقول درويش في مقطع آخر:
أنت أختي قبل أختي/يا سنونوّة في الرحلة /لم أذهب بعيدا /
فوضع فتحتين على السنونوّة، كما جاء في الديوان، خطأ عروضيّ،أمّا إذا تلافينا الخطأ العروضيّ بالاقتصار على فتحة واحدة، كما اقترح البعض، فإنّنا نقع، عندئذ، في خطإ نحويّ .
كيف نبرّر مثل هذه الأخطاء، وهي كثيرة،في المجموعة؟
هل كان الشاعر يخطئ في الوزن ؟
ولماذا خلت مجاميعه السابقة من هذه الأخطاء؟
هل كان للشاعر « مصحّح» في العروض يستأنس بخبرته؟
تلك بعض الأسئلة التي لابدّ أن يثيرها كلّ قارئ يريد أن يتأمل بنية هذا الكتاب الشعريّة، أعني بنية القصيدة على وجه الإطلاق والعموم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.