مازال موضوع إصلاح المنظومة الأمنية يثير الجدل والنقاشات بحثا عن السبل الكفيلة بتحقيق الأهداف التي تسعى اليها كل الاطراف المعنية بالمسألة الأمنية. أي أهمية للجماعات المحلية في التنمية الجهوية وما هي الجدوى من هيكلة تعتمد على القطب الجهوي... وكيف هو الاصلاح الأمني ومستلزماته الدستورية والتشريعية والسياسية؟ في هذه العناوين كانت أولى المناقشات التي تمت أمس ضمن اليوم الأول للملتقى الذي نظمته وزارة الداخلية تحت عنوان «الأمن والتنمية... جدلية البنية والوظيفة» حضرته عدة إطارات أمنية وشخصيات وطنية باشراف للوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالاصلاحات محمد لزهر العكرمي وعياض بن عاشور رئيس هيئة حماية الثورة الذي تحدث عن الجدوى من إحداث وزارة للأمن الوطني. ملتقى الأمن والتنمية حضرته عدة وجوه تعمل بالحقل السياسي، من منظمات وأحزاب وجمعيات... وسيتضمن الملتقى عدة مداخلات لأيام تستمر للثلاث على التوالي بأحد نزل العاصمة. فيما ارتبطت مداخلة الأستاذ في القانون العام السيد «هيكل محفوظ» بمدى الاصلاح الأمني ومستلزماته الدستورية والتشريعية والسياسية. ومن المنتظر اليوم الجمعة أن يقدم محسن مرزوق مداخلته عن الأمن الانساني وسيتحدث سمير الترهوني (رئيس فرقة BAT) بحكم تخصصه في العمل الميداني عن السبيل لانتشار أمني أكثر فاعلية. والأستاذ جميل الصباح الخبير الدولي في إصلاح الامن في محاضرة بعنوان «شرطة الجوار». المسؤول السياسي يحاسب الأستاذ الجامعي في القانون العام والمستشار الاقليمي لمركز جينيف للمراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة السيد هيكل محفوظ تحدث عن الاصلاح الأمني ومستلزماته الدستورية والتشريعية والسياسة وعن عدد من العناصر الهامة مشيرا الى ضرورة وضع عنصرين أساسيين ضمن مجموعة من المفاهيم التي يقع استهلاكها والتي لا يمكن إبعادها عن الحقيقة مضيفا: «ان الانطلاق من التجربة ومن الواقع لمفهوم الاصلاح الأمني مهم جدّا كمفهوم متداول عن الانفلات وعن الاصلاح اذ يقول: «إننا نتحدث يوميا عن أمن الاشخاص وعن أمن الدولة لكن لا ندرك أبعاد المفهوم فنتعامل معه بشكل سلبي إلا أني كنت أؤكد عليه في كل الملتقيات، وأن الوطن العربي له مفهوم خاطئ إذ أن مفهوم السلطة لدينا مرتبط فقط بالتعسف والتسلّط والملاحقة في حين أن مفهومه الايجابي يعني البناء والاستقرار والتنمية، كذلك الشأن للأمن لاحترام القانون وبالتالي أمن المواطن الذي يقتضي العيش في المساواة والسلم والانسجام بكل حرية والحرية بما معناه الانعتاق من الخوف والانعتاق من الاحتياج. وما حدث في تونس كان أمرا حتميا وليس مفاجئا ومن الحاجيات البديهية الأمن الذي يقتضي البحث والرغبة في البحث عن حياة أفضل. وأضاف الأستاذ هيكل: «هذا هو المفهوم حين نتحدث عن الأمن وعندما نضع خطة أمنية والأمن كذلك هو حاجة وهو خدمة... وهناك هياكل توفّر خدمة للأمن وهي العدالة والسجون.. فالمواطن يتعامل مع منظومة الامن بمنطق لا أحبّك ولا أصبر عليك. كلّنا انتقاليون وأضاف السيد هيكل: «إنه حين نتحدث عن الوزارة فإننا نقدّم وابلا من الانتقادات ولا نتحدث عن العدالة وعن أداء الاعلام الذي لا يهتم بالشأن الأمني الا في الأزمات لذا أعتقد ان خطة الاصلاح قد تندرج في ثلاثة عناصر قد تفاجئ الكثير من رجال القانون في عدم اعتماد منهجية متماسكة والتقارب بين المواطن ورجل الأمن اذ أنها المحددات الأولية والأساسية لبناء مشروعية جديدة... لابدّ من جسر ومرحلة أولى تقتضي الرصانة... إذ أننا كلنا انتقاليون لكن هذا غير مبرر اذ يجب قبول الأمور برصانة وضمن حدّ أدنى بالثقة التي تبلور الإرادة السياسية... من خلال وضع سياسة أمنية واضحة تكون هي منطلق خطة الاصلاح». الانعتاق وجاء في مداخلته ايضا: «إن الانعتاق من حالة الاحتياج هو عيش في إطار جديد وأن المخاطر والاحتياجات تختلف من العاصمة الى مكان آخر خاصة منها الاحتياجات الأمنية مؤكدا ان الأولويات تختلف من جهة الى أخرى وما هو يعتبر أوليا في المشرق مثلا هو ثانوي عندنا كذلك تحديات المخاطر والتهديدات. وأشار الى أنه حين تم البحث في القوانين المتعلقة بالنصوص والأوامر العالية والمؤقتة عثر على 1300 نص منهم 340 نصّا مازالوا حيز التنفيذ وكان هذا ضمن جرد من سنة 52 الى 2011. إعادة تصور قانوني القرارات التي تم العثور عليها فيها الايجابي والسلبي وفيها المدقق للنظام التشريعي حيث لاحظنا ان هناك فترات مدّ وجزر من السبعينات الى أواخر التسعينات وهناك اختلال التوازن بين مختلف السلطات بما فيها القضائية. وهذا النقص الفادح في قيمة المنظومة الدقيق مما يستوجب إعادة التصوّر القانوني الذي ينبع من سياسة أمنية سابقة. وتقريب الخدمة الأمنية من المواطن ستكون لإعادة بناء ثقة مشروعة وثقافة للتشاور والحوار لأننا كلنا نتعلّم في الديمقراطية من المواطن الى رأس الدولة وعلى كل شخص ان يضع كلمته ان يتحمل مسؤولياته إذ أننا نتحدث عن ثورة انتخابات ديمقراطية وانتقال ديمقراطي وعدالة انتقالية وإصلاح للمنظومة الأمنية لكننا لا نتحدث عن هذه المسائل الا في الأزمات حيث الضغوطات فأين المواطن من كل هذا الجدل والحال ان الدولة تعريفها هي أن تكون من الشعب فالمواطن هو الذي سينتفع ويمارس السيادة لكنه هو نفسه المغيّب في هذا التصوّر والاصلاح، ويجب كذلك تحديد الخدمة الأمنية».