«الثورة جلبت لنا ثروة من القمح الأصيل... ومخزونا من جينات الكائنات الأصيلة..» هذا ما صرّح به السيد منوّر الجمالي المدير العام للبنك الوطني للجينات ل «الشروق».. ذكر السيد منور الجمالي المدير العام للبنك الوطني للجينات أنه تم تجميع 85 قنطارا من البذور المحلية للقمح القديم التونسي الأصيل.. واعتبر ان هذا الانجاز ثروة حقيقية زمن الثورة.. وفسّر ذلك بأن الحبوب المجمّعة هي«أصناف من ذهب نظرا لقدرتها العجيبة على التأقلم مع المناخ الصعب وقدرتها على التفاعل مع التغييرات المناخية... اضافة الى القيمة الغذائية التي تتميّز بها هذه الحبوب». قمحنا... في أمريكا!! تحدّث السيد منوّر الجمالي عن عملية استعادة القمح الأصيل التي انطلقت بتجميع 14 قنطارا السنة الماضية، وتمّت زراعتهم في الاراضي الفلاحية التونسية. الطريف هو ان عملية استرجاع القمح التونسي الاصيل تمّت بالاستعانة بالبنوك الفلاحية الموجودة في أمريكا وليكاردا.. حيث تحتفظ هذه الدول بالبذور التونسية الأصيلة وتكثر زراعتها هناك... ويذكر ان الامريكان وأبناء ليكاردا استعانوا بزراعة أصنافنا المحلية في أراضيهم منذ أكثر من قرن ونصف!! وتمت المحافظة على هذه البذور التونسية في مركز البحوث الزراعية بأمريكا ومراكز أخرى أجنبية... كما تم تجميع البذور من بعض الفلاحين في تونس المحافظين على البذور التونسية الاصيلة وهم قليلون. وقام البنك الوطني للجينات بورشة عمل مع الفلاحين والباحثين قصد تدارس طرق تثمين البذور المجمعة وإعادة غرسها وانتاجها بهدف المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي في تونس، ومن المنتظر ان يتم فرز هذا القمح كي يضع ويتم تحويله اي «البسيسة» الأصلية ومن أصناف محلية حقيقية... وكسكسي بنكهة تونسية عتيقة وغيرها من مشتقات القمح.. سلالات مجمّدة!! من جهة أخرى، قام البنك التونسي للجينات مؤخرا بتركيز وبعث بنك خاص بتجميد الجينات الحيوانية التونسية الأصيلة.. وأطلق على هذا البنك اسم «كريو بنك».. وتتمثل مهام «الكريوبنك» في المحافظة على الموارد الجينية والحيوانية من خلال تجميد السائل المنوي للحيوانات المهددة بالاندثار... وتتم عملية تجميد هذا السائل في 196 درجة تحت الصفر ويمكن من خلال هذه العملية المحافظة على السلالات التونسية المهددة بالاندثار... من ذلك المحافظة على البقرة التونسية.. والحصان البربري، والقط البري والنعجة التونسية وغيرها من الأنواع.. وانطلقت فكرة العمل بهذا المشروع منذ سنة 2008 وذلك بعد تنظيم تونس لورشة عمل عالمية حول بنوك الجينات الحيوانية والتي تستعمل «التجميد»، أي تجميد السائل المنوي للحيوانات المهددة قصد المحافظة على السلالات، وتوفير خزينة وبنك احتياط من الحيوانات المهددة. ويمكن اعتبار تجربة نعجة الحليب التونسية «الصقلي» أنموذجا في عملية الحفاظ على السلالات.. حيث تراجعت أعداد هذه النوعية من النعجات سنة 1995 وكادت تندثر. وتكوّنت سنة 2003 جمعية لمربي هذه السلالة، وقاموا بالتعاون مع لجنة من البحث العلمي بدراسة لإعادة هذه السلالة... وتضاعفت قيمة الحليب... ودخلوا الآن بعد التعاون مع بنك الجينات في مرحلة تحويل الحليب الى أجبان و«ڤوتة». ويقول السيد منوّر الجمالي ان الحفاظ على الجينات الحيوانية التونسية هو جزء من الحفاظ على الهوية والشخصية التونسية.. وهي جزء من الحفاظ على السيادة الوطنية.. ومن المنتظر ان يدخل بنك الجينات في مشاريع جديدة للحفاظ على سلالات أخرى مثل البقرة التونسية والخيل التونسي وذلك بالتعاون مع بنك تربية الماشية... إضافة الى تجويد الخيول.. ويبدو أن مجهود البنك قد لقي صدى عالميا، حيث أفرز نجاح عمل فريق بنك الجينات التونسي جلب مساعدات وهبات من منظمة التغذية والزراعة، قصد مساعدة المزارعين على تثمين منتوجهم.. إضافة الى مساعدة السنة الماضية من البنك الاسلامي للتنمية.. وأكد السيد منوّر الجمالي ان عمل البنك متواصل وأن فريق العمل والباحثون يجتهدون رغم الانتقادات التي عاشتها هذه المؤسسة بعد الثورة.