التحقت عدة مدن صباح امس بقائمة المناطق التي تشهد هذه الايام احتجاجات واعتصامات وغلق للطرقات ادى جميعها الى شلل تام للحياة اليومية بتلك المناطق والخوف كل الخوف هو من امتداد الظاهرة الى اغلب المناطق وتواصلها الى ما لا نهاية، فما الحل؟ بداية موجة الاحتجاجات والاضرابات العامة الاخيرة انطلقت قبل ايام من الشمال الغربي وتحديدا من مدينة مكثر بولاية سليانة وادت الى اضراب عام وشلل تام بها، ثم امتدت الموجة الى مدينتي بورويس وكسرى من الولاية نفسها. اما في ولاية جندوبة فقد طالت الاحتجاجات والاضرابات جندوبةالمدينة ومدن غار الدماء والطريق الرابطة بين فرنانة وعين دراهم وكذلك طريق طبرقةتونسوطبرقةالجزائر . وفي الجنوب التونسي، تعيش مناطق الرديف ومدنين والصخيرة وجبنيانة حالات مختلفة ومتفاوتة من الاضرابات العامة والاحتجاجات والعصيان المدني. كما بلغ مدى الاعتصامات والاحتجاجات لاول مرة في تاريخ البلاد القصر الرئاسي بقرطاج حيث نفذ عدد من العاطلين عن العمل وقفة احتجاجية بعد ظهر امس امام الباب الرئيسي للقصر مطالبين بحقهم في الشغل. معادلة صعبة يقول المحتجون ومنفذو الاضرابات وعمليات غلق الطرقات ان ما يقومون به ليست له أية علاقة بالشان السياسي وكل ما في الامر هو انهم تونسيون محتاجون، عاطلون عن العمل، فاقدون لمقومات العيش الكريم، ومنهم من يذهب حد القول انه «جائع» وغير قادر على توفير قوته وقوت عائلته. واكثر من ذلك يرون ان ما تحقق في تونس من نجاح سياسي على امتداد العام الماضي لا يهمهم بقدر ما يهمهم انقاذهم من الوضعية الاجتماعية الصعبة التي يعانون منها.. اغلبهم يقول بالخصوص انه رغم مرور عام كامل على ثورتهم تجاه الظلم والفقر والبطالة الا ان اي من هذه الاهداف لم تتحقق لهم رغم وعود السياسيين على مدى عام كامل.. هم يستحضرون بالخصوص ما وعدتهم به حكومة محمد الغنوشي ومن بعدها حكومة الباجي قائد السبسي ومن بعدها وعود الاحزاب السياسية المشاركة في انتخابات اكتوبر الماضي واخيرا وعود حكومة حمادي الجبالي، لكن اي من هذه الوعود لم يتحقق الى الآن وزادت وضعياتهم سوء على سوء فلم يجدوا غير التحرك مجددا لايصال اصواتهم الى المسؤولين. وبقدر احقيتهم في هذه المطالب بقدر ما يواجهون «تهمة» المس من الصالح العام وتعطيل حرية الغير في العمل والتنقل، والمس من المصالح الخاصة للناس واصابة دواليب الدولة بالشلل التام. وهو ما نتجت عنه وقفة «مضادة» تجاههم تندد بما يقومون به وتدعو الحكومة للحزم في فك الاحتجاجات والاعتصامات. وتجد الحكومة نفسها تبعا لكل هذا امام معادلة صعبة : فمن جهة، هؤلاء لهم الحق في الاحتجاج ومن جهة اخرى ليس لهم الحق في الاساءة الى مصالح غيرهم. حالة طوارئ منذ 15 فيفري 2011 وبلادنا تعيش تحت حالة طوارئ التي ينظمها أمر صادر في 26 جانفي 1978 الذي ينص على أنه « يمكن إعلان حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية أو ببعضه إما في حالة خطر داهم ناتج عن نيل خطير من النظام العام وإما في حصول أحداث تكتسي بخطورتها صبغة كارثة عامة». ويعطي الإعلان عن حالة الطوارئ للوالي عدة صلاحيات منها منع جولان الأشخاص والعربات ومنع كل إضراب أو صد عن العمل وتنظيم إقامة الأشخاص وتحجير إقامة كل شخص يحاول بأي طريقة كانت عرقلة نشاط السلط العمومية... ونص الأمر على أن مخالفة هذه الأحكام تعرض للعقوبة بالسجن من 6 أشهر إلى سنتين وبخطية من 60 د إلى 2500د غير انه باجماع اغلب الملاحظين لم يقع تطبيق ما ورد في هذا النص القانوني بشكل فعلي على ارض الواقع منذ 15 جانفي 2011 الى الآن وكل ما في الامر هو تطبيق «خفيف» لم يرتق الى تطلعات المواطنين المطالبين بتوفير الامن وحرية العمل والتنقل، رغم تلويح الوزير الاول الاسبق الباجي قائد السبسي ذات مرة بتطبيق قانون الطوارئ بشكل فعلي حتى تسترجع الدولة «هيبتها»، لكن ذلك لم يحصل. قضايا ضد المعتصمين.. وقانون في نهاية شهر ديسمبر الماضي شرع عدد من المحامين في رفع قضايا امام المحاكم للمطالبة بمقاضاة المعتصمين، وبلغ عدد هذه القضايا الى حد الآن 6. ويقول المحامون رافعوا هذه القضايا انهم اعتمدوا على عدة نصوص قانونية تدين بما لا يدع مجالا للشك والاجتهاد المعتصمين والمحتجين بطرق عشوائية ( مع تاكيدهم على عبارة عشوائية بما ان الاحتجاج والاعتصام السلمي والمنظم والذي لا يلحق مضرة ببقية المواطنين وبالمصلحة العليا للبلاد يبقى حقا يكفله القانون ). و من بين النصوص القانونية التي اعتمدها هؤلاء المحامين في دعاواهم الفصل 250 من المجلة الجنائية الذي ينص على أنه «يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام كل من أوقف أو سجن أو حجز شخصا دون إذن قانوني» و الفصل 251 من نفس المجلة الذي جاء فيه أنه «يضاعف العقاب المنصوص عليه بالفصل 250 السابق: إذا صاحب الإيقاف أو السجن أو الحجز عنف أو تهديد أو إذا نفذت هذه العملية باستعمال سلاح أو بواسطة عدة أشخاص. كما ينص الفصل 79 من المجلة الجنائية على أن الأشخاص الذين كانوا من جملة جمع من شأنه إزعاج الراحة العامة وكان القصد منه ارتكاب جريمة أو منع تنفيذ قانون أو جبر أو حكم يعاقبون بالسجن مدة عامين. اما الفصل الفصل 388 مجلة الشغل أنه عندما يكون الإضراب أو الصد عن العمل مخالفين للقانون فإن كل من حرّض على مواصلة الإضراب أو الصد عن العمل أو شارك فيهما يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وثمانية أشهر وبخطية تتراوح بين 100 دينار و500 دينار. كما ينص الفصل الفصل 116 مجلة جنائية على أنه يعاقب بالسجن مدة ستة أشهر وبخطية قدرها مائتا فرنك كل من يعتدي بالعنف أو يهدد به للتطاول على موظف مباشر لوظيفته بالوجه القانوني أو على كل إنسان استنجد بوجه قانوني لإعانة ذلك الموظف ويعاقب بمثل ذلك الشخص الذي يعتدي بالعنف أو يهدد به موظفا لجبره على فعل أو عدم فعل أمر من علائق وظيفته وإذا كان المجرم مسلحا فالعقاب المستوجب هو السجن مدة ثلاثة أعوام والخطية خمسمائة فرنك. وينص الفصل 117 على ان العقاب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها مائتا دينار، إذا كان العصيان واقعا من أكثر من عشرة أفراد بدون سلاح وإذا كان شخصان على الأقل من الأشخاص المذكورين مسلحين فالعقاب المستوجب لجميعهم هو السجن مدة ستة أعوام.