يحظى مقام الولي الصالح سيدي محمد المسطاري بمكانة خاصة لدى أهالي الجهة وهو من أكثر الأولياء الصالحين شهرة وارتيادا نظرا لما خلفه من مآثر وأعمال جليلة دونتها كتب ومراجع المؤرخين، وفي هذا الصدد يقول المؤرخ عبد الرحمان بن زيدان في كتابه «اتحاف إعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس» ان الولي الصالح محمد بن احمد المسطاري تزايد بمدينة مكناس المغربية في عائلة معروفة سنة 1044ه (16321633م) وتوفي بمكة سنة 1103ه 1691م وقد ظهرت ميولاته الصوفية منذ طفولته وانتقل الى فاس حيث لازم الشيخ قاسم بن أحمد القرشي السفياني ابن بلوشة وأخذ عنه الطريقة الشاذلية ودلائل الخيرات حتى صار قطبا من أقطاب تلك الطريقة. كان زاهدا سواحا غير مكترث بضروريات العيش، ثم رحل من المغرب الى تونس وطرابلس ومصر والشام والحجاز رفقة اصحابه ومنهم الشيخ الولي سيدي علي عزوز دفين زغوان وقد دخل الشيخ محمد المسطاري مدينة بنزرت سنة 1083ه (1672م) واستقر بها مدة فظهرت فيها كراماته خصوصا في مجال إغاثة المحتاجين ومساعدة المريدين ثم خرج منها متوجها الى المشرق. أدركته المنيّة وهو بمكة المكرمة فدفن بمقبرة المعلى قرب ضريح السيدة خديجة تاركا أثرا قويا في الأوساط الشاذلية ومقاما ساميا في مدينة بنزرت، فهو شيخها وبركتها . زاوية سيدي المسطاري هذا المعلم المنتصب بمدينة بنزرت من مآثر الباي مراد بن حمودة باشا المرادي، اذن ببناءه سنة 1084ه (16731674م) اي بعد سنة فقط تقريبا من دخول المسطاري الى بنزرت فيدل ذلك على مدى تأثر المعاصرين وانبهارهم بسلوك الشيخ الولي وكراماته كما يدل على مكانة الزاوية المسطارية في قلوب اهل هذه المدنية، فسيدي محمد المسطاري ولي بنزرت الأكبر وقطبها اللامع يحميها كما يحمي «سيدي محرز» مدينة تونس في نظر أهلها أو سيدي علي عزوز بلدة زغوان فيتيمن الناس بوجود الزاوية داخل مدينتهم ويتبركون بزيارتها ويضعون ابناءهم تحت حماية الشيخ الولي الصالح. والجدير بالملاحظة ونحن نتحدث عن دور الزاوية في الحياة الدينية والاجتماعية ان نشير الى وجود زاوية أخرى لسيدي المسطاري تقع بمدينة رأس الجبل والأمر ليس بغريب اذ يذكر ان لسيدي المسطاري زوايا في عدة مدن مشرقية ظهرت اثر إقامة الشيخ المسطاري فيها أثناء رحلاته.