في السنوات الماضية كان أصهار بن علي «الطرابلسية» يتدخلون في برمجة مهرجان قرطاج حسب مزاجهم ومصلحتهم المادية واليوم يريد وزير الثقافة التدخل لتوجيه الذوق العام لجمهور قرطاج. فالسيد المهدي مبروك بنفس السياسة وباسم «ديكتاتورية» الذوق السليم على حد تعبيره. أراد هو الآخر ان يوجه ذوق جمهور قرطاج حسب ذوقه الخاص وميولاته الشخصية أو ربما حسب مرجعيته الحزبية، فهل يعقل ان يتحدث وزير بمنطق «الجثث»؟! بعد ثورة قامت من أجل نبذ التعسف والعنف واعلاء الحريات! هل من حقه التدخل؟! يقول الوزير «حضور نانسي عجرم وإليسا الى قرطاج على جثتي» جاء هذا في تصريح له على احدى الموجات الاذاعية الخاصة. فهو يرى أن هذا النوع من الفنانين لا ترتقي الى مستوى عراقة قرطاج دون الأخذ بعين الاعتبار ذوق جمهور قرطاج المتنوع، فهذا المهرجان لا يقتصر على الكهول فحسب أو عشاق الطرب الأصيل بل هو جمهور مختلف باختلاف أعماره وأذواقه لذلك لابد من ارضاء جل الأذواق خاصة أننا نعلم جيدا أن إليسا ونانسي لهما جمهور عريض في تونس ولعل الحفلات التي أحيتاها في قرطاج خير دليل على ذلك. كما أنه اتضح بالكاشف أن مهرجانات دون فنانين أجانب وخاصة الفنانين اللبنانيين لا يتعدى جمهورهم بعض المئات و«ليالي قرطاج» 2011 أكدت لنا ذلك ما عدا بعض الفنانين التونسيين الذين لا يمكن الجدال حول قيمتهم الفنية وقاعدتهم الجماهيرية. نحن نحترم رأي السيد الوزير وذوقه الذي يعتبر خاصا وليس عاما لكن اختيار المشاركين في مهرجان قرطاج ليس من مشمولاته بل هي مهمة لجنة مختصة يترأسها مدير المهرجان وهذا القانون متعارف عليه في جميع المهرجانات الدولية. تأثير على العلاقات الثقافية بين البلدين ومن ناحية أخرى نسي السيد المهدي مبروك أن هذا القرار قد يؤثر على العلاقات الثقافية التونسية اللبنانية وقد لقي هذا التصريح ردود أفعال من الصحافة اللبنانية التي دعت عبر الموقع الالكتروني اللبناني «بصراحة كوم» الفنانين اللبنانين الى اتخاذ موقف موحد ومقاطعة كل الحفلات والمهرجانات التونسية واعتبر الموقع ان كرامة الفنانين من كرامة الدول التي يمثلونها داعيا في نفس الوقت المطربة اللبنانية فيروز الى رفض دعوة الوزير للمشاركة في مهرجان قرطاج الى حين الاعتذار رسميا من الفنانين الذين أهانهم حسب ما جاء في الموقع. ونفس الشيء دعت له نقابة الفنانين المحترفين في لبنان آملة في أن يعيد الوزير النظر في قراره حرصا على حتمية استمرار التواصل الثقافي والفني بين البلدين. ومن جهتها ردت الفنانة إليسا على تصريح الوزير بقولها «شرف لهم أن أشارك في مهرجان قرطاج على اعتبار قيمتها الفنية عربيا وعالميا» حسب اعتقادها طبعا. لكن وبالرغم من أنها من الفنانات اللاتي لديهن قاعدة جماهيرية كبرى في تونس وأيضا من الفنانات اللاتي يتدافع من أجلها الجمهور في مسرح قرطاج لكن القيمة الفنية لإليسا موضوع آخر قابل للنقاش. تداخل الصلاحيات! وما يهمنا ليس هذا أو ذاك وانما هذا التداخل في الصلاحيات لدى المسؤولين فوزير الثقافة مهمة أكبر من أن يكون «جثة» من أجل إليسا ونانسي! وصلاحياته بعيدة كل البعد عن منع شيرين عبد الوهاب أو ثامر حسني من المشاركة في مهرجان قرطاج! نحن نعلم جيدا ان القانون المنظم للسلطات حد من صلاحيات رئيس الدولة فلماذا لا يحد من صلاحيات الوزراء حتى يهتموا بملفات أكبر وأهم، لكنها مازالت قيد الرفوف، فجل القطاعات الثقافية تعاني التعطيل والتهميش... على غرار الفرقة الوطنية للموسيقى والمسرح الوطني وادارة المسرح التي مازالت كلها الى حد اليوم تنتظر دورة فيفري المخصصة للدعم لكن دون جدوى ودون توضيح! اتصلنا بالوزير وحاولنا معرفة موقفه من هذه الردود التي جاءت من الصحافة ونقابة الفنانين اللبنانيتين على اثر تصريحه الا أننا لم نجد من رد سوى انهاء المكالمة دون توضيح ودون الحصول على موقف الوزير!