بعد الظروف الإستثنائية التي عرفتها البلاد هذه السنة كانت كل الإحتمالات تشير إلى إلغاء جميع المهرجانات في ولاية سوسة شأنها شأن بقية الولايات لعدة اعتبارات على رأسها الأمنية منها ولكن بعد أخذ ورد وقع دمج مهرجان سوسة الدولي مع مهرجان المدينة فيما تم برمجة تسع تظاهرات تنضوي تحت اسم مهرجانات المدينة وذلك بمختلف دور الثقافة بالجهة ونظرا إلى تأخر البرمجة وطول فترة التردد وخاصة إضافة إلى الصعوبات المالية المسيطرة كانت كل تخمينات الشارع تصب نحو إعطاء مساحة كبيرة لأبناء الجهة اعتبارا أيضا أن الأسماء الكبرى المعروفة بدورها لم تجد متسعا من الوقت للإنتاج إضافة إلى عدم امكانية جلب فنانين عرب مما يعطي الفرصة للعديد من المواهب الجهوية للبروز وخاصة وأن منهم من كان يعاني من سياسة الإقصاء لأمور حزبية خلافات شخصية ولكن شاءت الإختيارات داخل المندوبية الجهوية للثقافة بما لا تشتهيه هذه الوجوه الفنية والتي طال التغييب منها حتى المعروف ذوي من مسيرة فنية محترمة ونخص بالذكر المطرب حيدر أمير الذي لم يكن له من نصيب في برمجة مهرجانات المدينة لولاية سوسة إلا عرضا يتيما وليس بمفرده بل بمصاحبة وجهين شابين والموسيقي الطاهر القيزاني الذي استعد ككل سنة بإنتاج خاص رغم علمه المسبق بأنه سيكون رهين عرض واحد لا غير ولكن رغم اجتهاده ورغم تواجده باستمرار سوى بمهرجان سوسة الدولي أو مهرجان المدينة وجد نفسه هذه السنة صفر العروض وسط 47 عرضا موسيقيا التي وقعت برمجتها في عدة معتمديات منها ما تكرر وجوده مرتين ومنها ما ضمت عروضا فردية لوجوه فنية تظهر لأول مرة قادمة من ولايات أخرى وفي رصيدها صفر انتاج وعروض في وقت ناهزت مسيرة حيدر أمير عن ستة وعشرين سنة أنتج فيها العديد من الأغاني ولازال يطارد حفلا خاصا به ويليق بمسيرته بالجهة وإن يفسر عدم تواجد بعض الوجوه المسرحية أو الموسيقية بعدم الجاهزية فان غياب وجهين مثل حيدر أمير والطاهر القيزاني خلفا أكثر من تساؤل لعل الإجابة عنها تنحصر في تصريحهما في جريدة «الشروق» حيث عبر حيدر في حوار خاص به عن رأيه في الثقافة في سوسة وعن موقفه من مهرجان سوسة الدولي فيما عبر القيزاني عن استيائه من التهميش الثقافي بالجهة و تساؤله حول استمرار تواجد المندوب الجهوي للثقافة الشاذلي العزابو منذ العهد البائد دون بقية مندوبي الولايات الأخرى موجها له العديد من النقاط النقدية عبر عنها حتى في قناة حنبعل، ومهما كانت الدوافع وبعيدا عن سخافة عقلية الجهويات ومن منطلق أن المهرجانات الجهوية هي فرصة حقيقية تكاد تكون الوحيدة لابراز طاقات مبدعيها وهي أيضا تتويجا لاجتهاد وجوه وطنية تعبت من خلال مسيرة حافلة بالنجاحات فإن مثل هذه العقلية الإقصائية وجب محوها فاحترام الرأي من الثوابت الثقافية والأخلاقية والموضوعية أحد أعمدتها لأن الثروة الوطنية لا تقف حد المنجميةمنها والطاقية بل تشمل أيضا الطاقات الإبداعية التي يجب الحفاظ عليها وحمايتها لأن الإقصاء أو التغييب وإن ثبت هو سيف على رقبة المبدع ولكن قد ينقلب على واضعه في أي لحظة لإن الرقبة قد تقص ولكن الإبداع لا يمكن اعدامه.