من الخطإ الفادح الاعتقاد أن سكان الحمامات يعيشون على قدر كبير من الرفاهية نظرا لطابع الحمامات السياحي وإشعاعها العالمي لأن الحقيقة مختلفة تماما. فمدينة الحمامات ورغم أسطولها مترامي الأطراف من النزل السياحية والعدد الكبير من المؤسسات الترفيهية المختلفة فإن نقائصها كثيرة. فعلى المستوى الاجتماعي يختلف حال سكان وسط المدينة من أصحاب الأملاك والعقارات عن ذاك الموجود في الأحياء القريبة جدا من وسط المدينة أمثال أحياء الناظور والرياض ووادي النحل وصولا الى بئر بورقبة وحي الانطلاقة أين يوجد حي برمته على غاية من الفقر. تم في العهد البائد التفكير في إزالة هذا الحي الفوضوي وذي المنظر غير اللائق بحكم قربه من الطريق الحزامية للحمامات ووجوده بأحد المداخل الهامة ومن جهة العاصمة وهو المدخل الذي كان يسلكه الرئيس المخلوع يوميا في فصل الصيف عندما يأتي إلى قصره بأحواز المدينة. أغلب سكان هذه الأحياء بسطاء يعملون في قطاع السياحة ووضعهم رهين إزدهار الموسم السياحي أما عند كساده مثلما حصل ابّان الثورة فلا تسأل ولولا المجهودات الكبيرة التي قامت بها بعض الجمعيات الخيرية في الحمامات مؤخرا في مساعدتهم على تكاليف العودة المدرسية لانقطع أبناؤهم عن الدراسة حيث تم توزيع ما يقارب 10 الاف دينار في شكل مساعدات مختلفة لهم أغلبها أدوات مدرسية. ونجد في قرى الحمامات مصاعب أخرى حيث لا بنية أساسية ولا ماء صالح للشراب ولا مستوصفات فمنطقة «المزيرعة» مثلا تضم حوالي 1000 ساكن يشربون من بئر قديمة شبيهة بمستنقع جفّ منذ الربيع الماضي وهو ما دفعهم للاعتصام في المدة الفارطة. ويفتقر متساكنو وادي لسود قرب بئر بورقبة إلى مستوصف فيما تنقطع مناطق «حتوس» و«الجنيّن» وتجمعات بعمادة لطرش ومنطقة الخروب قرب منارة الحمامات عن العالم الخارجي عندما تنزل الأمطار نظرا لرداءة الطرقات والمسالك الفلاحية. المستوى المعيشي للسكان في درة المتوسط رغم امتيازاتها لا يختلف عن نظيره داخل الجمهورية و كل ما في الامر أن الكثيرين يقصدون الحمامات للراحة والاستجمام ويحاولون الاستقرار فيها نظرا لمزاياها الطبيعية مثلما كان يفعل الطرابلسية حيث افتكوا أحسن المواقع بها على الشريط الساحلي من أبناء الحمامات وشّيدوا بها قصورا وفيلات فخمة أسوة بالمخلوع الذي بنى قصرا مترامي الاطراف في منطقة «المرازقة» على ضيعة فلاحية افتكها من صاحبها بدعوى المصلحة العامة. قد لا يعلم أغلب التونسيين أن بعض أبناء الحمامات افتكت منهم أراضي أجدادهم الكائنة على البحر بلا ثمن ثم حرموا من الاقتراب منها لارتياد البحر والسباحة.