٭ تونس «الشروق»: أجرى الحوار: عبد الرؤوف بالي اعتبر الأمين العام لحركة التجديد السيد أحمد ابراهيم ان القطب الحداثي هو الضمان الوحيد لاستمرار المكاسب الحداثية. مستغربا «اختلاق» بعض الأطراف لمشاكل الخروج منه. فيما أكد أن انتماء كل من التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي إلى القطب كان سيجعله قادرا على قيادة البلاد في المرحلة الانتقالية. وأكد أحمد إبراهيم في حديث مع «الشروق» ان حزبه مستعد للذوبان والانصهار في حزب يوحد الحركات التقدمية. وان المواطن التونسي أصبح قادرا على التمييز بين البرامج الجدية والمزايدات الديماغوجية في الانتخابات. كما طالب وزارة الشؤون الاجتماعية بالقيام بواجبها والاشراف على موائد الافطار في رمضان المعظم لكي لا تستغلها بعض الأحزاب في الحملات الانتخابية باستعمال أموالها مجهولة المصدر. وأشار إلى أنه لا يحق لأي طرف أن ينصّب نفسه وصيا على الدين لخدمة أغراضه الحزبية الضيقة. وطالب الحكومة بعدم التغافل عن الظروف المادية والمعنوية التي يعاني منها جنود وضباط جيشنا الوطني وفي ما يلي نص الحوار: ٭ بداية ما مدى أهمية وجودكم في القطب الديمقراطي الحداثي؟ نحن في حركة التجديد دعونا دائما إلى تحالف واسع للقوى التقدمية والديمقراطية وهذا يعتبر من مكونات هويتنا، حيث ان الصعوبات التي تعترض البلاد لا يمكن أن يواجهها حزب بمفرده ونحن ننطلق من الرهان الحقيقي لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي هو رهان وطني قبل أن يكون رهانا حزبيا. والمطلوب من المجلس التأسيسي هو صياغة دستور للتونسيين جميعا ويكون ركيزة مختلف المؤسسات في البلاد طيلة عقود ولذلك اقترحنا تكوين قطب واسع ديمقراطي وحداثي ويعمل على أساس بناء الجمهورية الجديدة طبقا لمبادئ وقيم الثورة. ٭ ألا ترون أن تشكيلة القطب اليوم تضم أحزابا ومستقلين محسوبين على غير اليسار. فكيف تفسّر ذلك؟ نعتقد ان المشروع الديمقراطي الحداثي هو المشروع الذي يتماشى مع انتظارات أغلبية الشعب التونسي لذلك أردنا لهذا القطب أن يكون واسعا ولا يقتصر على اليسار وإنما يضم كل الحساسيات بما فيها أحزاب الوسط والأحزاب الليبرالية حتى نقدم معا للشعب برنامجا متكاملا واليوم تكون بمن قبل بالمبادئ والأرضية المشتركة سواء كانوا أحزابا أم جمعيات أم شخصيات مستقلة. ٭ وجهت الأحزاب المنسحبة من القطب العديد من الاتهامات إليه وإلى حركة التجديد، فكيف تردون؟ عندما تشكل القطب تشكل بحماس من طرف المكونات التي أمضت على إعلان المبادئ، بما فيها الأطراف التي قررت منذ أكثر من أسبوع تعليق مشاركتها ولم يكن لها مشكل مع التجديد بالعكس هم يعرفون جيدا أنه ليست هناك نية للهيمنة وإنما كثيرون منهم من شاركوا في صياغة المبادرة الوطنية لترشحي في 2009 ثم في تحالف «المواطنة والمساواة» في 2010 وتواصل ذلك إلى غاية 13 جانفي 2011 وهم يعرفون جيدا العلاقات مع التجديد. وبالتالي شخصيا أستغرب هذه التهمة وكذلك بالنسبة إلى المستقلين سواء كانوا أفرادا أو مبادرات هم من النشطين في تكوين القطب وجمع الأحزاب ولهم مكانهم كاملا في هذا القطب. أما بالنسبة إلى النقطة الأخيرة فلا أدري من هو العضو في القطب الذي لديه مشكلة مع مناهضة التطبيع فنحن في إعلان المبادئ أكدنا على مناهضتنا للصهيونية ودعمنا للشعب الفلسطيني وبالتالي لا أفهم لماذا يفتعل البعض المشاكل؟ فهم أحرار في الانسحاب إذ قرروا ذلك لأسباب تهمهم لكن دون أن يقع الركون إلى توجيه الاتهامات العشوائية وغير المنطقية وخاصة غير المفيدة لفكرة بناء الوحدة الديمقراطية والحداثية الواسعة. ٭ لماذا لم يتواجد التكتل من أجل العمل والحريات معكم في القطب خاصة انه لديكم تاريخ من التحالفات في عهد المخلوع؟ التكتل كانت لنا معه تحالفات واتفاقات على أمهات القضايا وكان من المفترض أن يكون عنصرا فاعلا داخل القطب وكذلك بالنسبة إلى الحزب الديمقراطي التقدمي، لأن انتماء هذين الحزبين إضافة إلى التجديد وأحزاب أخرى إلى هذا القطب كان من شأنه أن يشكل قوة سياسية قادرة على ربح ثقة الأغلبية وقادرة على قيادة البلاد في الفترة التأسيسية التي هي فترة تفترض اعتبار المصالح الحزبية ثانوية بالنسبة إلى المصلحة الوطنية في هذه الفترة. هذه التركيبة الواسعة التي كان الرأي العام ينتظرها لم تتحقق ولكن هذا لم يمنع تطبيق فكرة إنشاء قطب ديمقراطي حداثي من أحزاب ذات تيارات فكرية متنوعة وتلتقي حول المبادئ الحداثية الواضحة وهي فكرة صحيحة وواعدة. والقطب كما تشكل الآن وهو مرشح لأن يتوسع فيه ديناميكية توحيدية قوية وله قدرة على الاشعاع وعلى الاستقطاب ظهرت في أول اجتماع عام عقده في قصر المؤتمرات يوم السبت الماضي وكان نجاحه باهرا وهو يؤكد ان له مستقبلا في المعركة الانتخابية وذلك لأن أغلب المناضلين الديمقراطيين لا ينتمون إلى أحزاب ووجود القطب يجعل آلاف المواطنين غير المنتظمين حزبيا يدخلون المعركة بكل أريحية وهذا ما نعول عليه في الأشهر القادمة. ٭ راجت خلال السنوات الأخيرة فكرة أن حركة التجديد ولتغطي على ضعفها تدخل في تحالفات مع أي كان. فما رأيكم؟ هناك مفهوم مغلوط في الساحة السياسية في كونه يعتبر التحالف إجابة عن جل المشاكل الحزبية. حركة التجديد كانت دائما تفضل التحالف مثلا في 2004 دعونا إلى مبادرة ودخلنا في معركة ضد بن علي وفي 2009 أيضا وكنا قادرين على الدخول في كل الدوائر لكن الخيار هو التحالف أوسع ما أمكن مع القوى الديمقراطية. مفهوم وحدهم الضعفاء يتكتلون هو مفهوم خاطئ. فالقوة هي أن تكون قادرا على التعبير عن الشأن العام وكيفية إدارة التحالفات الواسعة خاصة ونحن في مرحلة تأسيس الجمهورية الجديدة والتي تعني الائتلاف حول المشاريع السياسية التقدمية. منذ مارس الماضي دعونا إلى التحالف كما فعلنا في السابق لأن هاجسنا ليس حزبيا وهاجس مناصب لإطارات الحزب وبعد انتخابات المجلس التأسيسي ستأتي الانتخابات البلدية والتشريعية وسندعو إلى التحالف. لكن اليوم نرى أن كل حزب يتصرف وكأنه سوف يأخذ السلطة وحده وهي عقلية «التجمع» ونعتقد انها انتهت معه. نحن عبرنا حتى عن موافقتنا على أن نذوب كحزب التجديد في حزب يؤكد القوى التقدمية. هناك وجهة نظر تقول لنتقدم متفرقين حتى نحصل على أكثر عدد من المقاعد. لكن نحن دعونا إلى التوحد منذ أول يوم على قاعدة برنامج قابل للاستمرارية. ٭ كيف تنظرون إلى مسألة المال السياسي وخاصة المتدفق من الخارج، وما موقفكم من مشروع قانون الأحزاب الذي أعدته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة؟ نحن مع عقلنة العمل السياسي والنضالي المبني على نكران الذات والتضحية والذي لا يخضع لأي اعتبارات انتهازية أو نفعية وهو ما يعني إدخال الأخلاق في العمل السياسي وتغليب مصلحة المجموعة على المصلحة الخاصة وصيانة العمل السياسي من كل مصادر التلوث وفي مقدمتها التلوث بالمال السياسي. لذلك نحن نحرص على إيجاد محاذير واضحة لتكون الغلبة للأفكار وللمقترحات وللجدية لا لوسائل شراء الضمائر والأصوات والولاءات والذمم كما كان معمولا به تحت النظام السابق. وهنا اقترح أن تتكفل وزارة الشؤون الاجتماعية بموائد الافطار في رمضان وبإعانة العائلات المعوزة في انتظار أن تنمو مكونات المجتمع المدني المستقلة عن الأحزاب. ولا يجب أن تكون هذه المهمة من مشمولات أي حزب خاصة ونحن على أبواب الانتخابات بدعوى ان لديه امكانات مادية لا نعلم من أين أتت وهي ممارسات كان يعتمدها «التجمّع». ٭ أي مستقبل ترونه للمشهد السياسي التونسي؟ المشهد السياسي يتجه نحو التبلور والتوضح ومن الطبيعي أنه وبعد عقود من التسلط والاستبداد ومنع كل امكانيات التأطير السياسي، ان تكثر الأحزاب والمبادرات ولكن حسب رأيي المشهد متجه نحو مزيد التبلور. ومع توضح المشاريع السياسية بدأت تظهر المشاريع التي تعتبر الديمقراطية ليست فقط آلية للوصول إلى السلطة وإنما كمجموعة من القيم الكونية التي هي في تناغم مع هوية بلادنا وشعبنا وحضارته العربية الاسلامية في جوانبها النيرة والعقلانية، مشاريع تحرص على الحفاظ على المكاسب الحداثية وتطويرها. ومن جهة أخرى هناك مشاريع تعتبر الديمقراطية آلية شكلية ووسيلة لاستلام السلطة للتراجع في المكاسب الحداثية. هذا الفرز بين المشاريع التي تريد المضي بتونس إلى الأمام والمشاريع التي تحمل مخاطر الارتداد الحضاري في طريقه إلى مزيد التوضح. قضية أخيرة وهي ان الرهان الأساسي بقطع النظر عن شكل النظام الجمهوري ومحتوى المؤسسات هناك القضية الأم التي من أجلها قامت الثوة وهي قضية التوزيع العادل للثروة الوطنية بما يعنيه ذلك من برامج وتوجيهات ومقترحات عملية لاخراج الجهات المحرومة من عزلتها وتمكينها من مقومات التنمية الشاملة والخروج من معضلة البطالة. ٭ هناك من الأحزاب من يرفض الفصل بين الدين والسياسة ومنهم الممثلون في الهيئة فكيف تنظرون إلى هذه المسألة؟ أنا لا أفهم منطق هذه الأطراف خاصة انها في عديد المرات صرحت بأنها مع تحييد المساجد وإبعادها عن الصراعات السياسية. كما انه وفي العقد الجمهوري نتفق جميعا على ان الفصل الأول المتعلق بالهوية هو أمر مفروغ منه ونتفق جميعا حوله. وبالتالي لا أفهم المزايدات وأعتقد انه لا حق لأي طرف بأن ينصب نفسه وصيا على الدين أو ناطقا باسم العقيدة أو ان يستغل الدين الذي هو قاسم مشترك بين جميع التونسيين، لخدمة أغراضه السياسية الضيقة.