ثلاثة أيام وينزل الستار عن سنة 2011، هذه السنة التي ضجت بالاحداث وستبقى راسخة في أذهان التونسيين، وستكون جزءا هاما من التاريخ الحديث لتونس وقد تدرس في المعاهد والجامعات. هي سنة الثورة التي أطاحت بنظام بن علي وعصفت على بعض الدول العربية كليبيا ومصر والباقي في الطريق، هذا على المستوى السياسي لكن كانت هذه السنة متميزة أيضا على المستوى الرياضي وخاصة لسيدات الرياضة التونسية اللاتي تألقن وأبدعن وتحصلن على أهم التتويجات العالمية لتشرفن راية تونس عاليا بأخلاقهن أيضا ومواقفهن السياسية المشرفة، فشكرا لبطلة رولان غاروس أنس جابر التي تحصلت على لقب ثاني أهم دورات التنس في العالم كما نرفع القبعة لحبيبة الغريبي التي تحصّلت على الميدالية الفضية في بطولة العالم لألعاب القوى ولعزة بسباس بطلة افريقيا، ولشقيقتها سارة التي رفضت منازلة اسرائيلية ولبنات الكرة الحديدية بطلات العالم، ولفرح بن خليل مستقبل السباحة في تونس، وغيرهن ممن أدخلن السعادة على قلوبنا، ورسمن ابتسامة على وجوهنا، وأثبتن أن الرياضة النسائية في تونس «فعل لا قول». بطلة رولان غاروس في ثاني نهائي لها في رولان غاروس استطاعت بطلتنا الصغيرة أنس جابر الظفر بلقب كان حكرا على بنات أوروبا وأمريكا، وأذهلت أنس العالم حين فازت في فرنسا بلقب أهم دورات الكرة الصفراء في العالم، توّجت أنس في بعض البلدان العربية بلقب أفضل رياضية لسنة 2011، اعترافا لها بقيمة هذا الانجاز، فهي أول عربية تتحصل على هذا اللقب الغالي، ورغم قيمة هذا التتويج فلم تقف أنس عند هذا الحد بل واصلت مشوارها الرياضي بتميز وثبات الى أن دقّت باب أكبر أكاديمية رياضية في العالم ببلجيكا لتكون احدى نزيلاته حيث تقول في هذا الشأن «هذه الأكاديمية بالنسبة لي نقلة هامة في مشواري الرياضي لأني أسعى الى أن أكون من الصف الاول في رياضة التنس في العالم وأن أرفع علم تونس عاليا أينما كنت وهذا واجبي لتونس». حبيبة... بطلة من ذهب أحرزت حبيبة الغريبي الميدالية الفضية في سباق 3000م موانع ضمن بطولة العالم لألعاب القوى التي استضافتها كوريا الجنوبية وتعتبر هذه الميدالية هي الثانية للعرب بعد برنزية حاتم غولة في سباق 20 كلم مشيا في اليابان في 2007. وحبيبة الغريبي رغم حصولها على المرتبة السادسة في برلين 2009 الا أنها وعدت جمهورها آنذاك بأنها لن ترضى بهذه النتيجة، فوعدت وصدقت لتتميز في 2011، وتهدي ميداليتها الى الشعب التونسي الذي عاش فترات صعبة في بداية هذه السنة حيث تقول «أهدي هذه الميدالية الى شعب جبار استطاع أن يصنع تاريخه بنفسه، فشكرا لهذا الوطن الكبير». فرح بن خليل: تسبح في 12 ميدالية ذهبية عالم السباحة لا يقتصر على أبطال فقط مثل أسامة الملولي قرش افريقيا أو تقيّ مرابط أو أحمد المثلوثي أو وسيم اللومي، بل أيضا لبطلاتنا مكانة هامة في المسبح ولعل فرح بن خليل الحاصلة على 12 ميدالية ذهبية في البطولة العربية بالجزائر كانت أحسن مثال على ما قلناه، فهذه الشابة الصغيرة استطاعت أن تحفر اسمها في ميدان ذكوري رغم أن تاريخ تونس الرياضي كان ينعم بأسماء أهم السباحات في العالم العربي مثل مريم الميزوني وسندة الغربي وفاتن غطاس وغيرهن، وها هي فرح تعيد مجد السباحة للسيدات. الأخوات بسباس: بطولة ومواقف من منّا لا يعرف عزّة بسباس بطلة افريقيا في المبارزة، ومن شدّة تداول اسمها في عالم الرياضة أخطأ الجميع عدانا في اسم شقيقتها سارة بسباس التي رفضت منازلة اسرائيلية في بطولة العالم بإيطاليا، ليلقى موقفها صدى عربيا وعالميا على هذا القرار الصائب الداعم لحق شعبنا الفلسطيني الأبي الذي يعاني تحت دبابات الاسرائيليين، ونعود الى عزة التي أبهرت الجميع في الألعاب العربية الأخيرة بقطر ومنحت تونس أول ذهبية في المبارزة، وبفضل عزيمتها مع باقي المبارزين والمبارزات استطاع منتخبنا الحصول على سبع ميداليات في هذه الدورة الهامة. أحلام قريسات: بطلة العالم في الملاكمة الفرنسية هي بطلة العالم لمرتين في سنة 2007 وفي سنة 2011 في الملاكمة الفرنسية، إننا نتحدث عن بطلة تونس والعالم في الملاكمة الفرنسية والتي اقتلعت البطولة لتهديها لتونس، وها هي الآن تحارب لتكون في صفوف سيدات الملاكمة المترّسخات للأولمبياد 2012، حيث تقول «حلمت بالعالمية ونجحت في تحقيقها، والآن أسعى الى تمثيل بلادي في الأولمبياد». بنات الحديدية: بطلات من طراز رفيع لم تقتصر الالقاب على الانجاز الفردي لبناتنا، بل أيضا على منتخباتنا النسائية، فقد فاز منتخبنا للسيدات في الكرة الحديدية الحرة ببطولة العالم بتركيا، وسيدات منتخبنا هن منى الباجي ومنية الصهال ونادية بن عبد السلام وسوسن بلعيد ليرفعن راية تونس عاليا، وهذا الفوز كان تتويجا لمجهوداتهن منذ فترة طويلة، والحلم يُبنى حجرة حجرة قبل أن يتجسّد على أرض الواقع. اخفاقات 2011 وداعا 2011 بجميع انجازاتك الرياضية سواء الايجابية او السلبية، فصحيح أننا استطعنا أن نتوّج بعديد الألقاب في هذه السنة الرياضية ولكن أخفق بعض سيدات الرياضية في مشوارهن هذا العام، فمنتخب سيدات اليد فشل في بطولة العالم بالبرازيل، وخسر عديد المقابلات وكان مردوده سيئا، أما سيدات كرة القدم فكان هذا العام بالنسبة لهن الأسوأ بجميع المقاييس، فلم يتأهلن للأولمبياد 2012 ولم ينجحن في أي تتويج لهن، وكانت الفضيحة حين لعبت ست بنات من صفوف المنتخب مع منتخب الامارات، وتتالت المشاكل في صفوفه وتغير المدرّبون وبقي المنتخب في حال تعيس. رغم أن... رغم النجاح والاخفاق للرياضة النسائية، الا أن سنة 2011 كانت متميزة على جميع المستويات وقرار الوزير السابق لوزارة الشباب والرياضة سليم شاكر ببعث إدارة فنية خاصة بهذا المجال كان صائبا، ومازلنا ننتظر هل سيجسد هذا القرار الهام على أرض الواقع أم سنذهب مع الريح بمجرّد وصول وزير جديد؟ المهم هو خروج هذه الرياضة من قمقم السياسة لتصنع نجاحا لتونس ومازالت سيدات الرياضة التونسية قادرات على العطاء في 2012.
