مباشرة بعد نجاح ثورة 14 جانفي وهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تواترت أخبار مفادها هجرة 20 تونسيا يهوديا الى اسرائيل. وأكدت احدى الصحف الاسرائيلية في مقال نشرته أواخر جويلية الماضي أن التونسيين اليهود العشرين وصلوا الى اسرائيل عبر دولة ثالثة وأن هؤلاء اليهود المهاجرين ينتمون الى ست عائلات هاجرت قبل سنوات الى اسرائيل. وحسب الاحصائيات الرسمية الاسرائيلية، فخلال السنوات الستين الماضية هاجر الى اسرائيل أكثر من 42 ألف يهودي تونسي، وفي العام الماضي هاجر الى اسرائيل 16 يهوديا تونسيا. وكشفت الصحيفة أن وزارة الخارجية الاسرائيلية طلبت من بريطانيا وفرنسا رعاية مصالح اليهود التونسيين على ضوء الأحداث الجارية في تونس منذ اندلاع الثورة وفرار بن علي.
الوكالة اليهودية على الخط
وكشفت المعطيات المتوفرة أن المهاجرين الجدد وصلوا الى اسرائيل في اطار عملية شاركت فيها عدة جهات اسرائيلية من بينها الوكالة اليهودية ووزارات استيعاب الهجرة والخارجية والداخلية. وقد روجت وسائل اعلام اسرائيلية أن مئات اليهود التونسيين يدرسون إمكانية الهجرة الى اسرائيل في أعقاب الثورة وفوز «النهضة» بأغلبية مقاعد المجلس التأسيسي، وأن الوكالة اليهودية تتابع عن كثب الوضع في تونس وأنه تمّ إعداد خطة عمل خاصة من أجل مساعدة اليهود الموجودين في تونس.
وكانت الحكومة الاسرائيلية خصّصت مبلغا ماليا لمساعدة يهود تونس على الهجرة، وقد قابلت السلطات التونسية هذه الدعوة بالاستياء واعتبرتها تدخلا في شؤونها أما الجالية اليهودية بتونس فقد رفضت العرض الاسرائيلي المريب وأعلنت عن ولائها لتونس حيث أنهم يعيشون في أمان ولا يشعرون بالتفرقة في المعاملة ولن يتركوا وطنهم مهما كان السبب..
يذكر أن عدد اليهود في تونس يناهز الآن الألفي شخص يعيش نصفهم في جزيرة جربة بينما يتواجد حوالي 400 يهودي في تونس العاصمة والباقي موزعون في أنحاء البلاد.
أثناء الحملة الانتخابية للمجلس التأسيسي بادرت حركة «النهضة» من خلال مناضليها وقائمتها في تونس 2 وتحديدا بمدينة حلق الوادي الى زيارة أبناء الجالية اليهودية بهذه المدينة التي يتواجد بها عدد لا بأس به من اليهود منذ عشرات السنين وحظيت هذه المبادرة غير المسبوقة الى تغطية إعلامية واسعة ومثلت منطلقا لعلاقة مريحة بين يهود تونس وحركة «النهضة» كما أدى رئيس الطائفة اليهودية بتونس «روجي بسيموت» زيارة الى مقر حركة «النهضة» حيث التقى بزعيم الحركة راشد الغنوشي وعدد من قياديي الحزب على غرار حمادي الجبالي أمينها العام ورئيس الوزراء المنتظر وبعض أعضاء المكتب التنفيذي لحزب «النهضة» الفائز بأكبر عدد من مقاعد المجلس التأسيسي.
رأي أحد أفراد الجالية
وكانت «الشروق» التقت بعد انتهاء انتخابات التأسيسي وفوز «النهضة» بالمرشح اليهودي والتونسي الوحيد لهذه الانتخابات «جاكوب لولوش» الذي أفادنا أنه ليس قلقا من فوز «النهضة» ويتقدم لها بالتهاني مؤكدا أن المهم هو خدمة تونس وتحقيق أهداف الثورة في الكرامة والديمقراطية وضمان حقوق الانسان وأشار الى أنه كان سعيدا بالمشاركة في انتخابات التأسيسي رغم عدم فوزه بمقعد مضيفا أن هذه المشاركة تأتي في إطار ممارسة حق المواطنة والمساهمة في عملية الانتقال الديمقراطي مشدّدا على أنه كان يرغب فعلا في اقتلاع مقعد عبر الانتخاب وليس عن طريق التعيين كما وقع زمن الزعيم الحبيب بورقيبة الذي عيّن أحد أفراد الجالية بالمجلس التأسيسي في عام 1956.
وعن تخوف بعض الأطراف من المدّ السلفي أكد جاكوب لولوش أن هذا التخوف يهم جميع التونسيين وليس اليهود تحديدا فهناك خوف حقيقي على مكاسب تونس في الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان، ومن حسن الحظ أن السلفيين ليسوا أغلبية ولا يتولون إصدار التشريعات والقوانين وأضاف محدثنا أن المهم هو العمل على حماية مصلحة البلاد داخليا وخارجيا مع التصدي لكل من تسوّل له نفسه الاضرار بتونس مهما كان معتقده وتفكيره أو آرائه.
وتعقيبا على مسألة هجرة بعض اليهود التونسيين الى اسرائيل كشف جاكوب لولوش أنه ليس على علم بذلك مؤكدا أن عددا من التونسيين المسلمين وخاصة العائلات المتصاهرة مع أسر أجنبية خرجوا من تونس بعد الثورة هروبا من الانفلات الأمني والاضطرابات السياسية والاجتماعية المتكرّرة.
وتبقى المسألة في كل الحالات عرضية ومحدودة في الزمان والمكان.