تحت حجابها الوردي (هذا اللون المفضل لديها) يختفي عقل يحتوي أفكارا عصرية حداثية تنمّ عن ثقافة عربية إسلامية متصالحة مع ذاتها ومنفتحة عن الآخرين لا مكان فيها للتعصّب ولا للاستبداد بالرأي ولا حتى الحقد على جلاديها. المرأة التي يختفي شعرها تحت الحجاب الوردي هي المناضلة السياسية الحقوقية عائشة ذوادي التي تحدّت نظام بن علي خلال التسعينات صحبة زوجها محمد الكافي وكلّفها ذلك ما كلّفها لتعود بفضل ثورة 14 جانفي الى أرض الوطن وتواصل مسيرة العطاء من خلال موقعها بالمجلس التأسيسي كعضو عن حركة «النهضة». «الشروق» تحدثت إليها حول ملامح تونس بعد الثورة ورأيها في وضع المرأة التونسية وذلك على هامش مداولات المجلس التأسيسي المخصصة للمصادقة على قانون تنظيم السلط العمومية.
والتفاصيل في الحوار التالي:المرأة التونسية كانت فزّاعة «النهضة» من خلال مجلة الأحوال الشخصية وها هي اليوم تكون من الأسباب الأساسية لاعتصام باردو لتحذير المجلس من امكانية المساس منها، فما هو رأيك؟أولا أنطلق من تجربة شخصية حيث أن زوجي انتظرني طيلة 7 سنوات بالمنفى ولم يتزوج بثانية وهو ما يعني أني كإمرأة «نهضاوية» لن أقبل بمسّ أي بند من بنود مجلة الأحوال الشخصية وسأحرص من خلال مهمتي في التأسيسي ونشاطي في المجتمع المدني على أن أحسّن مكتسبات المرأة وليس العودة بها الى الوراء كما أني في مجال تعدد الزوجات تحديدا أقولها باسمي وباسم جميع نساء «النهضة» أننا لن نقبل لأي سبب من الأسباب بزوجة ثانية فما بالك بثالثة أو رابعة وذلك احتراما للقانون الذي وضعه شيوخ الزيتونة.
ومع ابتسامة نسائية قالت «المرأة النهضاوية على غرار المرأة القيروانية «ما تحبّش تقسم راجلها» والقيروانية كانت تقول لزوجها أنا أتزوجك وفقا لعاداتنا أي عندما يتزوج بثانية تطلّقه مباشرة».
الخطاب المزدوج هو ما يعيبه البعض على «النهضة» وخطاب التطمين وتقديم التنازلات انتقده الكثيرون فماذا تقولين؟فعلا هناك اتهامات بأن «النهضة» لها خطاب مزدوج وكل الناس حكموا عليها قبل معرفتها وكأنهم دخلوا في النوايا ولهؤلاء أقول أتركوا «النهضة» تعمل ثم احكموا عليها وعموما الكذب ليس من عاداتنا ولا ثقافتنا ونقبل بالتطور والتراجع ليس من شيمنا.
استخدمت المرأة هذه الأيام كفزّاعة للجامعة من خلال ارتداء النقاب بلغت حدّ غلق الجامعة فما هو الحل بالنسبة إليك؟أولا أنا أتبنّى موقف حركة «النهضة» من النقاب واعتباره يتنزّل ضمن الحريات الفردية ولكن يمكن أن يقع حوار داخل الجامعة حول القوانين المعمول بها لتمكين هذه الفئة من الدراسة واقترح إمكانية التحقّق من وجهها قبل أن تدخل قاعة الدرس على غرار ما حدث بفرنسا حيث لم يتمكن هذا البلد من منعهنّ من ارتدائه فتولى البوليس مهمة إيقافهن في الشارع والتعرف على وجوههن ثم ليتركها تمرّ حيث تتجه.
وعموما اليوم لنا عديد القضايا المطروحة التي هي اهم بكثير كتهميش الشباب والبطالة والاعتصامات والأسعار وادماج أصحاب الشهائد العليا في سوق الشغل والفقر في بعض الجهات ومسألة النقاب يمكن تجاوزها بالحوار. كيف ترين اعتصام باردو كعضو مجلس تأسيسي عن الحركة التي تحظى بالأغلبية في المجلس؟شخصيا أراها علامة صحية للمجتمع التونسي الذي عانى لسنوات طويلة الكبت والاضطهاد وعدم القدرة على التعبير على الرأي وبالتالي كل شكل من أشكال الاحتجاج السلمي البعيد عن العنف وتعطيل الدورة الاقتصادية هو شيء ايجابي وعموما رسالتهم وصلت و«النهضة» التي خصّها الشعب بثقة كبيرة ستكون في مستوى هذه الثقة مع الحرص على عدم إقصاء الألوان الأخرى والمحافظة على الهوية العربية الاسلامية والعمل مع الاختلاف الذي لا يفسد للودّ قضية ونأمل ان يتحلى النائب بالمجلس بالروح الرياضية مع تقبّل الرأي المخالف ورغم ان البدايات دائما صعبة سنسير نحو وفاق وطني إن شاء الله.
اتحاد المرأة هو هيكل نسائي عريق في مجال جلب المكاسب سيطر عليه التجمع المنحلّ لسنوات ويروّج حاليا ان النهضة تريد اكتساحه فما مدى صحة هذا الخبر؟هذا ليس صحيحا من منطلق إيماننا بأنه لا للهيمنة على المنظمات والجمعيات النسائية التونسية بل على العكس نريدها متعددة الألوان حتى يستطيع كل من جهته تقديم الاضافة ولن تقع «النهضة» مهما كان في الخطإ الذي وقع فيه التجمع باكتساح هذه المنظمة وغيرها من المنظمات الأخرى، وما نعمل من أجله هو إيجاد نقطة لقاء مع من يختلف معنا إيديولوجيا.
ما هي نقائص المرأة التونسية والصعوبات التي تواجهها وكيف سيتم العمل على تجاوزها؟ما ينقص المرأة التونسية حاليا هو المساواة في الأجر وخاصة نساء المعامل والتخفيض من ساعات العمل وتطبيق الحصة الواحدة وتقسيم الأدوار داخل الأسرة وذلك قصد وضع حد للمتاعب التي تواجهها المرأة والتمزق بين العمل والمنزل وغيابها التام عن الحياة الاجتماعية والسياسية.
نودّ اجابة صريحة، هل تشعرين بالحقد على من عذّبوك وزوجك خلال التسعينات خاصة بالسجن؟حقيقة لا أشعر بالحقد على أحد حتى من عذّبني بالسجن لأن لحظة عودتي لتونس والفرحة التي شعرت بها لحظة نزول الطائرة أنا وجميع من كن معي على متنها لا يمكن ان تفسدها مشاعر الحقد. وأؤكد انه لا نيّة لنا جميعا للانتقام من أحد ولكن نحن مع المحاسبة.