بعد جلستين حضرها تقريبا جلّ الناشطين في القطاع الموسيقي بسوسة وتم فيهما ضبط ملامح تأسيس نقابة الموسيقيين بالجهة ولكن ورغم صيغ التفاهم المطروحة وكمّ التفاؤل والتضامن المعبر عنهما في هاتين الجلستين من العاملين في هذا القطاع فإن الانشقاق سرعان ما دبّ في هذا المولود رغم أنه لم ير النور بعد حيث انشقّت مجموعة ضمّت بعض متعهدي الحفلات وبعض الناشطين في المجال الموسيقي وأعلنت انشقاقها وتكوينها ما أسمته ب«نقابة حرّة» ونشرت ذلك في بعض الجرائد الشيء الذي فاجأ بقية زملائهم وطرح أكثر من استفسار والحال أن الكل استحسن في تلك الجلستين فكرة النقابة وعبروا عن استعدادهم اللامشروط لدعمها ولكن خيّر البعض الخروج عن الاتفاق! المجموعة المتبقية والتي ضمّت أبرز الوجوه الموسيقية المعروفة حتى على الصعيد الوطني كالطاهر القيزاني وحيدر أمير ونادر قيراط ومحمد دحلاب ومراد ابراهيم وزاهر الزرقاطي والعديد من الكفاءات الموسيقية في العزف كفتحي بوسنينة واسكندر الغرابي وسفيان الخشين وغيرهم والذين عبّروا في جلسة استثنائية انعقدت مساء الاثنين الماضي بدار الشباب سوسة عن عزمهم في مواصلة تفعيل فكرة النقابة مهما كانت العراقيل. القيزاني في قمّة الاستياء ! عبّر الموسيقي الطاهر القيزاني في كلمته عن عميق استيائه من الانشقاق الذي حصل مؤكدا أن مبادرته بهذه الفكرة بعيدة كل البعد عن ادعاء الوصايا على الموسيقيين وانه فرد عادي من أفراد المجموعة التي يبقى لها الاختيار في الأخير في من ينوبها وحتى في الانخراط في هذه النقابة كما استاء القيزاني من الذين حرّضوا على تفريق شمل الموسيقيين على حدّ تعبيره واعتبر أن تغييب الموسيقيين من طرف مندوب الثقافة بسوسة الشاذلي العزابو يعتبر إساءة لفناني سوسة مضيفا «لم يتغير في سوسة شيئا إلا الوالي «ف 7» نوفمبر ضرب في اثنين ومندوبية الثقافة أكدت إفلاسها وعدم قدرتها على تقديم الاضافة للمشهد الثقافي بالجهة غير أنها بارعة إلا في الركوب على الأحداث والاهتمام بالشكليات وتغييب المجتهدين وأصحاب الأفكار ولا يحرص المندوب إلا على تلميع صورته بمختلف الطرق حتى الصحافة يريدها على مقياسه فيقصي كل من ينقده ويستدعي من يمدحه وأتحمل مسؤولية كلامي لأن الكيل قد طفح وآن الأوان أن تسترجع سوسة مكانتها الثقافية بعيدا عن المصالح الشخصية والجهل الثقافي، فما معنى أن يتغير جل مندوبي تونس إلا سوسة باقية على أتباع النظام البائد وفي وقت أن السيد وزير الثقافة يؤكد على أن وظيفة المندوب يجب أن تبقى في حدود الجانب الاداري إلا أن مندوب سوسة هو الذي يقرّر كل شيء وينظم التظاهرات بعلاقاته الشخصية معتمدا إقصاء أبناء الجهة الذين عرفوا بالابداع»، وفي ما يخص النقابة اقترح الطاهر القيزاني أن يقع التعامل والتعاون مع نقابتي تونس وصفاقس والانفتاح على مختلف التجارب داعيا الموسيقيين الى التضامن والتكاتف بعيد عن «أشباه الموسيقيين بالجهة والذين يتفاخرون باحتراف مزيف واقتصر اجتهادهم على خلق العراقيل معتبرين القطاع الموسيقي للتمعش غير الشرعي» وأضاف «قد نتخالف وهذا أمر طبيعي ولكن إياكم وقطع الأرزاق مثلما يفعل العديد ممّن استغلوا المرات القليلة التي ظهروا فيها بالتلفزة بمنطق الأخذ بالخاطر حتى دخلوا في لعبة الاقصاء». وعي وعزيمة اتّسمت تدخلات الموسيقيين بعمق النظر ورفعة المستوى الفني والثقافي كيف لا والحاضرون جلهم من المبدعين والأساتذة والمثقفين ويعتبرون من النخبة الموسيقية بالجهة، أطّر مختلف التدخلات الأستاذ محمود بن يزّة الذي أبدى حرصا وغيرة شديدين علي المشهد الموسيقي بسوسة وأكد على ضرورة تأسيس نقابة لتطوير وتأطير مبدعي الجهة وفتح آفاق أرحب للموسيقى عموما على حد تعبيره فيما اعتبر حيدر أمير أن كثافة الانخراطات عامل مهم جدا لقوة النقابة مثمنا فكرة التعامل مع نقابتي تونس وصفاقس داعيا الحاضرين الى حماية أنفسهم من بعض متعهدي الحفلات ومن العراقيل التي تحاك وتمحورت بقية التدخلات حول أهمية النقابة وشروط نجاحها ووقع في خاتمة اللقاء إقرار قائمة اسمية في المنخرطين بعد أن اكتمل النصاب من أجل عقد مؤتمر بمقر الاتحاد الجهوي للشغل. لقطة غير عابرة عبّر أحد الحاضرين وهو من الناشطين في القطاع الفني ويملك شركة للاشهار والاتصال عن تطوعه لخدمة النقابة في كل ما تتطلبه من إشهار ودعاية من وثائق ومعلقات وغيرها بصفة مجانية، مما أضفى روحا أخرى على هذا اللقاء الذي وإن عكس حيرة وخيبة ظن من واقع موسيقي جهوي مرير لازالت تحكمه المآرب الخاصة وقصر النظر فإنه في نفس الوقت أبرز أن للموسيقى في سوسة رجالها.