جيل جاكوب لولوش هو أول تونسي من أصل يهودي أو كما يحبذ أن يُقال عنه أول تونسي غير مسلم يخوض تجربة الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر الجاري في خطوة غير مسبوقة في تاريخ تونس الحديث. يتقدم لولوش المولود بضاحية حلق الوادي للانتخابات عن دائرة تونس2 تحت راية الاتحاد الشعبي الجمهوري الذي يترأسه الدكتور لطفي المرايحي وتقود قائمة الحزب بالدائرة المذكورة الأستاذة والرسامة صديقة كسكاس. «الشروق» التقت جاكوب لولوش في لقاء كشف أسباب ترشحه والأهداف التي يرغب في تحقيقها من خلال هذه المبادرة فضلا عن قضايا واشكاليات أخرى ذات علاقة بالشأن الانتخابي أجاب عنها بكل أريحية وصراحة. وأكد لولوش في بداية حديثه أنه كان يفكر منذ نجاح الثورة في المساهمة في الحراك السياسي من أجل تطوير البلاد وإعادتها الى سالف بهجتها ونموّها في اطار من الحرية والكرامة والديمقراطية. وأضاف يقول: «كلنا تونسيون ومن واجبنا كأقلية المساهمة في الحياة السياسية بعد عقود من الاستبعاد والتجاهل. وقد جاءت الفرصة التاريخية مع الثورة المباركة التي أعادت الى التونسي كرامته وعزته سواء كان الواحد مسلما أو غير مسلم. فتونس معروفة منذ مئات السنين بأنها أرض التسامح والتعايش والحضارة، لكن لا يجب الخلط بين التجربة التونسية التي أسست لدولة مدنية تقبل الاختلاف والتنوع واللائكية على الطريقة الفرنسية. فنحن كشعب لنا تاريخنا وخصائصنا وننافس أعتى وأكبر الحضارات والدول بما نملكه من ثراء ثقافي ومعرفي وحضاري. تونس باختصار دولة متوسطية بامتياز تستوعب الآخر ويعيش أبناؤها في كنف الاحترام المتبادل». عائلة عريقة وأكد لولوش أنه شعر بالراحة عندما اطلع على برنامج الاتحاد الشعبي الجمهوري بقيادة الدكتور لطفي المرايحي ووجد اقتراح الأستاذة صديقة كسكاس التي دعت للانضمام الى قائمة «تونس2» صدى في نفسه خاصة عندما تحدث معه بصراحة عن تجربته المهنية والشخصية وكيف يمكن الاستفادة من تجربته على الصعيد الاجتماعي والسياسي عبر استثمار خبرته وزاده الفني والحياتي والمعرفي. وأشار جاكوب لولوش الى أنه ينحدر من عائلة جاءت الى حلق الوادي منذ عام 1550م وتحديدا بعد سقوط الخلافة الاسلامية في اسبانيا عام 1492 حيث اضطر السكان من مسلمين وغير مسلمين الى الهجرة مع الأتراك باتجاه تونس وتمكنت عائلة جاكوب من ارساء علاقات متينة وحميمية مع سكان وأهالي منطقة حلق الوادي وتوطدت هذه العلاقات لتصبح جزءا من الموروث الثقافي والحضاري لتونس التسامح والتعايش. قبول الآخر لكن ماذا عن موقفه من الاسلاميين الذين ترشحوا بقوة في الانتخابات؟ يجيب جاكوب لولوش: «اطلاقا لست خائفا من وجود الاسلاميين في المشهد السياسي التونسي، لكن ما أرجوه هو أن يتصرف هؤلاء كمسلمين يستمدون مواقفهم من القرآن الذي يحترم جميع الفئات والأديان لا كإسلاميين ينسبون الى الدين الاسلامي أشياء غير صحيحة ومخالفة لروحه السمحة. وأضاف محدثنا في هذا الباب: «ولو رجعنا الى النص القرآني وسورة البقرة مثلا سنجد أن القرآن يقول: «لكم دينكم ولي ديني». فنحن بعد الثورة نرغب في تأسيس هوية وطنية متفتحة وليس هوية اسلامية قد تقصي الآخر. ليست لنا أية علاقة مع فرنسا فأنا شخصيا فخور بأنني تونسي غير مسلم ولذلك ترشحت عن طيب خاطر وبكل تلقائية الى مجلسه التأسيسي. وختم لولوش يقول: «تونس تتسع لجميع أبنائها. ومن قبيل العيب والخطأ أن يفكر بعضهم في فرض أفكار وآراء تتعارض مع طبيعة وخصائص المجتمع التونسي الذي يمتاز بثقافته المتسامحة والمتطورة».