شهدت عدة مناطق تابعة لمعتمدية المكنين مؤخرا عصيانا مدنيا عمد خلاله الأهالي إلى قطع الطرقات المؤدية إلى مختلف المدن القريبة منها بسبب احتجاجهم على عدم إدراج مناطقهم المحرومة في مشاريع التنمية وحرمانها من الأموال المخصصة لذلك. حالة العصيان المدني شملت كل المؤسسات التربوية والإدارية في المناطق الريفية على غرار عميرة التوازرة والفحول والجنايحة وبئر الطيب وشراحيل وحاتم وغيرها من المناطق التي عاشت مدة طويلة مهمشة و حالة الانفعال الشديد مست كل الأهالي بلا استثناء فخرجوا إلى الشوارع الرئيسية للتعبير عن ارائهم وتبليغ أصواتهم للحكومة الجديدة وإعلامها بأن المناطق الريفية لولاية المنستير ليست أفضل حالا من بقية المدن في الولايات الداخلية وأن الواقع يفرض أن تتمتع بدورها بنصيبها في التنمية وهي التي كانت محرومة منه في ظل النظام البائد. «الشروق» تحوّلت إلى عميرة وتحدثت إلى المواطنين الذين كانوا ساخطين على المسؤولين الذين حرموهم من نصيبهم في الأموال المرصودة للتنمية وقال السيد محمود بريك إن مناطقهم الريفية لم يتم برمجتها وإدراجها في المشاريع المستقبلية وكأن ولاية المنستير كلها نزل ومصانع ولا أرياف محرومة فيها وأضاف السيد المنجي بلحاج أن شباب مناطقهم مهمش والنقائص في عميرة الحجاج وغيرها لا تحصى ولا تعد فلا وجود لطرقات معبدة والعائلات الفقيرة كثيرة وبلا سند والخدمات الصحية متواضعة وهي تتمثل بالأساس في مستوصف يغلق أبوابه عند منتصف النهار ليبقى المواطنون في حيرة من أمرهم كلما أصاب أحد أفراد عائلاتهم مرض مفاجئ وتحدث بسام شرودة عن المناطق الريفية التي يعرفها وقال إنها تفتقر إلى أبسط المرافق الأساسية وأن الشباب العاطل عن العمل لا يعرف إلا المقاهي في ظل افتقار القرى للملاعب ودور الشباب ونوادي الإعلامية وحتى المدارس الابتدائية الموجودة في الجهة غير لائقة وجدرانها مشققة وبعضها غير مسيج وترتع فيه الحيوانات. بطالة الشباب وأشار السيد عبد الله جمعة إلى أن الثورة قامت من أجل الخبز والكرامة وأنهم كمواطنين شاركوا في إنجاحها دون حرق أو نهب أو تكسير للمنشآت مهما كانت بسيطة لكن أبناءهم من حاملي الشهائد العليا ما زالوا يشكون من البطالة ولا أحد التفت إليهم ثم إن الواقع يفرض أن تتمتع أرياف معتمدية المكنين وبقية الأرياف في ولاية المنستير بحقها في مجال التنمية وهي التي عاشت محرومة منه في عهد الرئيس المخلوع. وتأييدا لقول السيد عبد الله أفاد السيد بلقاسم جمعة أن نسبة البطالة في جهتهم وفي أوساط الشباب تقدر بتسعين بالمائة وهي نسبة كبيرة وأشار إلى أن تونس للتونسيين جميعا وأن مناطقهم محرومة وهي مناطق ظل وفي حاجة إلى رعاية كغيرها من مناطق الجمهورية. ومن جهته قال الشاب أحمد المي إن المناطق الريفية تعرف الإهمال التام ولا أحد يزورها أو يكترث لحال أهلها فالشباب ضائع تتلقفه الجدران والمقاهي والطلبات عديدة وكلها تتعلق بضمان العيش الكريم والفقر في تزايد مستمر والمشاريع مفقودة وأنهم لن يعودوا إلى بيوتهم إلا عندما تتحقق مطالبهم ويأخذون نصيبهم من الأموال المرصودة للتنمية في الجهات. نقائص بالجملة وفي تعبير عن شواغل المناطق الريفية قال السيد فرحات بريك: «من أين سأبدأ وعم سأحدثك؟ فالمنطقة بأكملها تشكو من فقر مدقع ومن غياب كلي للمرافق الأساسية فلا كهرباء ولا تنوير عمومي وحالة الطرقات رديئة ورغم أننا بلغنا تشكياتنا لوالي الجهة وللمعتمد فلا حياة لمن تنادي. ولتتحدث عن هموم المواطنين في المناطق الريفية اقتربت منا العجوز فاطمة جمعة لكن همها كان أكبر من هم الجميع فزوجها مسن ومعوق بعد أن فقد نعمة البصر وهي تعيش معه في غرفة آيلة للسقوط ليس لها مطبخ ولا وحدة صحية وهي تربي أحفادها بعد أن توفي ابنها ومع ذلك قالت إنها لا تتمتع بدفتر علاج مجاني ولا بمساعدات عينية وحتى زياراتها المتكررة إلى المرشدة الاجتماعية لم تجن منها غير الوعود والتطمينات الوهمية.