تنطلق يوم الأحد المقبل الحملة الانتخابية الخاصة بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي والتي ستستمر ثلاثة أسابيع. هذه المحطة الانتخابية التعددية الأولى بعد الثورة ستكون أبرز خطوات الانتقال الديمقراطي المنشود, وأول اختبار لتجذر ثقافة الديمقراطية وقبول الآخر لدى الفاعلين السياسيين, سواء كانوا مترشحين أو ناخبين. إن إتمام هذه الانتخابات في مناخ ديمقراطي وفوق التجاوزات والطعون سيعيد الثقة في صندوق الاقتراع كآلية ديمقراطية للوصول إلى الحكم, وسيحقق أبرز أهداف الثورة, وسيجعل العالم, الذي يراقب هذا الحدث المتميز, يشهد على نشأة ديمقراطية جديدة تتوج أولى ثورات الربيع العربي. وفي المقابل فان حصول تجاوزات أو أحداث عنف خلال المرحلتين المتبقيتين من هذا الاستحقاق الانتخابي, لا قدر الله, ستكون بذرة إجهاض الثورة وأهدافها وخيانة لشهدائها وصانعيها ومسانديها, وانتصارا لقوى الردة التي يرتدي بعضها لبوس الثورية المزيفة . ورغم الإجماع الواضح حول تسريع إضفاء الشرعية على الحكومة ومؤسسات الدولة عبر انتخابات نزيهة وشفافة, فإن بعض المؤشرات مازالت تدفع الى التخوف من المستقبل, وإلى التحفظ حول نجاح الانتخابات والقبول بنتائج الصندوق. و من هذه المؤشرات عدم استقرار الوضع الأمني بشكل تام وتواصل إدارة الاختلاف في الرأي بأساليب غير مقبولة ولا تستبعد التشويه واستعمال العنف وخلق فزاعات ورسم سيناريوهات كارثية تنبئ ببروز نظام ديكتاتوري جديد, إذا فاز هذا الطرف أو ذاك. ان أي خلل أوتجاوز خلال الحملة الانتخابية سيؤدي حتما الى ارتفاع نسبة المقاطعة بين المرسمين الذين يمثلون نصف اجمالي عدد الناخبين وبالتالي فان الشرعية الانتخابية ستكون منقوصة ولا تعبر الا عن جزء من الناخبين وستفرز سلطة منتخبة بمن حضر من التونسيين وليس من كل التونسيين ولن يكون حالها أفضل من الهيئات التوافقية التي لا يعرف التونسيون من ولاها. فهل نعيش تنافسا ديمقراطيا يعبر فيه التونسيون عن إرادتهم بعيدا عن محاولات الاقصاء والتخوين وأساليب التشويش على الاجتماعات الانتخابية وتمزيق المعلقات الانتخابية، هذا ما نتمناه ونأمله, ونعتقد أن التونسيين قادرون عليه.