تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الاسبوعي» في أرياف سيدي بوزيد والقصرين
«الاسبوعي» في أرياف سيدي بوزيد والقصرين
نشر في الصباح يوم 11 - 04 - 2011

بعد التهميش والإقصاء آن أوان طي الصفحة السوداء لم تنطلق الشرارة الأولى للثورة الشعبية من سيدي بوزيد لتنتقل بعد ذلك الى مناطق القصرين من فراغ باعتبار المعاناة المريرة لهذه الجهات منذ الاستقلال.فقد عانت طويلا من الظلم والاستبداد واختلال التوازن الجهوي لتتجرع الحنظل في العهد البورقيبي الذي اقصاها من برامجه التنموية وتتذوق المرارة في نظام الرئيس المخلوع الذي تجاهل مطالبها الاجتماعية المشروعة.
وكان لابد ان ينعكس هذا الاقصاء على الواقع الاجتماعي والاقتصادي لهذه المناطق المحرومة ليعيش اهالي الارياف الحرمان في غياب مقومات العيش الكريم من ماء صالح للشراب ونوركهربائي وخدمات صحية وبنية تحتية.
«الاسبوعي» زارت منطقة بئرشعبان من معتمدية تالة بالقصرين وبعض المناطق الريفية التابعة لمعتمدية المزونة بسيدي بوزيد ورصدت مظاهرالتهميش والفقر والحرمان.كما تحدثت مع بعض الأهالي الذين عبروا عن ضرورة التفات السلط المسؤولة بعد الثورة الى مطالبهم بعد ان عانوا طويلا من الظلم والإقصاء لأنه حان الوقت لطي الصفحة الحالكة السواد التي عاشوا تفاصيل آلامها.

أرياف معتمدية المزونة بسيدي بوزيد
مناطق «ظل الظل».. تعيش على ضوء الشموع

رغم التهميش والاقصاء ؛ تمثل معتمدية المزونة التابعة لولاية سيدي بوزيد قطبا فلاحيا بارزا في شتي المجالات الإنتاجية غيرأن ما تعاني منه من نقص واضح في البنية التحتية والعناية الاجتماعية بفئات ذات احتياجات خصوصية كالمعاقين والأرامل والمسنين والمرضي والعاطلين عن العمل تسبب لها في معاناة حقيقية جراء التهميش والظلم واللامبالاة ما جعل من المدينة منطقة فقربالأساس بمختلف مناطقها لذلك تحولت «الأسبوعي» الى بعض مناطقها الريفية التي تشهد تدهورا أكثرمن غيرها ورصدت انطباعات الأهالي وخرجت بالتقرير التالي:

أكواخ وحرمان

ما يشد الانتباه هي تلك المشاهد المؤسفة التي تبصرها العين بين الفينة والأخرى التي لم تجد الرحمة والشفقة من مسؤولي العهد البائد الذي كرس الحرمان و التهميش والاحتقار بما تحمله الكلمة من معنى حيث يخال لك من الوهلة الأولي أن جل العائلات باتت علي عتبة الفقرأوأدني إذ التقينا بعائلة المواطن محمد بن صالح الناصر التي لا تزال إلي يومنا هذا يعيش بعض أفرادها في كوخ من قش. و يذكرأن الأب بلا مورد رزق وله 4 أبناء يزاولون تعليمهم بالكليات أحدهم متحصل علي شهادة الأستاذية في مادة الفيزياء. بدوره يعيش المواطن محمد بن صالح ظروفا اجتماعية صعبة وقاسية زادها عجزه عن العمل بسبب المرض و له ابن متحصل علي شهادة أستاذية في الإعلامية عاطل عن العمل. كما تواجه المواطنة العونية بنت ضو وهي أرملة مشاكل جمة بسبب ضعف الحال وغياب مورد رزق و لها ابن يدعي رضا انقطع عن دراسته الجامعية بسبب الظروف المادية الصعبة.وتعيش المواطنة ناجية بالغولة ظروفا مزرية وهي أرملة ولها ابن متحصل على شهادة الباكالوريا اضطرالى الانقطاع عن دراسته الجامعية بشعبة الحقوق بسبب وضعيته الاجتماعية القاسية.

النور الكهربائي مفقود

لئن كانت عدة مناطق تعاني من عديد المشاكل فان مشكلة متساكني دوار النواهي التابع لمنطقة غريس الشمالية عويصة منذ سنوات وهي انعدام التنوير الكهربائي. ففي وقت تتمتع فيه أغلب المناطق برغد العيش مازال سكان النواهي الى حد الآن من دون نوركهربائي وهم مستغربون من هذا التهميش والتجاهل المبالغ فيه من طرف السلط المحلية التي بلغت بها اللامبالاة الى حد نسيان المنطقة واقصائها من مختلف مشاريع التنمية وهي التي لا تبتعد كثيرا عن مركز المعتمدية وفي نفس السياق ولئن تم إيصال النورالكهربائي الى كل منازل منطقة 'الدوارة' فإن الاستثناء كان لعائلة صالح بالعيد بن عمرالذي مازال الى يومنا هذا صحبة أفراد عائلته يعيشون على ضوء الشمعة إذ التقينا مع ابنه مبروك وهو تلميذ بالسنة الثالثة ثانوي الذي أكدنا لنا أنه غير قادر حتى على مراجعة دروسه في ظل هذه الظروف التعيسة وهويناشد السلط إلى النظرفي وضعيتهم إضافة إلى مشكل آخرأثار استغراب أهالي مناطق عدة كمنطقة الدحارة وغدادة اللتين لم يتم الاستجابة إلى مطالب متساكنيها بتزويد مناطقهم بشبكة المياه رغم المطالب العديدة التي لم تجد أي رد من قبل السلط.

مناطق بلا مستوصفات

تعد منطقة»2 مارس» أحد الأرياف التي بقيت منسية ومهمشة منذ الاستقلال وظلت تستغيث في كل مرة ولا حياة لمن تنادي إذ تنعدم بها أبسط المرافق الأساسية التي يتطلبها العيش الكريم خاصة غياب مركزعلاج يؤوي المرضى فقد يضطر المريض في كل مرة إلى لتحول الى خارج المنطقة للعلاج إما الى مستشفى معتمدية المزونة أوالى مستوصف أولاد دلالة. فالأهالي ينتظرون الإصغاء الى مطلبهم البسيط ألا وهوالإسراع في بناء مستوصف بالجهة حتى يجنبهم المشقة و التعب والمصاريف الزائدة وهذا المطلب من بين المطالب المشروعة ولقد بلغت درجة التهميش التي طالت كل المناطق من طرف العهد السابق أشدها حتى إننا نتعرض في بعض الأحيان الى مظاهرتهميش تصدم كل زائرللمنطقة ومن بين هذه المظاهرمنطقة «الخيمة» الآهلة بالسكان فإنها الى حد هذه الأيام تفتقرالى مستوصف رغم أنها تضم عددا كبيرمن السكان وهوما يجعل السكان يتنقلون عديد الكيلومترات للتداوي في المزونة.ة أما عند هطول الامطارفان الوضع يزداد سوءا لغياب طريق معبدة تربط الخيمة بمركزالمعتمدية وهو ما جعل الجميع يستغرب هذا الإهمال والاقصاء الذي لن يكون الا متعمدا من المسؤولين السابقين.

قطاع الماشية مهمش

يبدوأن كل المجالات بالأرياف غيرمشجعة لتوفيرأرضية ملائمة للعيش الكريم فحتى قطاع الماشية الأكثر شيوعا بهذه الأرياف ظل لعشرات السنوات يعاني من التهميش وذلك لارتفاع أسعارالأعلاف والنقص الكبيرفي المراعي وغياب حوافز مالية لمربيه الأمرالذي جعل المواطن يقتسم دخله الشهري هذا إن وجد بين مصاريف العائلة ومصاريف الماشية وقدعبرلنا عدد كبير من أصحاب القطاع إلي ضرورة إيصال أصواتهم عبرأعمدة «الأسبوعي» إلى السلط المحلية لإيجاد الحلول العاجلة والناجعة التي تمس هذا القطاع قصد النهوض به في أسرع وقت ممكن.

طرقات رديئة

رغم اننا جبنا عديد الطرقات المعبدة بالأرياف التي زرناها فقد بدت وكأنها غير معبدة لسبب وحيد أنها باتت تمثل خطرا علي المارين وسائقي السيارات و التي كثيرا ما نجم عنها حوادث مريعة انتهت إما بالموت أو بتعرض المصابين آلي كسورورضوض متفاوتة الخطورة. والكل في معتمدية المزونة علي سبيل المثال يتذكر الحادث الأليم الذي جد في العام الماضي عند انقلاب سيارة نقل ريفي علي متنها ما يقارب ال25 فردا خلفت خسائرجسيمة وكنا أنذاك علي عين المكان وعاينا الأضرار.
ومن بين المشاكل نذكرالحفرالتي ما انفكت تتواجد بين المتروالأخرالى جانب تحول الطريق بعد نزول الامطار الى مستنقعات متفرقة تعطل السير العادي للمرور؛ فاغلب الطرقات التابعة لمعتمدية المزونة مازالت رديئة وفي حالة يرثى لها من ذلك الطريق الرئيسية 2 الرابطة بين منطقة الفوني والأعراض حيث تكاثرت به الحفر على امتداد 4 كيلومترات وأصبح بمثابة الغول الذي يهدد الأرواح البشرية في كل لحظة رغم أنها طريق تربط المنطقة بولاية صفاقس وقد اطلق بسببه عديد المواطنين صيحات فزع من ذلك ان المواطن صالح حامد نادى بضرورة تهيئة الطرقات وتحسينها لتجنب المخاطرالتي قد تنجرعن حالته السيئة.

بطالة أصحاب الشهائد معضلة لم تحل

لعل من أكثر الظواهر شيوعا بهذه الجهات المهمشة ظاهرة البطالة التي اكتسحت جميع شرائح المجتمع بمختلف أعمارهم ولهذا الغرض اتصل بنا المواطن محمد التليلي محجوب وهو متحصل علي شهادة أستاذية في علوم التصرف( تقنيات المحاسبة و المالية) دورة 2002 والماجستير في التصرف دورة 2008وقال "أنا كفيل عائلة معوزة ووفيرة العدد دون مورد رزق لدي أخوان صاحبا شهائد عليا يعانيان أيضا من البطالة، بالإضافة إلى كون والدي طاعن في السن و يعاني من أمراض مزمنة وهوغير قادر على العمل ومورد رزقه الوحيد منحة الشيخوخة» ويناشد محمد اليوم المصالح الجهوية لانتدابه في عمل قار يضمن له لقمة عيش مع أفراد عائلته.كما اكد لنا نورالدين دلالة متحصل على شهادة الأستاذية في الإعلامية انه عاطل عن العمل إلى جانب كونه حكم درجة 3 كان تابعالرابطة بنزرت يعانى هو أيضا الأمرين في بعض الفترات من التنقلات الأسبوعية لإدارة اللقاءات الخاصة بالأصناف الشابة نتيجة ضعفحاله و محدودية دخلعمله ثم بعد ذلك خير الانتقال إلى رابطة الجنوب الغربي بقفصة لكن الظرف الاستثاني المتمثل في قيام حكام هذه الرابطة بإضراب قبيل سقوط الرئيس المخلوع إضافة إلى الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد أجبره على عدم مواصلة المهنة في وقت هوفي حاجة أكثر من غيره الى العمل إذا ما علمنا أن والده يعاني من مرض ألزمه الفراش وهو يناشد حاليا الأطراف المسؤولة قصد مساعدته على تجاوزهذه المحنة العصيبة ليلوح له بصيص امل بعد ان عاش طويلا في ياس واحباط.
زياد عطية


بئرشعبان من معتمدية تالة
100عائلة معزولة.. طبيب.. مرة في الشهر.. ماء مقطوع منذ 5 سنوات.. وخشية من إعادة «مسرحية التنمية»

تبعد منطقة بئرشعبان قرابة 14 كلم عن مدينة تالة وتقع بأرض خصبة تحيط بها الجبال ويقطنها قرابة مائة عائلة.. لم نتمكّن من الوصول إليها إلا بعد كراء سيارة «مدرّبة» على قطع المسالك الوعرة رغم أن عمرها يفوق 30 سنة.. صعوبة الطريق جعلت سكانها محرمين من خدمات النقل الريفي وسيارات الأجرة وجعلتها منعزلة تماماعن القرى والمدن المجاورة خاصة في الأيام الممطرة .. وقد حدثنا صاحب السيارة التي استأجرناها انه اضطرفي احدى الليالي الممطرة الى نقل امرأة مريضة ولكنّ تراكم الأوحال وصعوبة الطريق جعلتهمايصلان المستشفى المحلي بتالة عند الخامسة صباحاولولا ألطاف الله لتوفيت المرأة بالطريق وروى لنا السائق ومرافقنا في رحلة المتاعب هذه أن قارورة الغاز أحيانا تكلف سكان تلك المنطقة أكثرمن عشرين دينارا منها 15 معلوم كراء السيارة والباقي ثمن قارورة الغاز..

غياب الخدمات الصحية

في الطريق اعترضنا عصام ذوالسبع سنوات رفقة أبيه الذي يضطر يوميا لقطع 14 كلم ذهابا وإيابا حتى يصلا إلى الطريق المعبدة التي تربط تالة بالقصرين ومنها يأخذان سيارة أجرة أو نقل ريفي لتوصلهما إلى مدينة تالة للقيام بالتلاقيح اللازمة لحالة عصام المريض لأن مستوصف القرية مغلق حسب قوله منذ مدة ولا يتوفربه نوع تلاقيحه كما انه يفتقرإلى أبسط المستلزمات الصحية الأساسية مما جعل وجوده كعدمه .. أما الطبيب فيزورالمنطقة مرة في الشهرإذا سمح الوضع بذلك ولم تمنعه أوحال الطريق عندما تنزل الأمطار...

«الأرض تطرح نقودا رومانية..»

أمّا المدرسة الموجودة وسط الدوارفهي تفتقرالى الماء الصالح للشراب إلا من حنفية مهجورة كتب عليها «الماء ثروة فلنحافظ عليه « ولكن هذا الشعاربقي بدون تجسيد لأن الماء غيرموجود أصلا حتى تتم المحافظة عليه ...التقينا بالسيد مصطفى القفصاوي الذي كان يرعى أغنامه بأرض متاخمة للدوّارليحدثنا عن صيّادي الكنوزوحفّاري الأثارالذين يتسللون الى القرية في جنح الظلام..مصطفى لم يكتفي بالحديث بل اصطحبنا إلى بعض الحفريات التي قام بها أناس غرباء اتوا على متن سيارات رباعية الدفع إلى هذه المنطقة الأثرية مجهزين بالات كشف عن المعادن كما اخبرنا أن هذه المنطقة كلها أثار ولكنها مهملة وقدم لنا قطعتين من النقود الرومانية شارحا لنا كيف أن مثل هذه القطع النقدية كثيرا ما يجدونها بعد نزول الأمطار لان المياه تجرفها و تخرجها من باطن الأرض وترمي بها على سطحها..

أين الماء الصالح للشراب

كما اصطحبنا إلى بئرعميقة محاذية للدواروقال محدثنا انّ هذه البئرقادرة على سقي قرابة 300 هكتار..ومنذ سنوات تم مد قرابة 22 كلم من القنوات فى نطاق مشروع يسمى مشروع تونس الوسطى مما جعل سكان هذه المنطقة يقبلون على زراعة الزيتون واللوز والتين وأشجار مثمرة أخرى ولكن منذ خمس سنوات تم قطع الماء على هذه المنطقة وبقيت البئر مهجورة ..وهو ما دفع بالسكان إلى شراء صهاريج الماء و صبّها في «مواجل» بنيت من الاسمنت اغلبها بقيت عرضة للأوساخ والأتربة والحشرات ومع ذلك فهم مجبرون على شرب مياه غيرمراقبة صحيا .
ونحن على مشارف القرية اعترضتنا بسمة السائحي 26 سنة ؛متزوجة ولها ابنان ؛ قادمة من الغابة. كانت المرأة تحمل حزمة الحطب وعلى ظهرها ابنتها رماح ذات الأربع سنوات . ولما سألناها عن نشاط المرأة بهذه المنطقة أجابت بعد تنهيدة عميقة : «في هذه الربوع نحن لا نعرف إلا الشقاء والتعب..نحن نقطع الحطب من الغابة لطهي الطعام وتوفيرالدفء في الأيام الباردة..ونعتني ببعض الشياه ذلك هوعملنا وموردنا الوحيد ..الحياة بالنسبة لنا بدون طعم.. نعيش خارج الزمان وهدفنا هوتأمين قوتنا حتى لا نموت جوعا» .

حازم.. لا يعرف البحر

أما المفاجأة الكبرى فكانت مع الطفل حازم 8 سنوات الذي يعيش وسط عائلة مكونة من 7 أفراد... الأبوان عاطلان عن العمل وكلهم يعيشون في بيت واحد رسمت أخاديد من الرطوبة على جدرانه ويكاد لا يحوي أي أثاث يذكر ...فهذا الطفل لا يعرف البحرولا يعرف مسرحا ولا يعرف أي آلة موسيقية ولم يشارك يوما ما في أي رحلة من الرحلات... المدينة الوحيدة التي زارها هي مدينة القصرين ولم تقدم له هدية ولا لعبة في أيام الأعياد فكل هذه الأشياء لا تمثل له شيئا.. له أمنية وحيدة هي النجاح في الدراسة أما بقية الطموحات فهي بالنسبة له بدون معني لأنه لا يعرف عن العالم الخارجي شيئا .يحب معلميه لأنهم يناضلون يوميا ليتعلّم هووأمثاله فهم يتنقلون يوميا على درجات نارية وأحيانا على الأقدام لتوفيرالعلم لأبناء هذه المنطقة...
كل الذين سألناهم عن - ماذا ينتظرون من الثورة كانت إجاباتهم «نحن صبرنا برشة ومازلنا صابرين إن شاء الله الأحوال تتغير»...

لا نعرف أي حزب..

أما الأحزاب السياسية فلا يعرفون عنها شيئا ولا يعرفون أي شخصية سياسية لكنهم مستعدون لمساندة من يبدي اهتماما بأوضاعهم ويساعدهم على تحسين معيشتهم.
وهنا نلفت نظرالأحزاب السياسية التي تشاهد مظاهرالفقرعبرالمحطات التلفزيونية وعلى أعمدة الصحف أنه الى الآن رسائلهم لم تصل بعد الى الفئات الشعبية المنسية وما زال أمامها الكثير..فكما كان بن علي بعيدا عن واقع هذه الفئات المهمشة وهو يتصورأن ما تسوقه لهم وسائل الأعلام أقنعهم باختياراته التنموية وللمستقبل فانتم الآن تعيدون نفس المسرحية لأن التنظير فقط لا يحل مشاكل ومشاغل وواقع الجهات المحرومة فمنطقة بئرشعبان ما هي إلا عينة بسيطة من واقع اليم لفئات كثيرة مهمشة وما يوجد بهذا الدوارربماهوأحسن حالا مما يوجد بالملاحة - والقلاع - وادى الرشح والهياشرة- وعين الكرمة والجلال اولاد احمد وأغلبية أرياف ولاية القصرين والقائمة تطول. كما أن الحكومة الجديدة أمامها الكثير من التحديات . عملية التنمية الجهوية وما تعرضت له من تهميش خلال عهدي بورقيبة والرئيس المخلوع تتطلب الكثير من التخطيط المحكم والمعالجة الفعلية وأن هذه العائلات المحرومة هي في الحقيقة من قامت من أجلها الثورة لتزيح عنها الحيف الاجتماعي.والأكيد أن جلّ الولايات بها عديد المناطق التي ليست أحسن حظّا من منطقة بئر شعبان من ولاية القصرين..

كهرباء ..مع تأجيل التنفيذ

وأثناء عودتنا اطلعنا السيد رشيد السائحي صاحب السيارة التي حملتنا إلى هذه المنطقة عن وصلين قدما له من معتمد تالة السابق بتارخ 01/ 12/ 2009. حيث اجبرعلى دفع 100دينارا لفائدة صندوق 26/26 والوصل الثانى به 254 ديناربعنوان عداد الكهرباء الذي سيزود به بيته بمنطقة الشارولكن إلى اليوم لم يأت العداد ولم تأت الكهرباء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.