وزير الخارجية يتسلّم نسخة من أوراق اعتماد السفير الجديد لطاجيكستان بتونس    القيروان: الدورة 3 للمهرجان الجهوي لنوادي المسرح بدور الثقافة ودور الشباب والمؤسسات الجامعية    هذا هو عدد ضحايا الهجوم الإس..رائيلي بالدوحة.. تميم بن حمد يشارك في جنازتهم    عاجل/ 45 محاميا يتولّون القيام بالإجراءات القانونية قبل إبحار أسطول الصمود من تونس    لجنة اعتصام الصمود أمام السفارة الأمريكية تدعو التونسيين إلى دعم أسطول فك الحصار على غزة    عاجل/ وفاة شاب ثلاثيني بصعقة كهربائية داخل حضيرة بناء    انطلاق خدمات طب الاختصاص البعادي بين المستشفى الجهوي بقبلي والمستشفى الافتراضي بوزارة الصحة    تنظيف الأذن بالأعواد القطنية = ألم ومشاكل السمع...كيفاش؟    وزير التجارة يؤكد ضرورة العمل المشترك بين تونس ومصر في إطار اتفاقية الزليكاف    مهرجان المناطيد الدولي يرجع لتونس في التاريخ هذا...وهذه تفاصيله والأماكن المخصصة    البنك المركزي: إرتفاع الاحتياطي الصافي من العملة الصعبة إلى 110 يوم توريد    فيفا تنصف الجامعة التونسية لكرة القدم في قضية رفض لاعبين الالتحاق بالمنتخب    تصفيات مونديال 2026: تأهل 18 منتخبا من أصل 48 إلى العرس العالمي    وزارة العدل تقرّر عقد جلسات القضايا ذات الصّبغة الإرهابيّة عن بعد    جريمة مروعة: ينهيان حياة صديقهما بعد اشتكائه عليهما لتحرشهما بزوجته..!    المركز القطاعي للباردو يفتح أبوابه: تكوين مجاني في الخياطة والتصميم!    وزير الشّؤون الدّينية يلتقى رئيس مجلس شركة مطوّفي الحجيج    استئناف دروس تعليم اللغة العربية لابناء الجالية التونسية ببمرسيليا في هذا الموعد    الكاف: تكثيف المعاينات الميدانية للوقوف على جاهزية المؤسسات التربوية لاستقبال التلاميذ في أحسن الظروف    مواطنة أمريكية لاتينية تُعلن إسلامها في مكتب مفتي الجمهورية    بقرار من رئيسة الحكومة: انهاء مهام هذا المسؤول..#خبر_عاجل    الداخلية: حجز 22392 كراسا بين مدعم ونصف مدعم    إحالة سهام بن سدرين ومبروك كورشيد على أنظار القضاء في قضايا فساد مالي    الرابطة الأولى: تشكيلة مستقبل سليمان في مواجهة الأولمبي الباجي    أمطار متفاوتة في ولايات الجمهورية: أعلى كمية في قلعة سنان بالكاف    تونس تشارك في البطولة العربية للمنتخبات في كرة الطاولة بالمغرب من 11 الى 18 سبتمبر الجاري    افتتاح مرحلة ما قبل البيع لتذاكر مونديال 2026 (فيفا)    منظمة الصحة العالمية تؤكد عزمها البقاء في مدينة غزة..    عاجل/ مقتل تشارلي كيرك الناشط الداعم لترامب واسرائيل برصاصة في الرقبة..وفيديو مقتله يتصدر وسائل التواصل الاجتماعي..    الأمريكيون يحيون ذكرى هجمات 11 سبتمبر    اليوم: أسطول الصمود يبحر في اتّجاه بنزرت    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة..#خبر_عاجل    بعد تقلبات الأمس كيف سيكون الطقس هذا اليوم؟    ارتفاع مؤقت في الحرارة يسبق انخفاضها مطلع الأسبوع المقبل    فرنسا شعلّت: حرائق وسيارات مقلوبة ونهب في الشوارع...شفما؟    تأجيل رحلة السفينة قرطاج على خطّ تونس - جنوة - تونس: التفاصيل    بعد منعها من الغناء في مصر.. هيفاء وهبي تواجه النقابة قضائياً    أضواء على الجهات :ميناء الصيد البحري بغار الملح يحتاج الى رافعة والى عملية توسعة لتعزيز دوره الاقتصادي    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمباريات الجولة الخامسة ذهابا    تطوير جراحة الصدر واستعمال أحدث التقنيات محور لقاء بوزارة الصحة    تقُص ظوافرك برشا: اعرف الأضرار قبل ما تفرط فيها!    عاجل: هشاشة العظام أولوية وطنية: نحو القيام بإجراءات جديدة    اريانة:جلسة عمل لمتابعة أشغال تهيئة فضاء سوق مُفترق الإسكال    التظاهرات العربية ودورها في إثراء المشهد الثقافي العربي    كتاب «المعارك الأدبية في تونس بين التكفير والتخوين» وثيقة تاريخية عن انتكاسات المشهد الثقافي التونسي    عاجل/ حجز كميات هامة من المواد المدعمة في مداهمة مخزن عشوائي بهذه الجهة    الرصد الجوي يتوقع نزول أمطار أحيانا غزيرة الليلة    من الخميس للأحد: جدول كامل للمباريات والفرق اللي باش تتواجه مع الأربعة متع العشية    جلسة عمل في وزارة الصحة حول المخبر الوطني للجينوم البشري    المركز الوطني لفن العرائس يستقبل تلاميذ المدارس الخاصة والعمومية في اطار "مدارس وعرائس"    بورصة تونس تتوج بجائزة افضل بورصة افريقية في نشر الثقافة المالية    مدينة دوز تحتضن الدورة ال57 للمهرجان الدولي للصحراء من 25 الى 28 ديسمبر المقبل    الديوان التونسي للتجارة يُوفّر كميّات من مادة القهوة الخضراء    المسرحي التونسي معز العاشوري يتحصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    بالفيديو: شاهد كيف سيبدو كسوف الشمس الكلي في تونس سنة 2027    تونس في الواجهة: محمود عباس يكرّم كوثر بن هنية عن فيلم "صوت هند رجب"    مدرستنا بين آفة الدروس الخصوصية وضياع البوصلة الأخلاقية والمجتمعية...مقارنات دولية من أجل إصلاح جذري    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيوننا الأخرى: هل كان محمود درويش يخطئ في الوزن؟
نشر في الشروق يوم 18 - 08 - 2011

أثار هذا السؤال، بطريقة غير مباشرة، العديد من النقاد، على إثر اطلاعهم على مجموعة درويش«لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي» التي صدرت بعد وفاته عن دار نجيب الريّس. وقد حاول هؤلاء النقاد تبرير الأخطاء التي تسرّبت إلى هذه المجموعة، وإيجاد «مخارج» عروضيّة تسوّغها. وقد كنت من بين أوائل القرّاء الذين تسلّموا هذه المجموعة ولاحظوا هذه الأخطاء العروضيّة وربّما النحويّة التي تسرّبت إليها،غير أنّي هوّنت، على عكس الكثير من القرّاء، من شأنها ولم أشر إليها في المقالات التي كتبت عن تجربة الشاعر احتراما لذكراه، وتقديرا لتراثه الشعريّ الكبير ...لكنيّ بقيت، مع ذلك، أتساءل عن تلك «الكسور في الوزن» التي يعسر، في الواقع، تبريرها أو إيجاد «مخارج» عروضيّة أو لغوية لها وقد حاولت، مع عدد من الشعراء والنقّاد، البحث عن أسباب مقنعة تسوّغ انتشارها في هذه المجموعة دون بقيّة المجاميع وذهبت، كما ذهب البعض، إلى أنّ تسرّبها إلى المجموعة إنّما يعود إلى غياب الشاعر المفاجئ، بحيث لم ينعطف عليها بالنظر والمراجعة ومن ثم اعتبرتها أخطاء مطبعيّة ترتدّ إلى غفلة الهيئة التي نهضت بجمع الديوان و«تحقيقه». وللتذكير فإنّ هذه الهيئة التي تضمّ أصدقاء درويش وأقرباءه قد تكوّنت إثر وفاته وأنيطت بعهدتها البحث عمّا تركه الشاعر في بيته من إبداعات قبل سفره الطارئ إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة في أوت 2008 لإجراء عملية جراحية . وكان من أعضاء هذه اللجنة: أحمد درويش (شقيق الشاعر) والروائيّ إلياس خوري والفنّان مارسيل خليفة وعلي الخليلي والمحامي جواد بولس والكاتب أكرم هنية وأمين سرّ اللجنة التنفيذيّة لمنظمّة التحرير الفلسطينيّة ياسر عبد ربّه .وقد كلّفت هذه اللجنة الروائيّ إلياس خوري بالنظر في قصائد الشاعر وتبويبها بعد أن سلّمته نسخة إلكترونية منها، مدّعية أنها «معدّلة بعد دراسة ونقاش» .هذه النسخة المعدّلة هي التي أعاد قراءتها الكاتب إلياس خوري معوّلا على خبرته العميقة بلغة الشاعر وأدواته الفنّية . والحال أنّ علاقة الرجل ب«الصناعة الشعريّة» واهية أو تكاد . وأعني بالصناعة الشعريّة تقنيات الكتابة الشعرية من وزن وعروض وزحافات... لهذا لم يتفطّن الروائيّ إلى أخطاء المجموعة وهناتها الكثيرة بل ربّما ذهبنا إلى أنّ الرجل قد أضاف إلى الأخطاء الأولى أخطاء جديدة حين عمد إلى تسكين المتحرّك وتحريك السّاكن.. أو حين تصرّف في النسخة الأصلية تصرّفا غير موفّق. وهذا الأمر قد أغضب الناشر الذي اعتبر اللجنة مسؤولة عن الأخطاء التي انطوت عليها المجموعة كما اعتبرها مسؤولة عن الخسائر المعنويّة والماديّة التي تعرّضت لها السمعة المهنيّة لدار نشره .
قسّم إلياس خوري المجموعة إلى أجزاء ثلاثة : الجزء الأوّل ضمّ ستّ قصائد كان الشاعر قد قرأها في ندوات شعريّة لكنّها لم تنشر من قبل. والجزء الثاني احتوى على قصيدة واحدة وجدتها اللجنة دون عنوان في مكتبه جاهزة للنشر(وهذه القصيدة هي التي وضع لها إلياس خوري عنوانا طريفا هو «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي») أمّا الجزء الثالث فقد اشتمل على عدد من القصائد جمعتها اللجنة من أدراج الشاعر وخزائنه . وأزعم، على عكس ما ذهبت إليه اللجنة ، أنّ الشاعر كان استبعد هذه القصائد فلم يعمد إلى إدراجها في مجاميع سابقة أو على الأقلّ كان متردّدا في نشرها.، فبعضها قديم ولم ير النور منذ كتابته...
وأريد الآن،وبعد مرور ثلاث سنوات عن نشر المجموعة، أن أسأل هل إنّ الأخطاء، كلّ الأخطاء التي تسرّبت إليها، هي من قبيل الأخطاء المطبعية أو من قبيل الأخطاء التي ارتكبها المحقّق وهو يستنسخ القصائد أو ينقلها، أم المسألة أبعد من ذلك وأشدّ تعقيدا؟
لا شكّ في أنّ الأخطاء المطبعيّة كثيرة ولا شكّ في أنّ القارئ يمكن أن يتلافاها بيسر حسبه أن يتسلّح بأذن مدرّبة وحسّ إيقاعيّ... لكنّ هناك أصنافا أخرى من الأخطاء لم أجد تبريرا مقنعا لها، لأنها من قبيل الأخطاء التي لا يمكن إصلاحها أو تقويمها ...وإذا عمدنا إلى هذا التقويم أو الإصلاح أربكنا بنية الجملة وربما بنية القصيدة إرباكا كبيرا. وسأكتفي بإيراد مثالين للتدليل والتمثيل (مع العلم أنّ العديد من قرّاء المجموعة قد تفطنوا إليهما).
يقول درويش في إحدى قصائد المجموعة: كلمات...كلمات، تسقط الأوراق/أوراق البتولا شاحبات/ووحيدات على خاصرة الشارع/ذلك الشارع المهجور منذ انتهت الحرب /ونام القرويّون الودودون على أرصفة المدن الكبرى /
فكلّ من تمرّس بالأوزان ولو قليلا لا بدّ أن يتفطن إلى الأخطاء العروضية التي انطوى عليها هذا المقطع والتي لا يمكن تلافيها إلاّ بإعادة صياغة الجمل وإعادة ترتيب كلماتها...الأمر الذي يفضي بالضرورة إلى تغيير بنية المقطع الدلالية .
ويقول درويش في مقطع آخر:
أنت أختي قبل أختي/يا سنونوّة في الرحلة /لم أذهب بعيدا /
فوضع فتحتين على السنونوّة، كما جاء في الديوان، خطأ عروضيّ،أمّا إذا تلافينا الخطأ العروضيّ بالاقتصار على فتحة واحدة، كما اقترح البعض، فإنّنا نقع، عندئذ، في خطإ نحويّ .
كيف نبرّر مثل هذه الأخطاء، وهي كثيرة،في المجموعة؟
هل كان الشاعر يخطئ في الوزن ؟
ولماذا خلت مجاميعه السابقة من هذه الأخطاء؟
هل كان للشاعر « مصحّح» في العروض يستأنس بخبرته؟
تلك بعض الأسئلة التي لابدّ أن يثيرها كلّ قارئ يريد أن يتأمل بنية هذا الكتاب الشعريّة، أعني بنية القصيدة على وجه الإطلاق والعموم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.