قائد الجماهيرية الوحيدة كان يدلي بدلوه كخبير في أي حقل معرفي ولم يتردد في تصريحات خلافية أو مثيرة للسخرية أو حتى خاطئة تماما. العقيد معمر القذافي زعيم الثورة الليبية وصاحب النظرية الثالثة التي طرحها في كتابه الأخضر، الذي قتل أمس الخميس عرف بتصريحاته النارية وملاحظاته التي لا تخلو من الغرابة بدءا من تلك المتعلقة بالقومية العربية الى دعوته لاقامة «ولايات متحدة افريقية»، مرورا برعايته «الارهاب» رسميا. فقائد ثورة الفاتح من سبتمبر (1969)، عرف أولا بأزيائه المتنوعة بدءا بألوان افريقيا وانتهاء ببزاته العسكرية العديدة وأوسمته... مرورا بقمصانه الملونة وبدلاته الرسمية وقبعاته ونظارات الشمس التي تكاد لا تفارقه. غرائب القذافي وعندما بدأت الحركة الاحتجاجية في «الجماهيرية العظمى»، كما اختار أن يسمي ليبيا، وصف المتظاهرين المناهضين له بأنهم «جرذان» و«عملاء» و«خونة» يتناولون «حبوب الهلوسة»، وتوعدهم «بالمجازر» و«بسحقهم». قبل ذلك، ردد القذافي الكثير من الجمل التي أثارت دهشة كبيرة.. فقد تحدث مرة عن «وليام شكسبير» على ان هذا الكاتب المسرحي الكبير «عربي الأصل»، موضحا أمام حضور قليل الاطلاع على الأرجح أن الاسم مركب من كلمتين «الشيخ زبير». وفي القاموس الشخصي جدا لصاحب فكرة حكم الشعب للشعب عن طريق لجان شعبية، أجداد هنود أمريكا ينحدرون من شمال افريقيا.. أما أمريكا أصلا فقد جاء اسمها من رجل يدعى «الامير كا» الذي استولى الرحالة الاسباني اميريكو فيسبوتشي على كل منجزاته. وفي الاقتصاد توصل الى نتيجة مفادها أن سويسرا بلد «قريب» من ليبيا لكنه اقل تقدما من الجماهيرية وللأمريكيين والسوفيات أيضا حصة من آرائه بما أن «الهمبرغر» هو «مزيج من الصراصير والفئران والضفادع وبواسطته تم تدمير الاتحاد السوفياتي». ويرى القذافي أيضا أن هناك نوعين من الأشخاص يجب التخلص منهم لأنهم يمارسون احدى مهنتين «غير منتجتين» وهم «المحامي» و«بائع الورود». وهو خبير أيضا في الطب.. فقد قال في قمة للاتحاد الافريقي في 2003 «الايدز الايدز الايدز.. لا نسمع سوى هذا الكلام انه ارهاب.. انها حرب نفسية. الايدز فيروس هادئ واذا بقيت نظيفا فليست هناك أي مشكلة». والعسكري الذي مر على أكاديمية عسكرية بريطانية قارن مرة بين شخصه ويسوع المسيح والنبي محمد، ورأى «أنهما لم يعرفا الشهرة العالمية التي وعد بها». والرجل الذي تخلى عن كل المهام الرئاسية ليتفرغ لقيادة الثورة، يحب رفقة النساء. وهو يقيم في معظم الأحيان في خيمة ترافقه في كل رحلاته تقريبا.. فكان ينصبها في الصحراء الليبية تماما كما في حديقة القصر المخصص للضيوف الأجانب في باريس مثلما فعل خلال زيارة فرنسا في 2007 وخلال تلك الزيارة، شعر بالشفقة على نساء أوروبا.. وقال ان «ظروف المرأة في أوروبا مأساوية. انها مضطرة في بعض الأحيان للقيام بعمل لا تريده مثل ميكانيكية أو عاملة بناء». وأكد انه يريد أن «ينقذ المرأة الأوروبية التي تكافح». قفاز أبيض ومن منطلق حرصه في اغلب الأحيان على اثارة الرأي العام في الدول الغربية، لم يتردد في انتقاد فكرة الديمقراطية. ورأى مرة أن «بعض الدول يمكن أن تجد أن الدكتاتورية تناسبها اكثر». في أوت 2010، خلال زيارة الى روما ألقى محاضرتين عن الاسلام أمام مئات النسوة اللواتي تم اختيارهن من الجميلات والشابات وحصلت كل واحدة منهن على ثمانين أورو. قال لهن ان «أوروبا يجب أن تعتنق الاسلام والاسلام يجب أن يصبح دين أوروبا بأسرها». ولم يفلت «أصدقاؤه» من آرائه ففي 2005 في الجزائر، وصف الفلسطينيين «بالأغبياء» مثيرا ضحك القادة العرب بمن فيهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال القمة العربية في الجزائر في 1988، لبس كفا ابيض بيده اليمنى فقط.. والسبب هو انه لا يريد مصافحة بعض القادة الذين لطخت أيديهم بالدماء. وفي القمة التالية اخذ يدخن سيجارا كبيرا وينفث الدخان باتجاه جاره.. العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز. أما في قمة الدوحة في 2009، فقد قطع الصوت عندما كان يتحدث في الجلسة الافتتاحية عن خلاف بينه وبين الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، فانسحب. ورغم اعتذار عن انقطاع الصوت رفض «القائد الاممي وعميد الحكام العرب وملك ملوك إفريقيا وامام المسلمين»، كما وصف نفسه، العودة الى الجلسة واختار زيارة المتحف الاسلامي