رغم كل الدعوات الى ضبط النفس، فقد وقع بعض الاسلاميين في المحظور يوم أمس، وأطلق أحد أئمة جهة سوسة دعوة الى «سفك دماء العلمانيين والشيوعيين»، ليطلق بذلك حملة ضارية في الموقع الاجتماعي ضد هذا الخطر. ورغم الدعوات المتواترة حتى من ناشطين اسلاميين معروفين للتخلي عن التظاهر لتفادي الشغب، أو على الأقل تفادي المظاهرات غير المنظمة، فقد وقع حشد كبير طيلة يوم أمس الأول ضد قناة نسمة وكان ذلك صورة لحالة الاحتقان الكبير في الشارع التونسي حيث خرجت عشرات المظاهرات التي حظيت بتغطية قوية في الموقع. لكن بعض الصفحات اعتبرت بث الفيلم الذي انتجته ايرانية «مؤامرة خطيرة على الاسلام يقودها الصهاينة»، وقرأنا عدة تعاليق خطيرة تدعو الى العنف باسم حماية الاسلام والانتقام للذات الالهية، وأعادتنا تلك التعاليق الى الثقافة الجهادية التي لم نعرفها في تونس الا من خلال الفضائيات. واذا كان أغلب مظاهرات أمس الأول سلميا ومنظما فان بعضها الآخر كان عنيفا وانتهى بعضهم الى اضرام النار في منزل صاحب قناة نسمة في عمل خطير يدعو الى الخوف من المستقبل. غير أن الخطر جاء من سوسة، وتبعا لما تم تداوله في الموقع دون أن نحصل على اثبات له، فإن إمام أحد مساجد الجهة لم يتمالك نفسه فأطلق من على منبر الجمعة «دعوة الى سفك دماء العلمانيين والشيوعيين». وهو تطور خطير جدا كما يصفه أغلب الحقوقيين والناشطين في المجتمع المدني من كل الاتجاهات السياسية. ونقلت ناشطة شابة من بنزرت مقطع فيديو لمراسل القناة الوطنية الأولى يؤكد فيه الخبر، وكتبت تعليقا جاء فيه: «لكن كيف سيفرق هذا الامام بين العلماني فيقتله وغير العلماني فيطلق سبيله؟ هل سيخترعون لنا آلة لتمييز الشيوعي والعلماني من غيرهم ؟». و جلب تساؤلها تعاليق حادة جدا تستنكر فتوى الامام مثل: «من يظن نفسه وبأي حق يهدر دماء الناس ؟ هذه جريمة يعاقب عليها القانون التونسي». وكتب محام شاب من سوسة أنه أصبح يتوقع أن تصدر فتاوى أخرى في قتل واهدار دم كل مخالف، «اذا فتح هذا الباب وأصبح كل واحد يفتي في تكفير الناس واهدار دمائهم، فلن تتوقف الفتنة». وكتب أستاذ فلسفة تعليقا حائرا اخترنا منه: «أين علماء الزيتونة ؟ أين المجلس الاسلامي الأعلى ؟ أين المفتي ؟». أما أجمل ما قرأنا من تعاليق فهي رواية أوردها ناشط اسلامي معروف على الموقع جاء فيها أن أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم روى له كيف أنه لاحق مشركا هرب من المعركة، ولما هم بقتله، نطق بالشهادتين لكنه قتله، فقال له الرسول: «لماذا قتلته بعد أن نطق بها ؟ فقال الصحابي: لقد قالها خوفا من سيفي، فقال الرسول: هلا شققت على قلبه أقالها صادقا أم كاذبا من سيفك، اللهم اني أبرأ اليك مما فعل». وانتهى الناشط الاسلامي الى القول: «أنا أبرأ من كل من يهدر دماء الناس وهذا دور القضاء وحده، كل شيء الا الدم، لأن القتل هو الجريمة الأشد في الاسلام والتحريض على القتل مثل القتل». وكما توقع كثيرون، فقد اقترف أحد ما هذا الخطأ الفظيع الذي هو الدعوة الى القتل من أجل الانتماء أي الاختلاف السياسي أو الفكري.