خص المفكر القومي التونسي الدكتور محمد صالح الهرماسي جريدة «الشروق» برسالة توجه بها إلى رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي ندد خلالها بقراره طرد السفير السوري بتونس داعيا إياه إلى مراجعة القرار والتراجع عنه وفي مايلي نصّ الرسالة. تحية طيبة، وبعد فإني أجد صعوبة بالغة في فهم موقفك من الحكومة السورية، وتصريحاتك القديمة الجديدة بخصوص الشأن السوري، وبما أني لا أريد أن أفترض فيك سوء النية، وأغلب فرضية أن خلفيتك الحقوقية الانسانية هي التي جعلتك تنحاز انحيازا سافرا إلى طرف في الأزمة السورية وتشيطن الطرف الآخر، فإني أعتقد أنك يمكن أن تغير رأيك إذا اكتشفت أن الحقيقة على الأرض السورية هي غير ما تعرفه من خلال ما يقوله لك الطرف المعارض ومن ينطق باسمه من الفضائيات المعروفة، فأنت قبل كل شيء طالب حقيقة ولست طالب سلطة وجاه كما عرف عنك. السيد الرئيس أود أن تتأكد بداية أن هدفي من هذه الرسالة ليس الدفاع عن الحكومة السورية فلهذه الحكومة أخطاؤها التي لا أنكرها، ولكن الأخلاق التي لا تبيح لأحد انكار تلك الأخطاء هي نفسها التي يجب ألا تسمح لنا بأن نكيل التهم للحكومة السورية جزافا، ونجرمها دون دليل، ونتخذ، فوق ذلك، من القرارات العقابية بحقها ما نشاء فمثل هذا التصرف لا يضر ضررا بالغا بالطرف السوري المستهدف فقط بل يضر بمصالح بلدنا تونس أيضا لأن من قام ويقوم به هو رئيس الجمهورية الذي لا يجوز أن يقرر قطع العلاقات الديبلوماسية مع سوريا وإغلاق سفارتها في تونس إلا إذا كان لذلك مسوغات موضوعية مؤكدة لا تقبل أدنى شك، والحال أن مثل هذه المسوغات غير موجودة ، أو أن ما يتوفر منها أقل من أن يصلح أساسا لمثل هذا القرار الخطير. السيد الرئيس لقد كان بإمكانك مادمت لا تصدق رواية الحكومة السورية حول حقيقة الأحداث في بلدها أن تسأل طرفا محايدا، فمن قال أن رواية الطرف المعارض التي تأخذ بها صحيحة، وهل يكفي بعض الإعلام الذي ينكشف ، يوما بعد يوم، حجم خداعه وتضليله، دليلا قاطعا على صحتها وحجة كافية للقبول بها. وللأسف فقد تجاهلتم الطرف المحايد وهو بعثة المراقبين العرب التي تقدمت بتقريرها المعروف الذي تجاهلته الجامعة العربية للأسف وعملت على تغييبه نظرا لما أكده من حقائق تخالف قناعتها السياسية المسبقة وكان بإمكانكم أيضا لو خامركم الشك في مصداقية عمل اللجنة وتقريرها أن تسألوا مواطنينا التونسيين الأعضاء في البعثة لتجد عندهم الخبر اليقين، ولا أعتقد أنكم يمكن أن تشكوا في صدق ونزاهة هؤلاء. ولكنكم لم تفعلوا ذلك وهو شيء مستغرب من رجل طالما أعلن انحيازه إلى الحق ضد الظلم وإلى الحقيقة ضد الخطإ. السيد الرئيس مع غياب الأسباب الموضوعية يبدو قرار قطع العلاقات مع سوريا لا يخدم مصالح تونس الوطنية والتي عرفت تقليديا بالمواقف المعتدلة والوسطية والبعيدة عن الأهواء الشخصية وحسابات صراع المحاور الإقليمية والدولية...كما ينال من بلد يكن كل التقدير والمحبة لتونس وأهلها. وأنا على يقين من قدرتكم وحكمتكم على اتخاذ الخطوات المناسبة وإعادة النظر بهذا القرار إذ لم يفت الوقت بعد. والسلام د. محمد صالح الهرماسي مواطن تونسي ومناضل قومي مقيم بدمشق