دخلت العملية الانتخابية منعرجها الأخير والحاسم وستتوقف الحملة منتصف الليلة القادمة في انتظار أن يتوجه الناخبون يوم الأحد الى مراكز الاقتراع لاختيار ممثليهم بكل حرية واقتناع. وإذا كانت مرحلتا التسجيل والحملة الانتخابية مرتا بلا مشاكل أو صعوبات عدا ضعف اقبال المواطنين على التسجيل وحضور الاجتماعات العامة، فإن التخوّفات مازالت تسود بعض الأوساط تتعلق بيوم الاقتراع والفترة التي ستليه. فالبعض يخشى أن تكون نسبة الاقبال على الاقتراع ضعيفة في علاقة بضعف الاهتمام الملحوظ من عديد المواطنين في أكثر من جهة بالحملة وقبلها بالتسجيل الطوعي، اضافة الى كثرة القائمات المشاركة وتقديمها لوعود انتخابية وهمية غير قابلة للتحقيق ولا تتماشى مع خصوصية انتخابات مجلس تأسيسي سيكون هدفه الأساسي صياغة دستور للبلاد. التخوّف الثاني مرتبط ببعض دعوات المقاطعة الصادرة من أطراف متعددة ترمي الى اجهاض هذا الاستحقاق الانتخابي المتميز وبعض أحداث العنف التي جدّت في عدة مناطق والتي تحاول جرّ البلاد الى مربع العنف الذي خلنا إننا ودعناه بلا رجعة بعودة الاستقرار وانتشار الامن في كامل البلاد. وقد يكون التخوّف مرتبطا أيضا بنتيجة الاقتراع نظرا لطبيعة القانون الانتخابي المعتمد الذي لن يفرز أغلبية واضحة، وأيضا نتيجة تشتت الأصوات وامكانية صعود قائمات صغيرة، وهو ما يعسّر تكوين ائتلافات لتشكيل الحكومة المؤقتة الجديدة في ظل التنافر المسجل بين الأحزاب الكبرى بما في ذلك الذي سبق لها الائتلاف تحت أكثر من راية. وهناك تخوّفات من غضب أو ردة فعل غير محسوبة من بعض الأحزاب التي قد لا تقبل نتيجة التصويت خاصة منها التي تحدّث قادتها كثيرا في وسائل الاعلام وظنوا أن فوزهم سيكون بحجم ظهورهم الاعلامي أو أكثر. التخوّفات قد يكون مصدرها الناخبون او المواطنون العاديون الذين عيل صبرهم حول تحسّن أوضاعهم الاجتماعية والذين أغرقهم المترشحون في أحلام كبيرة بعد وصولهم الى التأسيسي والذين سيقبضون على الهواء، لأن لا الدولة في ظل تراجع النمو الى أدنى المستويات ولا رجال السياسة او الأعمال قادرون على تحسين أوضاعهم المعيشية خاصة وأن أسعار المواد الأساسية مرشحة الى مزيد الارتفاع ليس في تونس فقط بل في كامل أنحاء العالم ولثلاث سنوات قادمة على الأقل. إن خطاب التعقل والواقعية مطلوب اليوم من الجميع لتقاسم التضحيات وللمساهمة في وضع مشروع مجتمعي أفضل تتساوى فيه الفرص أمام الجميع ويتم فيه توزيع الثروة توزيعا عادلا، أما بيع الأوهام والوعود الوردية فلن تؤدي الى الاحتجاجات وردود الفعل العنيفة.