دعا رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس أمس أعضاء مجلس الهيئة الى الاجتماع غدا الاربعاء لتدارس ما عُرف بأزمة العمادة في الوقت الذي تأخرت فيه الجلسة أمام القضاء لحسم الخلاف. وقد اشتدّ الجدل بين المحامين حول أحقية العميد الحالي الأستاذ شوقي الطبيب بكرسي العمادة خاصة بعد صدور وثيقة امضاء 11 محاميا أمضوا بصفتهم أعضاء بالمجلس العلمي وبلجنة صياغة المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرخ في 20 أوت 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة. وقد تضمنت الوثيقة في نقطتها الأولى أنّ «شرط الأقدمية بعشر سنوات لدى التعقيب هو شرط أساسي ولازم وواجب توفّره مطلقا في كل الحالات سواء تعلق الأمر بانتخاب عادي أو لسدّ الشغور، وهو ما يؤكده ما ورد بالفقرة الأولى من الفصل 60 التي اقتضت أنه «يجب مراعاة أحكام الفصل 56» الذي ينصّ صراحة على أن المترشح للعمادة يجب أن يتوفر فيه شرط الأقدمية بعشر سنوات لدى التعقيب وفي كل الحالات». ودعت الوثيقة في فقرتها الثانية الى عدم الخلط بين الشروط والتحاجير. وقد أمضى على الوثيقة أسماء مثل الأزهر القروي الشابي العميد والوزير السابق وسمير العنابي وعبد اللطيف مامغلي والبشير الفرشيشي ونجيب بن يوسف ومحمد رشاد الفري. وجاءت هذه الوثيقة بعد وثيقة أخرى مناقضة تماما لهذا الرأي، وصدرت عن مجلس العمداء وأمضاها منصور الشفي وعبد الستار بن موسى والبشير الصيد وعبد الجليل بوراوي وعبد الوهاب الباهي، الذين أكدوا أحقية الأستاذ شوقي الطبيب بالعمادة ودعوا المحامين الى وحدة الصف. العميد الجديد يظهر أمام زائريه والمحامين وكأنه غير مبال بالتجاذبات والصراعات حول الكرسي الذي شغله منذ 5 جانفي 2012، بل كان منهمكا في العمل وامضاء العديد من الوثائق الادارية حتى لا يتعطل مرفق المحاماة. من جهته أفادنا الأستاذ فوزي بن مراد المحامي المكلف بالدفاع عن العميد الطبيب، بأنّ المجلس العلمي ليست له «صلاحيات الافتاء»، في القانون وهو هيكل وظيفته محدّدة حسب مقتضيات الفصل 73 من النظام الداخلي للهيئة المصادق عليه بتاريخ 9 ماي 2009 والذي ينصّ على أن المجلس العلمي «يضمّ الكفاءات المهنية والعلمية من المحامين ويجتمع بصفة دورية ويقترح برامج التكوين والندوات العلمية ومواضيع محاضرات التمرين ويلتئم بدعوة من العميد الذي يرأسه ويضبط جدول أعماله». وحسب هذا الفصل، فإنه لا يمكن له الفصل أو البت في الخلافات القانونية والانتخابية للمحامين. وأضاف بأن الاشكال ليس اشكالا قانونيا إنما ارتبط بتجاذبات سياسية، إذ كيف يختلف مجلس العمداء والمجلس العلمي على تأويل نص قانوني واحد، وقال إنّ هناك بعض الأطراف تدير خيوط اللعبة من خارج القطاع. وعن الفصل المتعلق بسدّ الشغور رأى محامي العميد بأنه فصل استثنائي في وضعية استثنائية. فمجلس الهيئة منتخب بمقتضى شروط قانون 1989 المنظم للمحاماة والذي لم يكن يستوجب شرط العشر سنوات لدى التعقيب للترشح لمنصب العميد، وبالتالي كانت هناك فرضية عدم توفر شرط العشر سنوات لدى كل أعضاء مجلس الهيئة وتمسك بشرعية الطبيب في العمادة. من جهة ثانية تداولت بعض الأطراف امكانية عودة العميد عبد الرزاق الكيلاني، الذي تمّ تعيينه وزيرا بالحكومة الحالية الى العمادة لحلّ الأزمة. فيما يرى المتمسكون بالقانون بأن عودة الكيلاني مستحيلة نظرا لاحالته على عدم المباشرة، وعودته تتطلب انتظارا لمدة أربعة أشهر. الوزير الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني قال في اتصال ب«الشروق» جوابا على ما أشيع حول عودته وبالتالي استقالته من الحكومة «انه اذا اقتضت مصلحة المحاماة أن أعود فإنني مستعدّ للعودة»، وحول احالته على عدم المباشرة قال«اني لم أقدم مطلبا في ذلك، إذ تمّت احالتي على عدم المباشرة من قبل رئيس الفرع الجهوي للمحامين مباشرة بمجرّد الاعلان عن الحكومة». ورغم تباين الآراء والمواقف حول تأويل الفصلين 56 و60 من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة، إلاّ أنّ العديد من الأطراف لا تخفي حقيقة وجود تجاذبات سواء داخل القطاع أو خارجه، لن تجد نهايتها بمجرّد صدور حكم قضائي أو اعطاء موقف صادر عن هيكل سواء كان معترفا به أو غير معترف بصلاحياته، بل ستكون متواصلة لتمهد الطريق لاستحقاقات المرحلة المقبلة.