عشرات من المواطنين وأعوان الأمن والحماية المدنية وأفراد الجيش وعمال السكك الحديدية، لا شيء يجمع بين هؤلاء غير أفواههم المفتوحة وأعينهم الزائغة دهشة لهول ما يشاهدون. هكذا كان المشهد صباح أمس في مدينة بوعرقوب قرب محطة القطار. «هذه بقايا لحم إحدى الضحيتين وهذا حذاؤه أو حذاء مرافقه..» يغير أحد شهود العيان إصبعه من مكان إلى آخر وهو يصف لنا هول الحادثة بما يدل عليه. كان يغط في نوم عميق عندما أفاق منه حوالي الخامسة والربع من فجر أمس (السبت) على ما يشبه الزلزال «ظنناها رجة أرضية قوية فحمدنا الله على سلامتنا ولم نتبين حقيقة الأمر إلا بعد ساعات». في المقابل كان أحد أعوان الحماية المدنية أول من لحق بمكان الواقعة: «تلقينا مكالمة هاتفية حوالي الخامسة وعشرين دقيقة.. كان الخبر مفجعا لأنه يتحدث عن انقلاب قطار وأحسسنا بشيء من الراحة عندما علمنا أنه قطار بضائع لكن ما شاهدناه بمجرد وصولنا كان صاعقا...» يطوف بنا العون من مكان إلى آخر حول عربات القطار المكدسة بعضها فوق بعض ويضيف: «هنا وجدنا إحدى الضحيتين وقد انقسمت جثة صاحبها إلى نصفين بين عربتين، وهناك وجدنا مرافقه ملقى أرضا وقد انشطرت جثته إلى نصفين أيضا...» كانت عربات القطار المحطمة متناثرة على يسار خطي السكة الحديدية في اتجاه العاصمة حيث توجد غابة زيتون «الحمد لله أنها لم تنقلب على الجهة اليمنى حيث المحلات السكنية والتجارية» هكذا علق أحد الحاضرين فيما قاطعه آخر «بل الحمد لله أنه لم يكن ينقل المسافرين». وحسب ما جمعناه من معلومات فإن القطار انطلق من محطة صفاقس محملا بالبضائع (أغلبها أكياس تحوي مادة الأمونيتر)، وقد تعرض إلى عطب قبيل وصوله إلى محطة بئر بورقبة المجاورة فتم إصلاحه قبل أن يواصل طريقه القصير نسبيا في اتجاه بوعرقوب لكنه حاد عن طريقه وانقلب على مستوى محوّل السكة الحديدية. هل يتعلق الأمر بخطإ بشري في فتح المحول أم يرتبط بالسرعة المفرطة أم يعود إلى عطب فني؟ لا أحد يملك الإجابة القاطعة بما أن التحقيقات لا تزال في بدايتها. ولكن أحد المسؤولين يؤكد أن القاطرة تحتوي على ما يشبه الصندوق الأسود إذ بالإمكان تحديد سرعة القطار لحظة الواقعة ومميزات الفرملة وغيرها قبل تحديد سبب الحادث بدقة خلال يوم أو يومين.