في خضم الزخم الحزبي الذي طغى على المشهد السياسي، وما أفرزته انتخابات 23 أكتوبر المنقضي تحالفات برزت خلالها أحزاب وخفت نشاط أخرى، في حين خيّر بعضها عدم المشاركة في هذه المبادرات على غرار تيار «الغد». الذي حصل على تأشيرة العمل القانوني يوم 16 جوان 2011، فماهي أسباب هذا القرار؟ وماهو موقفه من التحالفات الحزبية الأخيرة، ومن حكومة «الترويكا»؟ .. هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على الأستاذ محمود بالحاج عضو الهيئة التأسيسية لتيار «الغد» وعضو مكتبه السياسي المكلف بالجهات في الحوار التالي. باعتباركم عضو الهيئة التأسيسية لتيار «الغد» وعضو مكتبه السياسي المكلف بالجهات، بماذا تفسرون هذا الضمور في نشاطكم الحزبي داخل الجهات؟ بالعكس، لقد اتخذنا بعد مراقبتنا لطبيعة التفاعلات في الساحة السياسية وخاصة أثناء الحملات الانتخابية لموعد 23 أكتوبر الماضي قرارا بالنشاط داخل الجهات بعيدا عن ضوضاء الإعلام والاجتماعات واللقاءات ذات الطابع الاحتفالي، هذه الطريقة اعتمدتها عديد الأحزاب، بل أغلبها، حيث كنا نشاهد اجتماعات جماهيرية كبرى ومهرجانات فيها الكثير من البهرج، لكنها لم تنعكس إيجابا على الناخب وما أفرزته الصناديق من نتائج بخلاف تجربة «العريضة الشعبية» على سبيل المثال التي مرّت في صمت، لذلك قررنا العمل في هدوء، وعبر الاتصال المباشر بالمواطن، مع العلم أننا ركزنا إلى حد الآن جامعات في كل من جندوبة والقيروان والكاف والقيروان وقفصة وصفاقس ومدنين ونابل وزغوان وباجة وقابس وتونس الكبرى، إلى جانب مواصلة الحوار مع أنصار تيار «الغد» والمتعاطفين معه في باقي الجهات. من هذا المنطلق أين يتموقع تيار «الغد» في المشهد السياسي الوطني؟ أن ننظر إلى الأحزاب من جهة اليسار واليمين والوسط فهذه رؤية قديمة ولا تجد ما يطابقها في الواقع السياسي و«الخارطة» الايديولوجية، نحن تيار يؤمن ويقدس دور الدولة التعديلي والتوجيهي، ولكن لا بديل عندنا عن المنهاج التحررية في الاقتصاد ذي الطابع الاجتماعي، إذ لا مجال في مجتمعاتنا لاقتصاد ليبيرالي فج، هناك كذلك مسألة الثقافة والهوية وقيم الأصالة ومسألة الأسرة وتربية الأجيال والحفاظ على قيم العروبة والإسلام عبر فهم تونسي أصيل. إن الدفاع عن الأنا التونسية هويّة ومعيشة وكيانا هي الخيار والسبيل لبناء تونسالجديدة. لماذا لم نر لكم كحزب سياسي إلى حد الآن حضورا ضمن ما يبرم من تحالفات وائتلافات؟ هذه مسألة ما تزال غير مطروحة في الوقت الحاضر، واعتقد أن ما يُصاغ من مبادرات في هذا الاتجاه معظمها محكومة بانفعالية نتائج الانتخابات الأخيرة التي فاجأت الجميع، ونحن لم نشارك فيها كحزب سياسي لأسباب نراها منطقية وموضوعية. وما سبب عزوفكم عن المشاركة في هذه المبادرات.. هل لأنكم خفتم من الفشل؟ لماذا الخوف من الفشل، الفشل جزء من قانون اللعبة، نحن كنا تقدمنا بمبادرة الاستفتاء فجوبه بالرفض من أغلبية الأطراف بتعلّة أن المجلس التأسيسي هو الخيار الأنسب، فاقترحنا أن نقيّد عمله بالدستور، إلا أنهم ردّوا بأن لا سلطة على المجلس، هؤلاء الآن صاروا ينظّرون للاستفتاء، وللحدّ من سلطة المجلس التأسيسي ولكن بعد فوات الأوان. ماهو موقفكم من حكومة «الترويكا»؟ مواقفنا لا نبنيها من الحكومة في حد ذاتها، وإنما من سياساتها المتبعة، واعتقد انه لا مجال لأحكام متسرعة أو مسبقة، نحن نختلف معها في الطروحات، غير انه لا خلاف في أن تكون في السلطة، وسنحكم إما لها أو عليها بعد أن تتوضّح أكثر حقيقة سياساتها على أرض الواقع. هل سيعقد تيار «الغد» مؤتمره قريبا؟طبعا، ولكن بعد إنهاء النقاشات الجارية خاصة مع عدد من المثقفين والشخصيات الوطنية للالتحاق بالتيار، وعندها سنقرر تاريخ المؤتمر والموقف من المبادرات التوحيدية والجبهوية.